قالت دراسة اقتصادية متخصصة، إن تأثيرات طفرة إنتاج الغاز الصخري في الولاياتالمتحدةالأمريكية، على دول الخليج، لا تزال محدودة إلى الآن وانها تتباين من دولة إلى أخرى، مشيرة إلى ان التأثير الأكبر قد يكون من نصيب قطر. وقالت دراسة أصدرتها شركة "ايه تي كيرني"، العالمية المتخصصة في مجال الاستشارات، وحصلت الأناضول على نسخه منها اليوم الخميس، إن آثار ثورة الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة، تتباين بشكل كبير في المنطقة، فالتحديثات التي تواجهها قطر الغنية بالغاز، مختلفة كثيرا عن تلك التي تواجهها البلدان التي تعانى نقصا في الغاز، وفقاً لما ذكرته وكالة الاناضول. ما هو الغاز الصخري.. ؟ والغاز الصخري، هو نوع غير تقليدي من الغاز الطبيعي، لوجوده داخل الصخور، حيث يكون محبوسا بين طبقات الأحجار، داخل الأحواض الرسوبية، وتستخدم لاستخراجه تقنيات حديثة ومعقدة مقارنة بتلك اللازمة لاستخراج الغاز الطبيعي. ودفع ارتفاع أسعار الغاز في العقد الأول، من القرن الجاري إلى تطوير الغاز الصخري، والذي أصبح مصدرا رئيسيا للغاز الطبيعي، في أمريكا الشمالية. وزاد إنتاج الولاياتالمتحدة، من الغاز الصخري من 2 تريليون قدم مكعب في عام 2008، إلى أكثر من 8 تريليونات قدم مكعب في عام 2012، ما يمثل أكثر من ثلث إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي المحلي، ما يجعلها تقترب من الاكتفاء الذاتي، ويمكن أن يحولها إلى دولة مصدرة للغاز في المستقبل القريب. وتوقعت الدراسة أن ينمو معدل إنتاج الغاز الصخري، بالولاياتالمتحدة إلى 14 تريليون قدم مكعب بحلول عام 2030، وهو ما يمثل نحو نصف إنتاجها من الغاز الطبيعي. و"ايه.تي.كيرني"، التى تتخذ من الولاياتالمتحدةالأمريكية مقرا لها، شركة عالمية رائدة في مجال الاستشارات، ولها مكاتب في أكثر من 40 دولة حول العام. قطر تواجه تحديات وقالت الدراسة إن قطر تواجه تهديدات محتملة، باعتبارها أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال، بقدرة إنتاجية 77 مليون طن سنويا، تمثل ثلث الإنتاج العالمي، وتبرم قطر مع عملائها الرئيسيين عقود طويلة الأمد وبمعادلة سعرية مرتبطة بسعر النفط، مضيفة أن هيكل هذه العقود يتعرض لضغوط، مع تطلع العملاء، بتشجيع من إمدادات الغاز الطبيعي الجديدة، إلى إنهاء المعادلة السعرية التي تربط سعر الغاز بأسعار النفط، والبحث أيضا عن عقود لفترات أقصر، وتتسم بمرونة أكبر. وتستحوذ دول آسيوية على نحو نصف صادرات قطر، من الغاز الطبيعي المسال، ويدفعون علاوة سعرية تتراوح بين 5 و 7 دولارات للمليون وحدة حرارية، ويحاول هؤلاء العملاء حاليا تأمين امدادات الغاز الطبيعي من أمريكا الشمالية، وفقا للدراسة. ووقعت اليابان والهند بالفعل اتفاقات مع أمريكا الشمالية، للحصول على الغاز، الذى يباع حسب تسعير مركز هنري هوب لتجارة الغاز، على أساس العرض والطلب. وفي أوروبا، حيث إمدادات الغاز أكثر تنوعا والأسعار أكثر تنافسية، وقعت بريطانيا مؤخرا عقدا مع قطر لمدة خمس سنوات فقط. واعتبرت الدراسة أن أكبر تهديد لدولة قطر على المدى المتوسط والطويل، يتمثل في التطور الكبير في صناعة الغاز غير التقليدي، والاستثمارات الضخمة في قدرة إنتاج الغاز الطبيعي المسال، الأمر الذي من المحتمل أن يؤدي إلى وفرة زائدة في الأسواق، وضغوط على سعر الغاز الطبيعي في جميع الأسواق الرئيسية. وقالت الدراسة إن صادرات الغاز الصخري المستقبلية من أمريكا الشمالية، وسعى الصين أيضا لاستخراج الغاز من الاحتياطيات الهائلة التى تمتلكها، وغيرها من الأسواق، هى أمور مازالت غير مؤكدة، وليس من المرجح أن يكون لها أي أثر ذي علاقة، على قطر حتى بعد عام 2020. وتمتلك الصين احتياطيات ضخمة من الغاز غير التقليدي، سواء الصخري أو الفحمي (CBM). وبلغت الاحتياطيات الصينية الممكن استخراجها من غازات (CBM) غير التقليدية الى حوالى 10.6 تريليون متر مكعب. وتستند استراتيجية قطر للتنمية الوطنية، على تحديد سعر الغاز الطبيعي المسال (متضمنا التكلفة والتأمين والشحن) عند9.60 دولار لكل مليون وحدة، وفي عام 2012، كان متوسط سعر الغاز الطبيعي المسال القطري، أعلى بنحو 40%، مع وجود اختلافات كبيرة في الأسواق. وقالت الدراسة إنه على سبيل المثال، بلغ متوسط أسعار الغاز الطبيعي المسال الياباني 17 دولارا للمليون وحدة، في حين أن الأسعار الاوروبية كانت 11 دولارا للمليون وحدة. وكشفت الدراسة عن أن انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال القطري، بنسبة 30% إلى 6.90 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، سيؤدي إلى انخفاض