رواية "إمام آخر الزمان" باعت كثيراً للظن بأنها رواية دينية! فلسطين حاضرة في أعمال جبريل سواء بالتلميح أو التصريح "البحر يعطي أفق، وإسكندرية هي البحر وخارجها أشعر بغربة" هكذا تحدث المبدع والأديب الكبير عن عشقه للإسكندرية وخاصة حي "بحري"، قائلاً أكتب دوماً عن عالقة اليابسة بالبحر، ونشاط الإسكندرية ينبثق عن هذه العلاقة. يواصل: لي 38 رواية منهم 28 عن حي "بحري". جاء ذلك في الندوة التي نظمها مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، الذي يشرف عليه الناقد والأديب منير عتيبة ببيت السناري بالسيدة زينب مساء أمس الأربعاء. تحدث الكاتب حسام فاروق عن رواية جبريل "رجال الظل" مقدماً نصاً موازياً لها يضم افتباسات من الرواية، وجاء النص بعنوان "فضل" وهو بطل الرواية. أما المبدعة الشابة شيرين يونس فقدمت قراءة في رواية محمد جبريل "البحر أمامها" ووصفتها بأنها تتميز بسلاسة اللغة وبساطتها، وتحكي الرواية عن العلاقة بين جيلين هناء ورامي جيل، ونجاة ومحرم جيل آخر. نجاة الجدة تعقد دائماً مقارنة بين زوجها الراحل "محرم" وزوج ابنتها "رامي"، مثلاً أن الأب الراحل كان يأكل كل ما يقدم له بينما زوج الابنة يتدخل في كل شئ حتى في نوع الطعام. أما الأمور المشتركة بين الرجلين تكمن في الماديات واهتمام كل منهما بأسعار العملات. تستمر المقارنة طوال الرواية كما تشير شيرين يونس، لتمتد إلى رصد التحولات الاجتماعية على مدى جيلين، فمثلاُ نرى الجدة حين تسير في الشارع تلاحظ طول البنايات واختفاء الشرفات، لتصبح البنايات في النهاية شبه بعضها. الرواية تستمر في المقارنة بين الجيلين وبالتحديد العلاقة بين الذكر والأنثى. وتتغير الجدة بعد ذلك وتستطي مواجهة من يريدون الاستيلاء على منزلها وجعلها تقطن في دار للمسنين. ولفتت الكاتبة إلى ملمح مهم في الرواية وهو حديث الجدة مع الحفيد "باسم" عن القضية الفلسطينية ولماذا لم تحل إلى الآن، ليكون رد الحفيد عليها "اسألي بابا" في إشارة لتحميل هذا الجيل – جيل الأب – ضياع القضية. كذلك تتحدث الرواية عن عصر الانفتاح فيقول الكاتب على لسان أبطاله: "الانفتاح أعاد كل شئ إلى ما قبل البداية". قدمت كذلك الكاتبة منة طلعت قراءة عن رواية "البحر امامها" التي تقول أنها رأت بها فكرة الثورة، وكيف أن الجدة "نجاة" حافظت على وطنها أي "شقتها" لتعلق قائلة: رأيت فيها شعب كامل، خاصة أن المؤلف يقول: "الشقة التي شهد حياتنا هي وطننا". أما الكاتبة د.غادة العبسي فقدمت قراءة لرواية الأديب الكبير محمد جبريل بعنوان "صيد العصاري" التي وصفتها بأنها زاخرة في التفاصيل وبليغة في مجملها. ولفتت إلى أن الرواية تصنف من روايات الحرب التي تتحدث عن الحرب العالمية الأولى والثانية، تتحدث كذلك الرواية عن مذابح الأرمن على يد الأترك، وعن مفهوم الوطن بمعناه الإنساني وليس المحلي، الرواية كذلك توثق لكثير من جرائم الحرب. تقول الرواية: من المستحيل أن تختلق لنفسك وطن، الوطن حيث نشأت وكونت صداقات ونسجت العلاقات وألفت الأماكن. ذكريات هي في الذهن والوجدان حتى لو أغمض الإنسان عينيه. الرواية وفق الكاتبة تتحدث عن أزمة الهوية، كل أبطال الرواية عانوا من ذلك بدءاً من الصحفي والمناضل "صلاح بكر" الذي يدافع عن حقوق وطنه لكنه يعاني من اضطراره لكتابة بعض الموضوعات التي لا يقتنع بها، أو اضطراره للتخلي عن اسمه. صديقه الإخواني "فيصل" يعاني كذلك من التقية السياسية، وبين انتمائه للجماعة، و"نورا" هي فتاة من أبوين أرمنيين لكنها تعيش في "بحري" في الإسكندرية، آثرت الزواج من رجل يكبرها لتعود معه إلى وطنها من أن تظل وفية لحبيبها السكندري. أما دكتور "جارو" فهو طبيب أرمني يعاني من الرفض كأجنبي، الخلاصة أن الجميع بدوا قساة رغم حياتهم الصعبة. لنخرج من الرواية أن التجربة تقوي الإنسان وتصيب الآخرين ممن لم يعيشوا التجربة بالهشاشة. كذلك بدا في الرواية أن الصراع بين الثوار والإخوان "أبدي"، كذلك هناك مناقشة لقضية فسطين، وما يحدث في العراق. من جانبه قال مدير الندوة الكاتب منير عتيبة أن محمد جبريل استطاع الانطلاق من حي "بحري" في الإسكندرية ليعبر من خلاله عن العالم كله، أي أنه يتخذه متكئاً للحديث عن الإنسان في كل مكان. ولفت إلى أن القضية الفلسطينية حاضرة بقوة في أعمال جبريل سواء بالتلميح أو التصريح، وكذلك الغربة والوطن، والهوية والحرية والعدالة الاجتماعية. وفي كلمتها، تحدثت زينب العسال زوجة الكاتب محمد جبريل والناقدة المعروفة عن المقاومة في كتابات جبريل، وترى العسال أن المقاومة هي أساس مشروع جبريل؛ أن يظل الإنسان يقاوم وهذا سواء عن طريق فرد أو شعب. ولفتت إلى أن رواية "إمام آخر الزمان" بيعت منها نسخ كثيرة جداً، لأن البعض ظن أنها رواية دينية!. مشيرة إلى أنها تحب من أعماله "رباعية بحري" حيث أنها رأت بها ليست الإسكندرية فقط بل العالم كله.