تحتفل منظمة الصحة العالمية بعد غد باليوم العالمي للصحة النفسية 2014، تحت شعار "التعايش مع الفصام"، والفصام هو الاضطراب العقلي الذي يصيب حوالي واحد من كل 100 شخص، وهو يصيب الرجال والنساء بنفس النسبة، ويبدو أنه أكثر شيوعاً في المدن وفي بعض المناطق والأقليات العرقية، ومن النادر حدوث الإصابة به قبل سن 15 سنة، ولكن يمكن أن يبدأ في أي وقت بعد ذلك، وتتراوح أعمار أكثر المصابين بين 15 و35 سنة. ويحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية كل عام في يوم 10 أكتوبر لإذكاء الوعي العام بقضايا الصحة النفسية، والغرض من هذا اليوم هو إجراء مناقشات أكثر انفتاحاً بشأن الأمراض النفسية، وتوظيف الاستثمارات في الخدمات ووسائل الوقاية على حد سواء، وفقاً لما ذكرته وكالة "أنباء الشرق الأوسط". وأشارت الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2002 إلى أن 154 مليون نسمة يعانون من الاكتئاب على الصعيد العالمي، علماً بأن الاكتئاب ليس إلا أحد أنواع الأمراض النفسية، وكان أول الاحتفالات في عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية، وهى منظمة دولية للصحة النفسية مع أعضاء وشركاء في أكثر من 150 بلداً، وفي بعض البلدان مثل هذا اليوم هو جزء من عملية أكبر لأسبوع التوعية بمرض نفسي. وأشارت تقارير منظمة الصحة العالمية والاتحاد العالمي للصحة النفسية إلى أن عدد المصابين بمرض الفصام أو الانفصام العقلي بحوالي 45 مليون إنسان في بلدان العالم، وتصل نسبة الإصابة إلى 1% من السكان في أى مجتمع، ويمثل مرضى الفصام أكثر من 90% من نزلاء المصحات والمستشفيات العقلية، ويوجد أكثر من 50٪ من الأشخاص الذين يعانون الفصام لا يتلقون الرعاية الصحية المناسبة، وأن 90 % من مرضى الفصام غير المعالج يوجد في البلدان النامية. مرض الفصام والفصام أو الشيزوفرينيا، هو اضطراب حاد في الدماغ يشوه طريقة الشخص المصاب به في التفكير، التصرف، التعبير عن مشاعره، والنظر إلى الواقع ورؤية الوقائع والعلاقات المتبادلة بينه وبين المحيطين به. والأشخاص المصابون بمرض الفصام (وهو المرض الأصعب والأكثر تقييداً من بين جميع الأمراض النفسية المعروفة) يعانون بشكل عام من مشاكل وظيفية في المجتمع بمكان العمل، وفي المدرسة وفي علاقاتهم مع زوجاتهم - أزواجهن، وقد يسبب مرض الفصام للمصابين به الخوف والانطواء على النفس. والفصام هو مرض مزمن يلازم المصاب به طوال فترة حياته ولا يمكن معالجته، لكن يمكن السيطرة عليه بواسطة العلاجات الدوائية المناسبة. وخلافاً للفكرة الشائعة، فليس الفصام انفصاماً في الشخصية، بل هو عبارة عن اضطراب نفسي (ذهني) لا يستطيع الشخص المصاب به التفريق أو التمييز بين الواقع وبين الخيال، وقد يحدث أحياناً أن يفقد شخص مصاب باضطراب نفسي ارتباطه بالواقع. ويهيأ للمصابين بمرض الفصام أن العالم المحيط بهم مركب من خليط كبير من الأفكار، المناظر والنغمات، وقد يكون السلوك المميز للأشخاص المصابين بمرض الفصام غريباً جداً، بل مرعباً أحياناً، والتغيير المفاجئ الذي يحصل في شخصية المريض أو في سلوكياته والذي يجعله يفقد أية صلة مع الواقع يسمى "المرحلة الذهنية". أنواع الفصام هناك عدد من الأنواع