لا تنهض دولة ما وصحة مواطنيها في خطر، ولا توجد صحة سليمة دون دواء سليم وفعّال، فغش الدواء في مصر أصبح ظاهرة خطيرة تستحق الوقوف أمامها لدق ناقوس الخطر والتحذير من انتشار "مافيا غش الدواء" التي لا يدفع ثمنها إلا المريض الفقير. لقد تزايدت حالات غش الدواء يوما بعد يوم، ومع زيادة نسبة الأمراض يتم المتاجرة بآلام البشر، فتشير الإحصائات إلى أن 12 % من المصريين مصابون بفيروس الكبد الوبائي، و8 % مصابون بأمراض الكلى، و150 ألف حالة إصابة سنويا بسرطانات مختلفة، ومع ذلك تنتشر الأدوية المغشوشة، فهل يتحمل المريض آلام مرضه؟ أم يتحمل ثمن الدواء المغشوش الذي لا يشفيه بل يزيده مرضا؟ لذلك أجرت شبكة الإعلام العربية «محيط» هذا الحوار مع وكيل نقابة الصيادلة بالقاهرة، الدكتور ماهر ندا، فإلى نص الحوار: حدثنا عن نقابة الصيادلة؟ جمهورية مصر العربية بها نقابة عامة تشمل نقابات المحافظات، وكل محافظة لها نقابة فرعية, والقاهرة بها أكبر نقابة ويوجد بها خمسة أعضاء فوق السن، وخمسة أعضاء تحت السن، ونقيب، في حين أن أغلب النقابات تتكون من ثلاثة أعضاء فقط ونقيب، ما عدا الإسكندرية التي تضم أربعة أعضاء من فوق وتحت السن. ماذا عن مفتشي النقابة وقيامهم بعملهم؟ عدد المفتشين في القاهرة وحدها نحو 1500 مفتش، والقاهرة تضم تفتيش محافظتي (القاهرة وحلوان )، وعدد هؤلاء المفتشين كبير إلا أنه غير كافٍ, فعدد الصيدليات في القاهرة وحدها 20,000 صيدلية، و1000 مخزن، ومن المفترض أن يكون لكل 50 صيدلية مفتش واحد، حتّى يتسنى له التفتيش على الصيدلية مرة أو مرتين كل الشهر. ما هي المشاكل التي يعاني منها التفتيش الصيدلي؟ يغلب على التفتيش الصيدلي العنصر النسائي، وذلك لأن عدد النساء الصيادلة أكثر من الرجال، ولكنهم أضعف منهم في عملية التفتيش، وذلك لطبيعتهم، وعدم قدرتهم على النزول لكثير من المناطق مثل: منشية ناصر, والكيلو 4,5 وغيرهم, فتلك المناطق إذا نزلت إليها مفتشة وحدها فمن الممكن في إحدي الصيدليات أن يغلقوا باب الصيدلية ويعتدوا عليها بالضرب و الإهانة وغير ذلك, بالإضافة إلى عدم وجود سيارات لنقل المفتشين إلى الصيدليات والمخازن للقيام بعملهم. ما هي الخدمات التي تحتاجها النقابة لمواجهة مشاكل التفتيش الصيدلي؟ نحنُ كنقابة طالبنا وزير الصحة، والإدارة المركزية للصيادلة، ومحافظ القاهرة، بضرورة حماية المفتش ويدخلوا معه الصيدلية أو المخزن لحمايته لحين الانتهاء من عملية التفتيش. وتوفير إمكانات بشرية وسيارات لنقل المفتشين إلى أماكن عملهم, بالإضافة إلى وجود موظفين معهم. من يجب محاسبته على الدواء المغشوش والمُهَرب في صيدليات مصر؟ لا يجب أن نلوم المفتشين, فهم إذا وجدوا دواءً مغشوشًا في صيدلية ما يتم معاقبة الصيدلي على ذلك، ولكن نحن لا نسأل أنفسنا من الذي هرب ذلك الدواء المغشوش أو من سمح بذلك؟ فيجب محاسبة المنافذ والجمارك لأن ذلك يعتبر تدليس وغش, وهذا المنطق يشبه منطق تجارة المخدرات، حيث يتم القبض على موزع المخدرات ولكن لا يتم التحقيق مع من سمح بدخول المخدرات من المنافذ، ونجد في آخر ذلك الخيط أن من يجب محاسبته من الممكن أن يكون مسئولاً كبيرا في الدولة, فإذا تم محاسبة رأس المشكلة أو الأزمة لن تكون هناك مشكلة من الأساس. ما هي المضايقات التي يتعرض لها مفتشي النقابة أثناء قيامهم بعملهم؟ يتم الاعتداء عليهم بالضرب والإهانة, وفي حالات المفتشين السيدات من الممكن أن تصل الاعتداءات إلى حد التحرش في "الأماكن العشوائية", ولذلك فإن كثيرا من المفتشين لا يقومون بتأدية عملهم في الأماكن "غير المؤمنة شرطيا، خوفا على أنفسهم من الاعتداء". تتراوح عدد الأدوية الناقصة في السوق نحو 300 دواء, ما هي البدائل لتلك الأدوية؟ هناك بدائل للأدوية الناقصة، وتكون مماثلة لها في المادة الفعالة مع اختلاف الشركة المصنعة للدواء وسعر الدواء، ولكن هنا لا يعرف المريض إذ كان هناك بديل لما يأخذه من دواء أم لا, لأن المريض إذا ذهب إلى طبيب متعاقد مع إحدى الشركات المصنعة للدواء يقوم بترويج منتجاتهم، وإعطاء المريض دواء تلك الشركة فقط، والإلحاح عليه بألا يشتري بديلاً له، وفي مقابل ذلك تقوم الشركة بإعطاء هدايا ثمينة لذلك الطبيب، ولكن هناك أيضا نواقص فعلية في أدوية "القلب والسكر" وتلك الأدوية ليس لها بدائل ولكن مصر تُصنع جزء منها وتستورد نحو 10% فقط. ما رأيك في مقولة أن الدواء الأجنبي أفضل من الدواء المصري؟ أنا لا اتفق مع تلك المقولة, ففعالية الدواء المصري تتطابق مع فعالية الدواء الأجنبي, ولإثبات ذلك قام الدكتور حاتم الجبلي، وزير الصحة الأسبق، بأحد الأبحاث له وأرسل مجموعة من الأدوية المصرية الموجودة في التأمين الصحي إلى معامل في فرنسا وجاءت النتيجة بأن الدواء المصري مُطابق للدواء العالمي، بل يفوقه في بعض الأحيان لأنه يُصنع ويباع هنا على عكس الدواء المستورد الذي قد يتعرض لمشاكل سوء التخزين أثناء تنقله بين الدول. ما هي الإجراءات التي يتم اتخاذها إذا علمتم أن هناك دواءً يضر المستهلك؟ في هذه الحالة ليست هناك أية عقوبات على الصيدلي، فقط يتم تحريز الدواء ويقوم المفتش برؤية الفاتورة الخاصة بالدواء إذا تأكد أن الدواء قادم للصيدلية أو مُشترى من الصيدلية بفاتورة رسمية، ويتم محاسبة الشركة المصنعة أو مصدر الفاتورة. كيف يعرف المريض أن الصيدلية تبيع دواءً مغشوشًا؟ الكثير من المرضى يتجهون إلى الصيدليات التي تقوم بعمل خصومات على الأدوية، لكنهم لا يعرفون حقيقة الأمر في عمل خصم على تلك الأدوية, والحقيقة هي أن غالبية هذه الصيدليات التي تقوم بعمل خصم تأكد أنها تبيع دواءً مغشوشا، وذلك لأن الصيدلي ربحه محدد عن الدواء المستورد 10%، أو 8%, و18% عن الدواء المحلي، وحين يقوم الصيدلي بعمل خصم 10%، على الدواء المحلي فإن ربحه لا يتعدى 8%، وذلك لا يكفي ثمن الكهرباء التي تحتاجها الصيدلية، أو ما يحتاجه الصيدلي لمعيشته, ولذلك يشتري الصيدلي الأدوية من أماكن غير موثوق فيها وغير معروف مصدرها. وما هي الجهة المسئولة عن معاقبة تلك الشركات التي تقوم بغش الأدوية؟ من المفترض أن الجهة المسئولة في اتخاذ إجراءات ضد هذه الشركات، هي وزارة الصحة، لكن الوزارة كلها فساد، والصيدلي الذي يشتري تلك الأدوية المغشوشة هو آخر من يُحاسب في تلك السلسلة المعقدة التي لا ذنب للمريض فيها. ما المشكلات التي تدور حول دواء مرض التهاب الكبد الوبائي "السوفالدي"؟ "السوفالدي" سعره في مصر أعلى من سعره في الكثير من الدول مثل الهند مثلاً، ومرض التهاب الكبد الوبائي، أصبح الآن وباءً، وهناك قانون ينص على أن الدولة التي يوجد بها وباء يورّد لها الدواء مجانا، وحتى الآن لم يستلم أحد هذا الدواء. ماذا عن تأثير الدواء المغشوش على المريض؟ الدواء المغشوش يؤثر بشكل سلبي على المريض، ويأتي له بأمراض أخرى ليس مريضا بها، كما أنها تدمر الكلى والكبد. ما هي متطلبات نقابة الصيادلة للفترة المقبلة؟ يجب أن يُعطي للنقابة دورا فعالاً حتى تستعيد مكانتها، ومن تلك المطالب؛ إنشاء هيئة عليا للدواء في مصر يرئسها صيدلي، وذلك إنقاذا لمصر من الإفلاس الدوائي، ولتكن مصر من الدول التي تصدر الدواء للخارج, لأن مصر من أقل الدول التي تصدر الدواء إلى دول العالم.