شهدت حركة أحرار الشام بسوريا امس الثلاثاء، يوماً مؤسفا بعد اغتيال حسان عبود الشهير بأبي عبد الله الحموي قائد الحركة، هذا إلى جانب مقتل العشرات من قادة الحركة . وبين النعي والتنديد والإدانة انطلقت صباح اليوم الأربعاء، بيانات حركة أحرار الشام والجبهة الشعبية والائتلاف السوري المعارض، والتي امتلأت بمزيد من الإصرار على الاستمرار في هدفهم المتمثل في تحرير البلاد. تضارب الرويات وحول المسئول عن هذا الهجوم، تضاربت الروايات حول طريقة مقتل الحموي مع باقي قياديي "أحرار الشام" دون أن توضح أياً منها المتهم أو المسئول عن التفجير الذي لم تعلن أي جهة المسئولية عنه حتى الآن، حيث ذهبت بعض الروايات إلى أن التفجير حصل نتيجة خرق أمني في الحركة حيث تم زرع عبوة ناسفة في مقر الاجتماع بقرية رام حمدان في إدلب، بينما ذكر بعض الناشطين أن العبوة كانت تحوي غازات سامة مستندين إلى عدم وجود إصابات كبيرة على جثث القتلى. في حين ذكرت روايات أخرى أن التفجير تم بسيارة مفخخة استهدفت مستودعاً للأسلحة تابعاً لأحرار الشام قريب من مقر الاجتماع أدى انفجاره إلى مقتل القياديين، فيما ذهب ناشطون إلى غارة لطائرة بدون طيار قصفت بدقة مكان اجتماع قياديي الحركة. وذهب قصي أسعد الصحفي السوري المعارض من محافظة إدلب شمالي سوريا إلى أن اغتيال الشيخ حسان عبود قائد حركة أحرار الشام، جاء بعد أن رفض مؤخراً عرضاً أمريكياً، ليكون لهم بمثابة الحليف، وخصوصاً أن الأمريكيين يبحثون عن فصيل مقاتل قوي و"معتدل" ليقاتل "داعش" على الأرض في سوريا ضمن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن وتسعى لتشكيله. وفي تصريح لوكالة "الأناضول"، قال أسعد: "لا يخامرني الشك في أن العرض الأمريكي لمحاربة داعش طُرح على حركة أحرار الشام وعلى قائدها حسان عبود قبل اختيار جمال معروف قائد "جبهة ثوار سوريا" (فصيل معارض) للقيام بهذه المهمة، والذي أعلن قبل أيام عن إطلاق حملة ل"تحرير" شمال وشرق سوريا من مقاتلي "داعش". وأشار أسعد إلى أن أمريكا على يقين أن حركة أحرار الشام "أقوى وأكثر شعبية من قوات معروف التي لا تملك حاضنة أو تأييداً شعبياً في كثير من المناطق بسوريا"، على حد قوله. ولم يبيّن أسعد مصدر معلومات حول العرض الأمريكي للحموي، وفيما إذا كان بروايته يشير بأصابع الاتهام إلى الولاياتالمتحدة بالمسؤولية عن اغتيال الحموي، كما لم يتسنّ الحصول على تعليق فوري من واشنطن على كلامه. من يكون؟ وينحدر حسان عبود "أبو عبد الله الحموي" من محافظة حماة وسط سوريا التي نالها قسط كبير من الدمار بقصف عنيف قامت به قوات نظام حافظ الأسد (والد بشار) مطلع ثمانينيات القرن الماضي في مواجهته لحركة الإخوان المسلمين المحظورة حالياً، وأدى القصف إلى مقتل ما بين 20 إلى 40 ألف مدني، بحسب معارضين سوريين. والحموي معتقل سياسي سابق في سجون النظام السوري، وأطلق سراحه مع عدد من المعتقلين السياسيين مع بداية الثورة السورية التي اندلعت في مارس/آذار2011، وعرف عنه ثقافته العالية وخلقه الرفيع، بحسب مقربين منه، وهو كان يحمل فكر السلفية الجهادية التي تجاهر حركته بحملها، إلا أن آخرين يصفونه بأنه يتبع المنهج السني المعتدل. ويحمل القائد "الشهيد" كما أطلق عليه معارضون سوريون على شبكات التواصل الاجتماعي شهادة في "الأدب الانجليزي"، ويضيف آخرون أنه حاصل على دكتوراه بالعلوم الإسلامية، وعرف عنه انفتاحه على وسائل الإعلام حيث أجرى مؤخراً عدداً من اللقاءات مع فضائيات عربية يوضح فيه منهجه الديني وعقيدة حركته القتالية. وأسس عبود في البداية ماسمي بكتائب "أحرار الشام" بعد أشهر قليلة من إطلاق سراحه من سجن "صيدنايا" للسجناء السياسيين قبل أن تتحول إلى "حركة أحرار الشام"، التي برزت كقوة عسكرية فاعلة في معارك خاضتها ضد قوات النظام السوري خاصة في شمال سوريا بريفي حلب وإدلب، وفي معارك خاضتها أيضاً مع فصائل المعارضة ضد "الدولة الإسلامية" المعروف باسم (داعش) في شمال شرقي سوريا خلال الأشهر الماضية. وانضوت أحرار الشام مع خمس فصائل أخرى ذات توجه إسلامي وهي ألوية "صقور الشام"، كتائب "أنصار الشام"، "جيش الإسلام"، "لواء التوحيد"، "لواء الحق"، تحت لواء "الجبهة الإسلامية" التي أعلن عن تأسيسها في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وكتب