انطلقت منذ قليل فعاليات مؤتمر اتحاد الآثاريين العرب السابع عشر، والذي يشهده المقر الجديد للاتحاد بالشيخ زايد، بحضور وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي، ولفيف من أبرز الخبراء في الوطن العربي، كما حضرت شخصيات دينية بارزة ومنهم الداعية الدكتورة عبلة الكحلاوي . وقد قام المقر الجديد للاتحاد بمكرمة من الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة، وهو الذي كان قد دشن مقره السابق بجامعة القاهرة ، ليستعيد ما قام به هارون الرشيد قديما من تدشين دارا للحكمة التي انطلق منها الإشعاع الثقافي العربية . وقد عرض فيلم تسجيلي بصوت الفنان أحمد ماهر عن تاريخ اتحاد الآثاريين العرب، سجل تاريخ أجدادنا التي عاشت وستظل شاهدة على حضارة شعوبنا العربية، وكانت البداية 1978 بمسرح البالون بالقاهرة لبعض الآثاريين لكن اجتماعهم انفض دون الوصول للأمل المنشود وظلت الفكرة حتى 1994 ووجهت الدعوة للالتقاء في القرية الفرعونية بالقاهرة ولم تتمخض عن النتيجة المرجوة، وفي عام 1997 تم لقاء عربي مصغر بمدينة الرياض جمع بعض علماء الآثار وكانت أمنية الدكتور يوسف الأمين أن يتم الإعلان عن تجمع للأثاريين العرب من الخليج للمحيط، ثم وضعت خطة عمل بحيث تكون مصر بلد المقر والحاضنة للفعاليات، وليكون الدكتور علي رضوان هو المفوض لتحقيق الحلم والدكتور محمد الكحلاوي المنسق للمؤتمر، ووجهت الدعوة للمشاركة بهذا التجمع، فخرج هذا المولود من رسم المجلس العربي للدراسات العليا والذي أحاط تجمع الآثاريين برعاية بالغة حتى صار أكبر روافده . وفي المؤتمر الأول أكد الآثاريون أن عالمنا العربي يمتلك وحده نصف آثار العالم ومن هذا وجب اجتماعهم لصيانتها. وقد أعد الاتحاد أول وثيقة لحماية القدس من مخاطر التهويد، وآثار العراق التي تعرضت لغزوة بربرية، ونبه للمخاطر الجمة التي تتعرض لها الآثار في دمشق وغيرها من البلدان العربية. كما كرم الاتحاد أكثر من خمسين عالما من رواد الآثار العرب، قام بتدريب آلاف الأثريين من الشباب العرب، وقام بمواساة ذوي الآثريين العرب ، وكرم كل من ساهم بكشف الآثار العربية او إعادتها، والكتاب الذين تبنوا قضايا الآثار في الوطن العربي، ونشر الاتحاد أكثر من 5000 دراسة وبحث بمجالات الآثار والتاريخ والحضارة والترميم واللغات والمتاحف والتطبيقات الحديثة ، من خلال إصدار أكبر موسوعة للآثار العربية، وقام بإنشاء مكتبة ضخمة ضمت اثنى عشر ألف كتاب ورسالة علمية بعضها مجموعات خاصة قام أصحابها بإهدائها في حياتهم وأخرى تمت التوصية بها بعد وفاتهم، وشارك الاتحاد بمئات اللجان التي شكلت من اجل القدس والعديد من الآثار العربية فأصبح بيتا للخبرة له العضوية الدائمة في العديد من المنظمات الإقليمية المعنية بالتراث. واعتبر أمين عام الاتحاد الدكتور محمد الكحلاوي أن انعقاد المؤتمر في ظل الظروف التي تعيشها المنطقة العربية حالياً، صرخة تحذير وتنبيه للمخاطر الحقيقية التي تنال بشكل مباشر من المخزون التراثي العربي. وقال الدكتور الكحلاوي ان الاتحاد في هذا الإطار يدعو لعقد قمة عربية طارئة على مستوى رؤساء الحكومات للبحث في آليات التعامل مع الاعتداءات الكارثية على المسجد الأقصى والتي تهدد بانهياره، والتي كان الاتحاد قد نبه الى مخاطرها. واضاف ان الاتحاد يدعو للنظر في المخاطر الناجمة عن التطرف الفكري وأثره المدمر على مستقبل الآثار العربية، خاصة فى مصر وليبيا وتونس والعراق واليمن والصومال، وكذلك وضع حد للصراعات والانفلات الأمني في المنطقة. وأكد أن الاتحاد العام للآثاريين العرب ليس في مقدوره تفعيل ما يصدر عنه من توصيات إلى جانب شعوره بخيبة أمل نتيجة ما وصل إليه حال الأمة العربية وتقاعس المسئولين عن حماية مقدراتنا الثقافية وشرعنة اعتداءات التحالف الدولي على حرمة التراث العربي تحت مسمى "محاربة الإرهاب" دون تمييز للمواقع والمدن العربية التراثية التي أصبحت تسوى بالأرض من جراء التدمير وأعمال القصف العشوائي. من جانبه ذكر مقرر إعلام الاتحاد الدكتور عبد الرحيم ريحان، ان المؤتمر والذي سيعقد على مدى ثلاثة أيام في المقر الجديد للاتحاد، سيناقش 150 ورقة عمل من كافة الدول العربية، تبحث في مجالات الدراسات الأثرية والمتاحف وترميم الآثار . واضاف الدكتور ريحان ان المؤتمر والذي سينظمة الاتحاد بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) ، سيستعرض أحدث الاكتشافات الأثرية في الوطن العربي، ويخصص ورشة عمل للقضايا الأثرية الملحة في المنطقة العربية، خاصة في فلسطينالمحتلة. واوضح ان المؤتمر سيكشف النقاب عن تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بشكل يومي على المسجد الأقصى المبارك، ويخصص جلسة لمناقشة سبل حماية الآثار العربية في المناطق التي تشهد حروب وصراعات وانفلات أمني . ولفت مقرر الإعلام الى أن الاتحاد سيكرم علماء الآثار المتميزين في الوطن العربي وشباب الآثاريين ويمنح درع الاتحاد لأستاذة الآثار الإسلامية في كلية الآثار بجامعة القاهرة الدكتورة آمال العمري. واضاف ان الاتحاد العام للآثاريين العرب سيكرم ايضاً عدد من الفائزين بجائزة التفوق العلمي وهم الدكتور غيلان حمود غيلان من اليمن والدكتور على المدلوي من عمان والدكتور سامح البنا من مصر . يذكر أن الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، له اياد بيضاء كثيرة على الثقافة العربية ، فقد شرع بتدشين مقر جديد للمجمع العلمي، ومقرا لاتحاد المؤرخين العرب، ومقر لاتحاد الزراعيين العرب، إلى جانب دار الكتب والوثائق القومية بصرحها الجديد، وهو ما دعا الاتحاد لتكريمه بافتتاح مؤتمره الجديد