قال محللان سياسيان يمنيان، إن رفض الحوثيين، وحزب المؤتمر الشعبي العام، قرار الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تكليف أحمد عوض بن مبارك برئاسة الحكومة الجديدة يمثل تحدياً للرئيس نفسه، وهو ما قد يعيد الأمور إلى مربع العنف مجدداً، واستكمال سيطرة الحوثيين على السلطة بصنعاء. وفي وقت سابق من الثلاثاء، كلف الرئيس اليمني، مدير مكتبه، أحمد بن مبارك، بتشكيل الحكومة الجديدة، حسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية. وجاء هذا القرار، إثر اتفاق "السلم والشراكة"، الذي وقعته الرئاسة اليمنية وأحزاب وقوى سياسية في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، بعد ساعات من سيطرة الجماعة على معظم المؤسسات الحيوية في العاصمة، لاسيما مجلس الوزراء، ومقر وزارة الدفاع، ومبنى الإذاعة والتلفزيون. ومن أبرز بنود الاتفاق، تشكيل حكومة كفاءات في مدة أقصاها شهر، وتعيين مستشار لرئيس الجمهورية من الحوثيين وآخر من الحراك الجنوبي السلمي، وأيضًا خفض سعر المشتقات النفطية. وفي ردود الأفعال، أعلنت جماعة الحوثي رفضها القاطع تكليف بن مبارك برئاسة الحكومة، واعتبرت في بيان صادر عن مجلسها السياسي هذا التعيين "قراراً خارجياً بامتياز ، وهو ما يمثل استخفافا صارخا بسيادة واستقلال البلاد". وأكدت الجماعة في البيان أن هذا القرار "يخالف مبدأ التوافق", مشيرة إلى أن زعيمها عبد الملك الحوثي سيلقي الأربعاء كلمة إلى الشعب بهذا الشأن. من جانبه، أكد ياسر العواضي، عضو اللجنة العامة (أعلى هيئة قيادية) لحزب المؤتمر الشعبي العام (يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح)، اعتراض حزبه على قرار تكليف بن مبارك, واصفاً هذا القرار ب"المسرحية". وأوضح في حسابه على موقع "تويتر"، أن اللجنة العامة للحزب ستعقد غدا (الأربعاء) اجتماعاً وستصدر بياناً يوضح موقفها من هذه القضية. وخلافاً لذلك، أعلن أمين عام حزب الحق، المقرب من الحوثيين، ترحيبه بتعيين أحمد بن مبارك رئيسا للحكومة. وقال حسن زيد أمين عام الحزب في تصريح على موقع "فيسبوك" إن بن مبارك "يقف على مسافة واحدة من كافة الاطراف والمكونات السياسية، وعلاقته جيدة بالجميع، وستنعكس ايجابا في تنفيذ مخرجات الحوار وانجاز استحقاقات المرحلة". الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، قال إن قرار الرئيس اليمني بتكليف بن مبارك برئاسة الحكومة إلى ثلاثة اعتبارات هي ثقته ببن مبارك ولكونه مقبولاً عن المانحين، ولاعتقاده أيضاً بأن الحوثيين سيقبلون بتكليفه. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال التميمي إن الجميع كانوا يتوقعون اختيار شخصية تنتمي إلى المحافظات الشمالية، في إشارته إلى أن بن مبارك ينتمي إلى محافظة عدن الجنوبية. واعتبر رفض جماعة الحوثي واعتراض حزب المؤتمر تحدياً حقيقياً أمام الرئيس هادي قبل رئيس الوزراء المكلف، مفسراً موقف الحوثيين لعدم اختيار الرئيس لمرشحهم ولرغبتهم ربما في إطالة أمد التداول في مسألة تعيين رئيس الوزراء لكسب الوقت في عملية ترسيخ وجودهم في صنعاء وفي بقية المناطق. وأشار إلى أن أي تصعيد من قبل الحوثيين ربما يكونوا قد وقعوا في الفخ، لأن تصعيد كهذا ربما يؤدي إلى نسف الاتفاق (اتفاق السلم والشراكة)، وعودة الأمور إلى مربع العنف. وتوقع أن يؤدي سيناريو كهذا إلى تجدد المواجهات في صنعاء، أو مزيداً من تغول الحوثيين وحلفائهم إلى حد قد يهدد موقع الرئيس هادي والنظام الانتقالي برمته، وقد يفقد الحوثيين المكاسب التي أحرزوها خلال الفترة الماضية. وحول موقف الرئيس هادي من استمرار رفض الحوثيين وربما انضمام حزب المؤتمر إليهم، قال المحلل السياسي، إن الموقف الخارجي وخاصة المواقف الخليجية سيكون حاسماً وداعماً لقرار الرئيس لاسيما مع رفضها لنفوذ الحوثيين في اليمن والذي يمثل أرضية لنفوذ غير مرغوب فيه لطهران. بدوره، توقع الباحث السياسي في مركز نشوان الحميري للدراسات (غير حكومي)، رياض الأحمدي، سيناريوهين بعد تكليف رئيس الحكومة الجديد. السيناريو الأول، حسب حديث الأحمدي ل"الأناضول"، يتمثل في أن يصعّد الحوثيون ليكملوا سيطرتهم على السلطة في العاصمة صنعاء، ولم يستبعد أن يطال هذا الأمر أيضاً إبعاد الرئيس هادي سياسياً عن منصبه. أما السيناريو الثاني – وفق الباحث ذاته – فهو أن تتحفظ بقية القوى السياسية على تكليف بن مبارك خاصة وأنها سبق أن أبدت اعتراضها على ترشيحه باعتباره مرشح الرئيس واقترح حينها الحزب الاشتراكي اليمني اختيار شخصية تنتمي للمحافظات الشمالية. وفيما يتعلق باعتراض حزب المؤتمر الشعبي العام، أوضح الأحمدي أن رفضه متوقع لأنه يرى أن الرئيس هادي يسعى باختيار مدير مكتبه إلى السيطرة على الحكومة بشكل كامل.