أثار انعقاد أول جلسة للبرلمان الليبي، في مدينة طبرق بأقصى الشمال الشرقي قرب الحدود المصرية، جدلا قانونيا وسياسيا حول انعقادها بمنطقة يسيطر عليها أنصار لواء سابق يهاجم كتائب إسلامية في بنغازي (شرق). ورغم اكتمال نصابها القانوني بحضور أغلب الأعضاء إلا أن أولى جلسات البرلمان والتي عقدت، الإثنين، بطبرق سجلت غياب النواب الممثلين لتيار "الإسلام السياسي" والذي قاطع الجلسة باعتباره أكبر المناهضين لقوات اللواء السابق خليفة حفتر والتي تعتبر مدينة طبرق من أشد المؤيدين له. وقال عضو المجلس على بوزعكوك لمراسل وكالة الأناضول إن "أعضاء منتخبون (في البرلمان) من المناطق الشرقية والغربية والجنوبية والوسطى في ليبيا استنكروا في بيان لهم اليوم اجتماع طبرق باعتباره انقلابا على ثورة 17 فبراير (شباط التي أطاحت بمساعدة دول غربية بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011). وحمّل هؤلاء النواب، بحسب بوزعكوك، "كل من دعا ورتب لهذا الاجتماع مسؤولية ما يترتب عنه من نتائج تعرض وحدة الوطن للخطر"، دعوا "النواب الآخرين بالتقييد بالإعلان الدستوري والقانون والعودة للمسار الديمقراطي ودعوة رئيس المؤتمر للعمل باختصاصه الأصيل والدعوة لانعقاد مجلس النواب لجلسة الاستلام والتسليم بأقرب وقت ممكن". في المقابل اعتبر البرلماني زياد دغيم إِنَّ "الاستلام والتسلم بدعة دستورية غير منصوص عليها في الإعلان الدستوري". وأوضح "دغيم"، في تصريح لمراسل الأناضول أن "المادة 11 من توصيات لجنة فبراير التي تضمنها الإعلان الدستوري أعطت الحق للبرلمان بتغيير المقر أو مكان الانعقاد، فيما رأى الخبير القانوني الصديق الشيباني أنه "لا يجوز عقد جلسة البرلمان في طبرق نظراً لعدم تكون جسم البرلمان تشريعيا حيت لم يجتمع أعضائه في جلسة سابقة لوضع اللائحة الداخلية لتنظيم عملهم". وأضاف الشيباني في تصريح لمراسل الأناضول أن دعوة بعيرة (أبو بكر بعيرة رئيس الجلسة الأولى باعتباره الأكبر سنا قبل انتخاب البرلمان رئيسا له) لانعقاد جلسة طبرق هي "دعوة غير قانونية نظرا لصدروها من شخص غير ذي صفة مشيرا لمخالفة هذه الدعوة لقرار المؤتمر الوطني العام نهاية الشهر الماضي بخصوص التسليم والاستلام". وتابع الشيباني إن "هذه الإجراءات تسهم في بطلان القرارات الصادرة عن جلسة الإثنين وفقا للقاعدة القانونية ما بنى على بطل فهو باطل". وكان المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت السابق) حدد يوم 4 أغسطس الجاري موعدا لتسليم السلطة إلى البرلمان المنتخب، ولكن جرى خلاف حول مكان عقد الجلسة بين طبرق وطرابلس بعد تعذر عقدها في بنغازي نظرا لتردي الأوضاع الأمنية. من ناحيته قَالَ استاذ القانون في جامعة طرابلس منصور ميلاد: إن مسألة التسليم والاستلام بين المؤتمر الوطني العام ومجلس البرلمان أمر ضروري ودعا ميلاد رئيس المؤتمر الوطني (البرلمان المؤقت) نوري أبوسهمين (رئيس المؤتمر الوطني البرلمان المؤقت السابق) "للحضور إلى طبرق لا ضفاء الشرعية للجلسة مشيرا إلى أن عقد الجلسة في مدينة بنغازي مقر البرلمان الرسمي حسب التعديل الدستوري كان أفضل". وبينما يرى البعض أن حضور النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني عزي الدين الكومي لجلسة طبرق يعني تسليم المؤتمر السلطة للبرلمان المنتخب، يرى الخبير القانوني الليبي خالد زيو أن "الخلاف في أصله سياسي أُلبس لباسا قانونيا"، داعيا "جميع الأطراف إلي التنازل"، وذلك في إشارة للخلاف بين النواب المحسوبون على التيار الإسلامي والموالون للواء خليفة حفتر التي تهاجم كتائب إسلامية ل"تطهير ليبيا من المتطرفين"، وهو ما اعتبرته أطرافا حكومية انقلابا على الشرعية". وأوضح "زيو" لوكالة الأناضول "أن كلا الطرفين لديه هواجس من الحضور لمكان عقد الجلسة سواء كان بطرابلس أو طبرق فبالتالي فالتمسك بالنصوص أو رفضها لا يرجع إلى مكانة هذه النصوص بقدر ما هو تعبير عن رأي سياسي". وبحسب خارطة الطريق التي طالب بها الليبيون وأقرها المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) السابق إضافة لاعتماده لمقترح لجنة فبراير/ شباط التي كونها في وقت سابق لطرح حلول للأزمة الليبية أصبح مقر البرلمان الجديد بمدينة بنغازي بدلا من العاصمة طرابلس، بينما حالت الأوضاع الأمنية ببنغازي دون عقد أولى جلسات البرلمان الجديد داخلها ما دفع النواب لعقدها في طبرق، وهو ما أثار جدلا قانونيا وسياسيا