بعد أن أمضى تسعة أعوام في الفضاء قطع خلالها رحلة طولها 4.8 مليار كيلو متر يستيقظ المسبار الآلي "نيو هورايزونز" التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية "ناسا" من سباته العميق ليباشر مهمة لم يسبق لها مثيل: دراسة الكوكب الجليدي القزم "بلوتو" والملكوت المحيط الذي يعرف باسم حزام كويبر. وانطلق جرس جهاز التنبيه المضبوط مسبقاً لإيقاظ المسبار "نيو هورايزونز" من حالة السكون الإلكترونية الساعة الثالثة عصر السبت بتوقيت شرق الولاياتالمتحدة (الساعة 20:00 بتوقيت جرينتش) غير أن فرق المراقبة الأرضية لم تتلق بعد تأكيداً حتى الساعة 9:30 مساء (الساعة 02:30 بتوقيت جرينتش اليوم الأحد)، وفقاً لما ورد يوكالة الأنباء "رويترز". ويسبح المسبار الآن على مسافة بعيدة للغاية لدرجة أن أي إشارات لاسلكية تنطلق منه بسرعة الضوء تستغرق أربع ساعات و25 دقيقة كي تصل إلى كوكب الأرض. وقال مديرو برنامج المسبار إن المشاهدات العلمية لبلوتو وأقماره والأجرام الأخرى المتجمدة في الفناء الخلفي للمجموعة الشمسية ستبدأ في 15 يناير كانون الثاني القادم. ومن المتوقع أن يحلق المسبار في أقرب نقطة له من كوكب بلوتو يوم 14 يوليو القادم. ويقبع بلوتو في حزام كويبر وهي منطقة متجمدة تدور بها كويكبات صغيرة في أفلاكها حول الشمس بعد كوكب نبتون ويعتقد أن هذه المنطقة تخلفت عن نشأة المجموعة الشمسية قبل 4.6 مليار عام. وحزام كويبر يعتبر آخر منطقة مجهولة بمجموعتنا الشمسية. وقال آلان ستيرن كبير الباحثين بالبرنامج، "من الصعب الاستهانة بحجم التطور الذي يحدث في نظرتنا لهندسة ومحتوى مجموعتنا الشمسية نتيجة لاكتشاف... حزام كويبر". ومنذ اكتشافه عام 1930 لا يزال بلوتو لغزاً محيراً، ويرجع ذلك في جزء منه لكونه صغير الحجم بالمقارنة بالكواكب الأخرى. ويبذل العلماء جهداً خارقاً في تفسير كيف أن كوكباً قطره لا يتجاوز 1190 كيلو متر يمكن أن يستمر في الوجود وسط كواكب عملاقة مثل المشترى وزحل وأورانوس ونبتون. وقال ستيرن، "نحن نتعجب لماذا يشذ بلوتو عن بقية الكواكب". وفي عام 1992 اكتشف علماء الفلك أن بلوتو -الذي يبعد عن الشمس مسافة تماثل بعد الأرض عن الشمس نحو أربعين مرة- ليس وحده الصغير الحجم ما دعا الاتحاد الفلكي الدولي لإعادة النظر في تعريفه ليخرج من دائرة كونه كوكباً. وفي عام 2006 وفيما كان المسبار "نيو هورايزونز" في طريقه للكوكب حرم بلوتو من لقب كوكب ومن كونه الكوكب التاسع من كواكب المجموعة الشمسية وبات كوكباً قزماً بعد أن اكتشف أكثر من ألف من أمثاله منذ اكتشافه ضمن حزام كويبر. وفيما يقترب المسبار "نيو هورايزونز" من أعتاب بلوتو يهفو العلماء لإلقاء أول نظرة مقربة من هذا الملكوت المجهول.