تواصل دولة الاحتلال مسلسلها الدرامى، لكسب حالة من التعاطف الدولى من خلال التباكى، واللعب على العواطف، لدى الرأي العام؛ فى محاولة منها للخروج من حالة العزلة، التى تزداد يوما بعد يوم؛ نتيجة لسقوط قناع الزيف، والخداع، والغش، والمؤامرة، التى كانت مختبئة خلفه، واستطاعت ان تحظى بثقة البعض، الذى انبرى ليدافع عنها وعن سياساتها، وافعالها، ولكن سرعان ما بدأت تتكشف الحقائق عن العنصرية، والفاشية التى تعيشها هذه الدويلة، ولم يكن الامر وليد الصدفة؛ بل جاء بجهد وعمل دبلوماسى دؤوب، فلسطينى وعربى، اسقط هذا القناع، واوقع اوراق التوت الصفراء، حتى ينكشف الاحتلال على حقيقته المجرمة، وعودة الى حالة العزلة، التى بدأت ثمارها؛ بعد ان استطاعت القيادة الفلسطينية ان تحصل على دولة بصفة مراقب بالأمم المتحدة، بتصويت اكثر من 138 دولة لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية، واعتراض 9 دول فقط، مما ادخل دولة الاحتلال الى حالة من العزلة الدولية، و دفع رئيس حكومته نتنياهو للمطالبة، بان يعترف الفلسطينيون بيهودية الدولة العبرية، فى تحد صارخ لكافة الاعراف، والاتفاقيات، والمواثيق الدولية، وحقوق الانسان، والحريات؛ لان اضفاء الصبغة الدينية يدخل الدولة فى اطار سياسة التمييز العنصرى، والعرقى، والدينى؛ الامر الذى رفض فلسطينيا لخطورته على الحقوق الفلسطينية، وخاصة حق العودة، وحقوق اهلنا الفلسطينيون المرابطون والقابضون على الجمر، والمتمسكون بحقهم فى ارضهم، الا ان الامر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل ازدادت وتيرة الخطاب السياسى الصهيونى للحكومة اليمنية بصبغة دينية، من خلال الدعوات المتتالية لاقتحام الاقصى ( زيارة كما يدعون) ومحاربة كل من يعترض او ينتقد الحكومة، ويكشف زيفها، و خداعها بمعاداة السامية، حتى اوجدت وزارة خارجية الاحتلال منصب سفير يختص فقط بالسامية، ومهمته تنحصر فى التحريض على القيادات المنتقدة لمواقف الاحتلال، باتهامهم بمعاداة السامية، من خلال الاجتماع مع السفراء من انحاء العالم كافة، مرورا بالعديد من الاحداث، والاعتداءات المتكررة على الاقصى، وحماية المستوطنين الذين يقتحمون الاقصى، والحفريات التى تجرى تحت المسجد الاقصى، ومنع المصلين من الصلاة بالمسجد الاقصى، ومحاربة المقدسيين، واعتقالهم، وسحب بطاقات الهوية الخاصة بهم، ومنعهم من ترميم منازلهم، ومصادرتها، وفرض الضرائب عليهم، فى محاولة لتفريغ المدينة المقدسة من سكانها، وحرق الفتى الشهيد محمد ابو خضير فى هولوكوست جديد، والاستيطان الذى لم يتوقف للحظة لعزل المدينة عن محيطها الاسلامى، وصولا الى اقتراح قوانين بالتقسيم الزمانى والمكانى للمسجد الاقصى، على غرار الحرم الابراهيمى، وغيرها من الجرائم التى ترتكب يوميا بالقدس الشريف، سواء بحق المقدسات الاسلامية، والمسيحية، على مسمع ومرأى الجميع، متذرعة دولة الاحتلال بحق اليهود فى ممارسة شعائرهم الدينية فى القدس