"موجوع.. كأني أقف في غرفة لا نوافذ لها، حجرة بلا هواء يتجدد، فقط وحدها هموم الجوع، وملحمة (طور في ساقية) أخوضها يوميا، أوجاع تحيطني من كل جانب وتدهس رأسي الطفلة، لعلها النهاية أمام ما فعلته من خطايا في زمن متيبس الملامح"، هكذا قال لي صديقي، وهو لمن لا يعرفه أحد الكادحين في مجتمع "العبيد"، 4 أعمال مختلفة تجبره على ركوب المترو 6 مرات يوميا، "والبخت ضايع". تجري كأنك وحش في برية لا تحترم إلا الوحوش، وتقتات وحيدا في ركن على فتات كالأرانب، هكذا ستحيا في دوامة من الكدح والنصّب حتى حين، لكنك تملك سلاحا قد يوفر لك عناء الليل والنهار، عليك أن تسأل عنه "إعلامنا الشامخ"، أو "الست ريهام عفريت". كنت قديما أشفق على أبي، رحمه الله، من الطين الذي يلوث قدميه، بعد عودته من جولة "الشقا" الاعتيادية في أرضنا، والآن أدركت تماما أن ذاك الطين أطيب من قلوب بعض السارقين للأحلام، أنا حاقد على هؤلاء، ممن تاجروا بآمالنا وسرقوا بتجارتهم من قوتنا وأحلامنا، وفي المقابل لا أعبأ بزبانيتهم، الذين والوهم بعد نفاق، ومنحوهم بعض ما لي بعد "تعريض"، ولا أعبأ بأنهم يذمونني ليرضوا بذلك غرور أسيادهم. صديقي علي، يقول إن من يتحدث بحقك من خلفك يستشعر نقصا في نفسه عنك، يشعر أنه ضعيف أمامك وأن محنته النفسية تنتهي بذمك والإساءة إليك دون علمك، فتهدأ عندها نفسه ويطيب يومه، ويهنأ بمكاسبه التي اقتنصها ب"التعريض" على حسابك، والعجيب أنك لا تعبأ بمكاسبه بقدر ما تشفق على حاله وضياع رجولته، لأنك حتى لو قتلتك طعناته ستصرخ بعدها في السماء ك"أسد" يموت غدرا، بطعنة في الظهر، بينما قد يموت هو جبنًا أمام صرخاتك، ولعنات السماء التي انصبت على رأسه قصاصا لك. ربما يشعر البعض أن ما قرأه لم يكن مقالا كاشفا، لكني أحسب كذلك أني عبرت عن مشاعر كثيرين من قرائي، لو كان لي قراء أصلا، وأحسب أني أرحت نفسي من عبء "تلاقيح" الفيس بوك، التي اضطر أستاذي إسلام حامد اللجوء إليها بعد أن اكتشف اساءات بعض "المغرضين" له، أعتقد أن من يشاركني تلك المشاعر الحانقة على من خانوه لن يعتبر ما قرأه مجرد مقالا عاديا، بل سيعتبره "مقال ونص".