يتعرض ما يقرب من نصف اللغات المحكية والبالغ عددها نحو 7000 لغة إلى الاندثار مع نهاية القرن الحالى، بحسب أحدث التوقعات. ووفق صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية فلا يوجد سبب واحد لانقراض اللغة. إلا أن بعض الأسباب الشائعة تدور حول هيمنة بعض اللغات مثل العربية والفرنسية والإنجليزية، والوصمات الاجتماعية التى تلحق باللغات الأقليات، وتعارضها مع الطرق التقليدية للحياة. تقول ماندانا سيفيدنيبر مديرة برنامج توثيق اللغات المهددة بالانقراض فى جامعة SOAS للدراسات الشرقية والأفريقية فى لندن: "إن فقدان لغة يمكن أن يعنى فقدان ثقافة كاملة". مضيفة أنه قد تكون هناك علاجات لأمراض قد لا يعلم بها أحد بسبب وفاة آخر متكلم للغة قديمة، خاصة فى عدم وجود من يفهم النصوص التى تركوها وراءهم. "عندما تموت لغة فإننا لن نتمكن أبدا من معرفة ماذا كان يعرف هؤلاء الناس". ويقول اللغويون إن العراق وسوريا قد زاد من الضغوط على اللغات المهددة بالانقراض. يقول لايل كامبل، مدير مشروع اللغات المهددة بالانقراض، "تُعرف اللغات المهددة بالانقراض بأن معظم ناطقيها من أقليات الشرق الأوسط. لكنهم اليوم إما يقتلون أو يتعرضون للقمع. تواجه بعض اللغات الشرقية خطر الانقراض خلال الستين سنة المقبلة". وبحسب كامبل، فإن اللغة الأرامية الحديثة التى يتحدث بها سكان الموصل ومنطقة سهل نينوى فى العراق هى اللغة الأكثر عرضة للانقراض فى الشرق الأوسط حاليا. إذ إن نحو 2000 شخص من الناطقين بهذه اللغة يتعرضون لمعاناة كبيرة على أيدى عناصر الدولة الإسلامية. تعود جذور هذه اللغة إلى الآرامية، التى يقول بعض الخبراء إنها اللغة التى تحدث بها السيد المسيح وحكام المنطقة. اللغات الموجودة فى الشرق الأوسط بعدد ناطقين أقل من 20 ألفا (مشروع اللغات المهددة بالانقراض) نسبيا، لا يعد العالم العربى من أكثر مناطق العالم فى التنوع اللغوى. تقول سيفيدنيبر: "اكتسحت اللغة العربية المنطقة على مر السنين وطغت على اللغات الأصغر". تقوم مساعى إنقاذ اللغة من الاندثار على مستويين. الأول هو توثيق ووصف اللغة بحيث يتمكن اللغويين فى المستقبل من دراستها وتعريف الأجيال القادمة بها. بينما يقوم المستوى الثانى على التنشيط من خلال زيادة عدد المتحدثين بهذه اللغة. وهو الأمر الأكثر صعوبة لكونه يتطلب من الباحثين توفير السياق الثقافى والاجتماعى للمجتمعات لتكون ثنائية اللغة. وبحسب سيفيدنيبر فإن معدلات النجاح منخفضة تاريخيا. ولمواجهة إحصائية سوداوية تتوقع اندثار نحو 3.500 لغة حول العالم، تصر سيفيدنيبر على أهمية جهود الحفاظ على اللغات الميتة حتى لو لم يتم النطق بها مجددا. تقول: "إن الطريقة التى نتكلم بها تحدد شكل التفكير. عندما تموت لغة نفقد حكمة مجتمع بأكمله".