صندوق النقد العربي يدعو إلى الدقّة في البيانات المالية مما لاشك أن غياب البيانات والمعلومات الدقيقة في القطاع المالى كانت هي السبب الحقيقي في قيام الأزمة المالية التي مازال تأثيرها واضح علي القطاعات الاقتصادية العربية والعالمية، حيث ازداد تأثير الأزمة على عالمنا العربي الذي لم يستطع الإفلات أو تحاشي تأثيراتها حيث أنها طالت جميع القطاعات في الدول العربية من استثمارات خارجية وداخلية. وأكد الدكتور جاسم المناعي، المدير العام ورئيس مجلس الإدارة في صندوق النقد العربي أن من أهم أسباب وقوع الأزمات المالية والاقتصادية العالمية هو غياب البيانات الصحيحة والدقيقة عن القطاع المالي، الأمر الذي تعذّر معه اتخاذ إجراءات احترازية في حينه لدرء هذه الأزمات، وأدى بالتالي إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية التي نجمت عنها. وأشار المناعى إلى أن موضوع إعداد البيانات الإحصائية الدقيقة والصحيحة وتجميعها أصبح يحظى باهتمام كبير ومتزايد من قبل المعنيين باقتصادات الدول. ولفت في كلمة افتتح فيها في مقر الصندوق في أبوظبي "الدورة المشتركة حول الإحصاءات النقدية والمالية" التي نظمها "معهد السياسات الاقتصادية" في الصندوق خلال إطار برنامج التدريب الإقليمي المشترك، إلى عدد من الشواهد على ذلك منها تعثر بعض المؤسسات الكبرى، كشركتي "إنرون" و "و"ورلد كوم" الأمريكيتين، نتيجة لغياب المعلومات الدقيقة عن النشاطات والممارسات غير السليمة لهذه المؤسسات، الأمر الذي أدى إلى فشل هذه المؤسسات وإغلاقها وتكبّد الاقتصاد الأمريكي خسائر كبيرة. وأضاف المناعي، في كلمة ألقاها نيابة عنه مدير معهد السياسات الاقتصادية في الصندوق سعود البريكان، أن بروز هذه الأزمات أفرز وجود حاجة ملحة لإيجاد إطار عملي لتحضير البيانات بطريقة سليمة، ما دفع المؤسسات الدولية المعنية بسلامة اقتصادات الدول إلى العمل على إصدار إرشادات تساعد الدول في إعداد الإحصاءات النقدية والمالية ونشرها بطريقة ممنهجة. وصدر دليل في هذا الخصوص عام 2000 عن صندوق النقد الدولي، وشدد على أن موضوع تجميع البيانات الصحيحة وإعدادها هو «غاية في الأهمية، لأنه أولاً وأخيراً يصب في مصلحة الدول التي تنشر بياناتها في طريقة دقيقة وعلمية». وأشار المناعي إلى أن هناك أطراف لها مصلحة في توافر هذه البيانات لاستخدامها لأغراض متعددة، مشيراً إلى أن الحكومات تستخدم هذه البيانات للتخطيط الاقتصادي فيما تستخدمها المصارف المركزية لإعداد السياسة النقدية وتنفيذها والرقابة على النظام المالي، كما تستخدم البياناتِ أطرافٌ أخرى كالمستثمرين الأجانب والباحثين. ولفت إلى أن توافر البيانات الدقيقة والصحيحة يساعد على معرفة حجم التدفقات المالية الداخلة والخارجة إلى بلد معيّن. وأوضح المناعي في كلمته التي أوردتها صحيفة "الحياة" اللندنية : لا بد من أن تتصف هذه البيانات بالمصداقية والديناميكية والدقة وأن تنسجم مع المعايير الدولية، وأضاف أن تحقق ذلك فسيساعد على تطبيق مبدأ الشفافية والمساءلة بسهولة. وأكد أن الدورة تهدف إلى مساعدة المشاركين فيها على فهم الأساليب الممنهجة في تجميع البيانات النقدية والمالية وإعدادها، وعرضها وفقاً للإرشادات الصادرة عن صندوق النقد الدولي. وأشار إلى أن الدورة، التي تستمر حتى 8 إبريل المقبل ويشارك فيها 36 شخصاً من 19 دولة عربية، تشمل على محاضرات وحلقات ودراسات تطبيقية. وتركز على الإطار التحليلي للإحصاءات النقدية والمالية وتصنيف الأدوات المالية والتعديلات الفنّية لموازنات المؤسسات النقدية والمالية وتطور نشاط المؤسسات المالية والمصرفية وأساليب تصنيف البيانات المتعلقة بها وإعدادها، ودراسة حالات تطبيقية من الدول العربية. وأكد المناعي في وقت سابق أن الصندوق يعمل في مجال التصدي لتداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاديات العربية على سرعة الاستجابة لطلبات القروض والتعامل معها بصفة عاجلة، موضحاً أن الصندوق عمل على اقتراح نوافذ اقراضية جديدة تتلاءم مع الظروف المستجدة موضحا أن برنامج تمويل التجارة العربية التابع للصندوق تحرك بسبب الأزمة المالية العالمية فزاد من تسهيلاته الائتمانية لصالح التجارة العربية في وقت شحت فيه السيولة المطلوبة على ضوء تداعيات الأزمة .