علمتنى الحياة ألا أصدق المثل الذى يقول : " إعمل الخير وارمه البحر " . والمقصود منه ألا أنتظر شيئاً أو عائداً من الخير الذى تصنعه . لأنك رميته فى البحر وسوف يغرق ويرتد فى الأعماق إلى الأبد ! لكن الدنيا أكدت لى من أحداث حياتى نفسها . أن الخير لا يضيع أبداً . وأن كل عطاء لابد أن يكون له مردود فى يوم من الأيام . وأنك لا يمكن أبداً تزرع دون أن يأتى عليك يوم أو موسم الحصاد. وإذا كانت الكلمة الطيبة صدقة . فلابد أن العمل الخير صدقة أكبر . والله يربى الصدقات . وكل حسنة يفعلها الانسان يعطيه الله عشرة أمثالها . لكن كيف ومتى . هذا شىء لا يعرفه سوى الله وحده. واجهت فى الأيام الأخيرة محنة واختباراً صعباً . ووجدت نفسى ضعيفاً بلا حول ولا قوة بين المرض وإحساس الغربة . وظننت أنها النهاية . وأننى سوف أرحل عن هذه الدنيا وحيداً . وفى اللحظات التى فقدت فيها الأمل وغلبنى اليأس . وأظلمت الدنيا فى عينى . وضاقت الدنيا بى على ما رحبت . أحسست وكأن يد الله امتدت من السماء . لتحيطنى بالرعاية والأمن . وتنقذنى من الخطر . بعد أن ظننت أنها فعلاً النهاية . لكن أكثر ما شعرت به هو هذا التعاطف الانسانى الذى أحاط بى . من الذين أعرفهم ويحبوننى وأحبهم . والأهم والأغلب من أناس لا أعرفهم لكنهم يعرفوننى ويحبوننى . منهم من قال أنه صلى من أجلى ومنهم من أرسل لى الدعوات الصادقة عبر السماء . وتأكدت وسط إحساس العرفان وطوفان الحب . من أننى إذا كنت قد صنعت خيراً لأحد فى حياتى . فإن الله قد رد لى هذا الخير أضعافاً وقت محنتى . وأضاء كل هذا الشموع الصادقة فى ظلام أيام المحنة . الخير لا يضيع أبداً . والعمل الطيب باق . والحب فضيلة الانسان . ومنحة ورسالة الله .