الحموي في تغريدة منسوبة له على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي نهاية أبريل/ نيسان الماضي، قال فيها: "يقول لا زالوا يتوعدونك بالاغتيال، قلت كنت أخشى أن تكون الخاتمة على أيديهم يوم كنا نعدهم بغاة أما الآن فطوبى لمن قتلهم وقتلوه، اللهم قتلة ترضاها"، ولم يبيّن الحموي المقصود بكلامه إلا أن موعد التغريدة كان في وقت تصاعدت فيه وتيره مواجهات فصائل المعارضة مع "داعش". وظهر الحموي في عدد من الصور مع قادة في المعارضة قتلوا قبله أبرزها صور جمعته مع عبد القادر صالح قائد "لواء التوحيد" الذي قتل بسقوط برميل متفجر على مقره بحلب نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ومع أبو خالد السوري الزعيم البارز في تنظيم القاعدة سابقاً والمقرب من زعيمها الراحل أسامة بن لادن قبل انضوائه تحت لواء حركة أحرار الشام. واغتيل السوري بتفجير في مبنى كان متواجداً فيه بحي الهلك بحلب فبراير/شباط الماضي واتهمت "أحرار الشام" وقتها تنظيم "الدولة الإسلامية" بالمسؤولية عن ذلك. الشيخي خلفاً للحموي وفور إعلان اغتيال الحموي قررت حركة "أحرار الشام الإسلامية" تعيين المهندس هاشم الشيخي أبو جابر، أميرا، وقائد عاما للحركة، خلفا للراحل حسان عبود، الملقب ب"أبو عبد الله الحموي"، الذي قتل مع عدد كبير من القادة في تفجير استهدف اجتماعا لمجلس شورى الحركة، فيما عينت "أبو صالح طحان"، قائدا عسكريا. وجاء ذلك في البيان الأول المصور، للناطق الرسمي باسم مجلس الشورى الطارئ للحركة، والذي لم يكشف عن اسمه، ونشر عبر الإنترنت. وشددت الحركة في البيان على أنها "مستمرة في طريق الحق، ولن يزيد هذا الحدث الحركة، إلا مزيدا من التصميم لتحرير البلاد، ومقاتلة طواغيت الداخل، ومن سمتهم الذين ارتهنوا إلى الخارج". وتعهدت الحركة في البيان بأنها "ستكون خادمة الجهاد في الشام، لمقارعة النظام، وتنظيم الدولة الإسلامية، حتى خلاص أهل الشام منهما". واعتبرت الحركة أن "القادة الراحلين هم شهداء التحقوا بركب قوافل الشهداء، منذ زمن الصحابة، حيث لا تزال أرض الشام مستمرة في تقديم الأبطال". نعي وتنديد نعت "الجبهة الإسلامية" أكبر الفصائل الإسلامية المعارضة في سوريا، مسئولها السياسي وقائد حركة أحرار الشام المنضوية تحت لوائها حسان عبود الشهير باسم أبو عبد الله الحموي، وعدد من قيادات الصف الأول والثاني في الحركة الذين قتلوا في تفجير مجهول المصدر استهدف اجتماعاً لهم في ريف إدلب شمالي سوريا مساء أمس الثلاثاء. وفي بيان أصدرته الجبهة، ووصل وكالة "الأناضول" الإخبارية نسخة منه، قالت الجبهة: "بنفس رضية ومحتسبة تنعي الجبهة الإسلامية للأمة الإسلامية وشعب سوريا الصابر ابنهما البار أبا عبد الله الحموي حسان عبود وبعض إخوانه في انفجار داخل مقر اجتماعهم لم تتبين حقيقته بعد". وأوضحت الجبهة أن من بين القتلى إلى جانب الحموي كل من القياديين في الحركة "أبو يزن الشامي، أبو طلحة الغاب، أبو عبد الملك الشرعي، أبو أيمن الحموي، أبو أيمن رام حمدان، أبو سارية الشامي، محب الدين الشامي، أبو يوسف بنش، طلال الأحمد تمام، أبو الزبير الحموي، أبو حمزة الرقة" وآخرين لم تبيّن عددهم أو أسمائهم، في الوقت الذي ذكر فيه ناشطون ووسائل إعلام أن عدد القتلى في التفجير بلغ أكثر من 45 قتيلاً جلّهم من قياديي الحركة. هذا وقد أدان الائتلاف السوري المعارض، ما وصفه ب"الجريمة النكراء" باغتيال قادة حركة "أحرار الشام" أحد أبرز الفصائل التابعة للمعارضة السورية، الذين قتلوا في تفجير مجهول المصدر استهدف اجتماعاً لهم في ريف إدلب شمالي سوريا مساء أمس الثلاثاء. في بيان أصدره، ووصل "الأناضول" نسخة منه، قال الائتلاف: "ندين مقتل مؤسس وقائد حركة أحرار الشام حسان عبود" الملقب بأبي عبد الله الحموي، وعدد من قادة الصف الأول والثاني فيها"، مشيراً إلى أن الشعب السوري سيواصل كفاحه من أجل الحرية وأن العدالة "ستطال المجرمين". وأضاف الائتلاف في بيانه "لقد تصدى الحموي برفقة قادة الحركة وجنودها لمهام الدفاع عن المدنيين وحمايتهم من بطش نظام بشار الأسد، وكان لهم مساهمات كبيرة في الثورة، وفيما يتعلق بقيادة العمل المسلح في مختلف أنحاء سوريا، والدفاع عن حقوق الشعب السوري المطالب بالحرية والكرامة".