على (ما اسموه حائط المبكى) الا ان الشئ الذى استوقفنى كثيرا ، ما تمر به المنطقة من احداث ومحاربة للإرهاب، والتطرف، فى كل مكان فى ظل حالة الكل يعلم فيها بان الارهاب لا دين له ولا وطن، وخاصة الجماعات الارهابية التى لم تجلب على شعوب المنطقة سوى الخراب والدمار، ولكن الشى الاكثر تأثيرا عندما تجد مندوب دولة الاحتلال فى الاممالمتحدة، اثناء مداخلته فى مناقشات مجلس الامن قبل يومين حول الاستيطان والانتهاكات فى المدينة المقدسة، يبدا حديثه بعرض لما يحصل فى المنطقة من تفجيرات بالعراق، وسورية، ومخالفات بالسعودية، وما يحدث فى اليمن، والمنطقة العربية بأكملها، وكانه يرسل رسالة للمجتمعين بان المشاكل، والارهاب، والانتهاكات هى فى الدول العربية فقط، بينما تمتع دولته بديمقراطية، واستقرار؛ تلك الدولة الراعية للإرهاب والتطرف الدينى، مكملا حديثه باستخدام الكتب الدينية، التوراه، والانجيل، مقتبسا بعض الفقرات منها، ليقول بان هذه الارض هى لليهود، وان اليهود لهم الحق بالعيش، والتوسع فى هذه المنطقة، فى محاولة تأثير دينى على الحاضرين واستقطاب تعاطفهم، متناسيا ان العرب الكنعانيون هم اول من سكنوا فلسطين، وعاشوا فيها، وان اليهود هم من جاءوا من اصقاع الارض ليحتلوا، ويستعمروا ،ويستوطنوا هذه الارض، ويطردوا سكانها الاصليين، عبر مجازرهم، ومذابحهم، التى ارتكبت فى دير ياسين، وكفر قاسم، وخانيونس، وكل الارض الفلسطينية، ويكمل بانه من حقهم ان يتوسعوا فى ارضهم، كما يدعى ويبنوا كما يشاؤوا، ولا يجوز لاحد الاعتراض على ذلك، غير مدرك بان هذه الارض هى ارض محتلة، وليس لهم الحق بالعيش فيها، والشئ الاكثر مرارة، بكلمته عندما قال بان القدس هى العاصمة الابدية لدولة الاحتلال، فى رسالة واضحة لسياسة دولة الاحتلال الرافضة لكافة المبادرات، والوصول الى حل ينهى حالة الصراع القائم، فرسالة الاحتلال التي حاول مندوبها ايصالها للمجتمع الدولى؛ بانه لا يوجد لليهود مكان سوى هنا فى فلسطين، والامر هذا يأتي وفقا لرؤى دينية بحتة، تؤمن بها الحكومة اليمنية المتطرفة، انتهاء بما يحدث فى القدس اخيرا من اجراءات كمنع الصلاة بالمسجد الاقصى، فى ظاهرة خطيرة للمرة الاولى تحدث، وفتح المسجد الاقصى امام المتطرفين، والمستوطنين لتدنيسه، وكان دولة الاحتلال وجدت مبتغاها للهروب من عزلتها، بنقل حالة الصراع السياسى، والقانونى، والوطنى، الى صراع دينى، مستغلة ما يجرى بالمنطقة من احداث، غير مدركة بان الشعب الفلسطينى سيدفع الغالى والنفيس، للدفاع عن مقدساته، وارضه ، ولن ينجر الى مربع الصراع الدينى؛ لان شعبنا يؤمن بحرية العبادة لكل الاديان، وحمايتها، والحفاظ عليها، ويؤمن بان الوطن يتسع للجميع، وان قضيتنا وصراعنا مع الاحتلال ينتهى بإعادة حقوقنا الوطنية المشروعة، وانهاء الاحتلال، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين الى ديارهم وفقا لقرارات الشرعية الدولية، فالدين لله والوطن للجميع.