الفرعية لمرض الفصام، وهى تقسم حسب الأعراض المميزة لكل منها كالتالي - فصام المطاردة (فصام بارانويدي/ فصام زوراني)، والأشخاص الذين يعانون من فصام المطاردة يكونون غارقين في أوهام عن أنهم ملاحقون أو مطاردون من قبل شخص آخر أو طرف معين، ومع ذلك، تبقى طريقة تفكيرهم، كلامهم ومشاعرهم عادية جداً. - فصام لا منتظم، ويعاني الأشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام، فى الغالب من الشعور بالارتباك ومن مشاكل في الاتصال والتواصل مع الآخرين، كما يعانون من الكلام المتلعثم وغير الواضح، وبنظرة من الخارج يظهرون وكأنهم عديمو المشاعر والحساسية، ذوو سلوكيات غير ملائمة أحياناً، ويبدون صبيانيين وتصرفاتهم تبدو سخيفة تافهة، كما يظهرون سلوكيات مضطربة ومرتبكة وغير منظمة، قد تعيق قدرتهم على إدارة حياتهم اليومية بشكل سليم مثل، وقت الاستحمام أو إعداد الطعام. - الفصام الجامودي، وتظهر لدى الأشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام أعراضاً جسدية واضحة ومميزة، فهم محدودون من حيث الحركة غالباً، ولا يستجيبون للمؤثرات المختلفة التي يعج بها العالم من حولهم. وقد يصبح جسم الشخص المصاب بهذا النوع من الفصام أحياناً صلباً ومتحجراً، فلا يرغب في مجرد محاولة الحركة مطلقاً، وأحياناً يظهر الأشخاص المصابون بهذا النوع من الفصام نمطاً حركياً مميزاً وغريباً، مثل تنفيذ حركات في الوجه أو الميل إلى البقاء في وضعيات غريبة، وقد يكررون كلمة أو جملة أو تعبيراً معيناً صدر عن شخص موجود بالقرب منهم في ذات الوقت. والأشخاص المصابون بالفصام الجامودي معرضون بدرجة عالية لأن يعانوا من النقص الغذائي من فرط الإعياء، كما يميلون إلى إيذاء أنفسهم. - فصام لا متميز، وهو نوع فرعي من مرض الفصام يتم تشخيصه عندما تكون الأعراض التي يظهرها المريض غير واضحة تماماً ولا تعبر عن أى من الأنواع الثلاثة المذكورة سابقاَ. - الفصام المتبقي،في هذا النوع الفرعي من مرض الفصام تكون أعراض المرض قد تقلصت إلى الهلوسة، الأوهام، أو أية أعراض أخرى للمرض مازالت موجودة (متبقية)، لكنها أخف من ما كانت عليه في التشخيص الأولى للمرض. أعراض الفصام تتركب أعراض الفصام من عدة عوامل بدءا من التغيرات التي تحدث في شخصية المريض وقدراته وحتى إظهار تغييرات في التصرفات وملاءمتها للأوضاع المختلفة، وعند ظهور فصام للمرة الأولى يكون ظهور الأعراض فجائياً وحاداً. ويمكن تقسيم الأعراض المشتركة لكل أنواع الفصام إلى ثلاث مجموعات أساسية: أعراض إيجابية، أعراض ارتباك وبلبلة، وأعراض سلبية. والأعراض الإيجابية للفصام، لا تعنى بالضرورة أن الأعراض جيدة، إنما المقصود هو أن الأعراض واضحة وظاهرة للعيان وهى لا تظهر لدى الأشخاص الذين لا يعانون من الفصام. وهذه الأعراض التي تسمى أحياناً الأعراض النفسية (الذهنية) تشمل، الأوهام، الهلوسة، أعراض الارتباك والبلبلة الخاصة بالفصام، والتي تعكس عدم قدرة الشخص المصاب بالفصام على التفكير الصافي والتصرف بترو وبتحكيم العقل. وهذه الأعراض تشمل: تركيب جمل غير منطقية أو استعمال كلمات غير ذات معنى، الأمر الذي يصعب على الشخص المصاب بالفصام التواصل مع المحيطين به، وأيضاً الانتقال السريع من موضوع