في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 100 مليار دولار، خلال 5 سنوات، وانخفاض صافي الادخار الحكومي من 5.7 إلى 2 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وقالت الدراسة، إن باقي دول الخليج يمكنها الاستفادة من طفرة الغاز الصخري، ولكنها في الوقت ذاته تواجه مخاطر تتمثل فى استبدال الغاز الطبيعي بالنفط، حيث تعانى هذه الدول باستثناء قطر من نقص إمدادات الغاز الطبيعي، نتيجة النمو المطرد في الاستهلاك المحلي للطاقة. الإمارات والكويت يستوردان الغاز الطبيعي وتحولت الإمارات والكويت إلى استيراد الغاز الطبيعي، مؤخرا لتغطية الاحتياجات التي تبلغ الذروة في فصل الصيف، ولكنهما تخططان لضخ مزيد من الاستثمارات في مرافق الغاز الطبيعي المسال لتغطية الطلب المحلي المتزايد، بينما تستهلك المملكة العربية السعودية كميات متزايدة من النفط، لتلبية الطلب المحلي المتنامي. وفي الإمارات، أقامت شركتا "مبادلة للبترول" و"الاستثمارات البترولية الدولية"، مؤخرا مشروعا مشتركا، هو شركة الإمارات للغاز الطبيعي المسال، لتطوير مرفق إعادة تحويل الغاز الطبيعي المسال الجديد على الساحل الشرقي لدولة الإمارات، لتوريد 1.2 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي يوميا من السوق الدولية. كما تسعى دول الخليج بقوة للتنقيب عن حقول جديدة للغاز وتطويرها، بالإضافة إلى تنمية مصادر أخرى للطاقة مثل الطاقة النووية والطاقة الشمسية، على الرغم من أن تكاليف جميع مصادر الطاقة الجديدة، أعلى بكثير من الغاز التقليدي المحلي. ورأت الدراسة أنه يمكن لدول الخليج أن تستفيد من الغاز الصخري بطريقتين، الأولى استغلال إمكانات الغاز غير التقليدي المحلية، والثانية الاستفادة من الجانب الاقتصادي المتمثل في وجود طلب أفضل، على واردات الغاز الطبيعي. وتشير التقديرات الأولية إلى أن موارد الغاز غير التقليدي، في دول الخليج يمكن أن تصل إلى أكثر من 700 تريليون قدم مكعب، ويوجد بالسعودية فقط أكثر من 600 تريليون قدم مكعب. وتعهدت السعودية باستكشاف إمكاناتها الضخمة من الغاز الصخري، بسبب عدم استدامة الاستهلاك المحلي المتزايد من النفط، والذى يمكن أن يؤثر على قدرتها التصديرية وثروة البلاد على المدى الطويل. وتقول الدراسة إنه لا يزال من السابق لأوانه التنبؤ، بدور الغاز غير التقليدي في مزيج الطاقة بدول الخليج، الأمر الذي سيصبح أكثر وضوحا خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. ومن المتوقع أن ينمو إنتاج الغاز الصخري بالولاياتالمتحدة إلى 14 تريليون قدم مكعب بحلول عام 2030، وهو ما يمثل نحو نصف إنتاجها من الغاز الطبيعي. الغاز الطبيعي ينخفض وأدى الغاز الصخري إلى انخفاض حاد في أسعار الغاز الطبيعي، وفصله معادلة بيعه عن أسعار النفط، ففي عام 2012، انخفضت أسعاره ما بين 1.82 دولار و3.77 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وذلك من متوسط يبلغ ما بين 5.82 دولار، و13.31 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في عام 2008. وتتوقع الدراسة أن يتراوح سعر الغاز الطبيعي، بين 4 و 8 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بحلول عام 2020. وذكرت الدراسة أن الغاز الصخري، لديه القدرة على تحويل الولاياتالمتحدة، إلى دولة مصدرة للغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2016، وللغاز الطبيعي بحلول عام 2020. وبحلول عام 2020، يمكن أن يلبى الغاز الصخري في أمريكا الشمالية، 30 % من احتياجات الغاز في اليابان، وذلك عبر استيراد 17 مليون طن سنويا من الولاياتالمتحدة، و9 ملايين طن سنويا من كندا. وتقول الدراسة إن تطوير موارد الغاز الصخري، يمكن أن تعيد تشكيل سوق الغاز الطبيعي العالمي. وتتوقع الدراسة أنه بحلول عام 2020، سيلبى الغاز الصخري ما بين 3 إلى 9%، من الطلب المحلي على الغاز الطبيعى، في الصين، وستزداد هذه النسبه فيما بعد. وتشير الدراسة إلى أن أوروبا تمتلك نحو 6 % من احتياطيات الغاز الصخري، القابلة للاستخراج تقنيا على مستوى العالم، لكنها تشير إلى ان تطوير واستخراج الغاز الصخري بأوروبا ستحتاج المزيد من الوقت، لأن البيئة السياسية والتنظيمية، والموارد الطبيعية، من المتوقع ألا تسمح بأى إنتاج للغاز الصخري بشكل ضخم قبل عام 2020. وترى الدراسة أن إنتاج الغاز الصخري الأوروبي في عام 2035، يمكن أن يمثل ما بين 2 إلى 10 % من إجمالي الاستهلاك المحلي للغاز في أوروبا، متوقعة أن يستمر الاعتماد على الواردات من الغاز عبر الأنابيب والغاز الطبيعي المسال، لتلبية الطلب الداخلي في القارة في الوقت الحالى.