إلى آخر أو من فكرة إلى أخرى، بطء في الحركة، عدم القدرة على إتخاذ القرارات، الانشغال الزائد بكتابة عديمة المعنى، ميل إلى نسيان أمور معينة أو فقد أو إضاعة الأغراض، تكرار حركات أو إيماءات مثل المشى ذهاباً وإياباً أو المشى بشكل دائري، صعوبات في التفكير بشكل منطقي وفهم ظواهر يومية مثل نغمات أو ضجيج. أما الأعراض السلبية للفصام، لا تعني بالضرورة أن الأعراض سيئة، إنما المقصود هو غياب الأعراض التي يمكن ملاحظتها عند الأشخاص المصابين بالفصام. وتشمل هذه الأعراض انعدام الإحساس أو التعبير عن المشاعر والأفكار، وحالات مزاجية لا تتلاءم مع الوضع القائم مثل الإجهاش بالبكاء بدلاً من الضحك عند سماع نكتة، الانسحاب من الحياة العائلية وحياة المجتمع والنشاطات الاجتماعية، نقص في الطاقة، نقص في الدافعية، فقدان المتعة أو الاهتمام بالحياة، عادات صحة سيئة وعناية منقوصة، مشاكل في الأداء الوظيفي سواء في المدرسة أو في مكان العمل أو في نشاطات أخرى، المزاجية (المزاج المتقلب، الحزن حتى الاكتئاب أو الفرح، أو حالات مزاجية متقلبة (فتور الشعور)، وهى حالة يبقى فيها الشخص في نفس الوضعية بشكل دائم لفترات زمنية طويلة جداً. أسباب الفصام المسبب الدقيق للفصام لا يزال غير معروف حتى الآن. أما المعروف فهو أن مرض الفصام مثل السرطان أو السكري هو مرض حقيقى له أساس بيولوجي، ولا ينشأ مرض الفصام من جراء فشل تربوي من جانب الأهل أو نتيجة ضعف في الشخصية. وقد كشف الباحثون عن عدة عوامل قد يكون لها دور في تكون مرض الفصام من بينها، الوراثة، عمليات كيميائية في الدماغ، خلل في بنية الدماغ، عوامل بيئية. التشخيص يتم تشخيص الفصام عن طريق الطبيب المعالج الذي يقوم بإجراء فحص جسماني شامل ويستعرض الماضي الطبي للمريض. وعلى الرغم من عدم توفر فحوصات مخبرية قادرة على تأكيد الإصابة بالفصام، إلا أن الطبيب يستطيع إجراء عدد من الفحوصات المختلفة، مثل التصوير بالأشعة السينية أو إجراء فحوصات دم مختلفة وذلك بهدف نفي احتمال كون الأعراض ناجمة عن الإصابة بمرض آخر له نفس الأعراض كالفصام. وفي حالة عدم قدرة الطبيب على الكشف عن مرض آخر مسبب لظهور أعراض المرض، قد يقوم بتوجيه المريض إلى الفحص لدى طبيب نفسي، تلقى التدريب المناسب لتشخيص ومعالجة الأمراض النفسية المختلفة. ويجرى الطبيب النفسي مقابلة أعدت خصيصاً وبأدوات تقييم خاصة بهدف تقييم الشخص وتحديد ما إذا كان يعاني فعلاً من اضطراب نفسي. ويحدد الطبيب المعالج تشخيصه وفقا لتقرير المريض حول الأعراض التي تظهر لديه، وبالإضافة إلى ذلك يقوم الطبيب بمراقبة المريض بهدف تشخيص تصرفاته، ويحتم تأكيد التشخيص بأن الشخص مصاب بمرض الفصام في حالة إظهار أعراض واضحة ومميزة للمرض لمدة لا تقل عن ستة أشهر. وقد عملت منظمة الصحة العالمية بالاشتراك مع الاتحاد العالمي للصحة النفسية عدة برامج تجريبية في عدد قليل من البلدان النامية، وقد أثبتت جدوى توفير الرعاية للأشخاص الذين يعانون الفصام، ويشمل ذلك التدريب الملائم لموظفي الرعاية الصحية الأولية، وتوفير الأدوية الأساسية، وتعزيز دور الأسر للرعاية المنزلية لمرضى الفصام، والتوعية الصحية في التعليم العام لتقليل الوصمة والتمييز ضد مرضى الفصام.