تحت شعار "الاستثمار في الجيل القادم"، من المنتظر أن تنعقد، أيام 5 و6 أغسطس/ آب، في واشنطن، القمة الافريقية الأمريكية.. الملتقى سيتناول سبل تكريس الدور المنوط بعهدة شباب القارة الافريقية، وسيشكّل فرصة لتجسيد آمال وتطلّعات النخبة الافريقية بشأن مستقبل شبابها، وفقا لشهادات متفرّقة قام مراسل الأناضول بجمعها. وتأتي هذه القمة في وقت تحاول فيه الولايات المتّحدة تدارك تواجدها المحدود على الصعيدين السياسي والاقتصادي في القارة الافريقية، وذلك بعد اكتساح الأخيرة من قبل قوى أجنبية أخرى، على غرار الصين، بحسب الخبراء. "يايا مايغا" من الكوادر الشابة المنخرطة في حزب "التضامن الافريقي من أجل الديمقراطية والاستقلال" في مالي، قال "أملي أن يتوصّل القادة الأفارقة، في نهاية هذه القمة، إلى إدراك حقيقة أنّ قارتهم لن تنمو من دون تحرير طاقاتها، ودون السماح لشبابها بإطلاق العنان لقدراتهم الإبداعية العبقرية.. فإقصاء الشباب يعني غياب الديمقراطية وثقافة التميّز، وخاصة حرية التعبير والمبادرة". ومن جانبه، أعرب "الشيخ عمر كوليبالي"، وهو دبلوماسي شاب في بروكسل ببلجيكا، عن أمله في أن تتمكّن القمة الافريقية الأمريكية من أن "تعيد تحديد وتشكيل أرضية لإطلاق شراكة استراتيجية حقيقية بين أفريقيا والولاياتالمتحدة"، لافتا إلى أنّ مفتاح تحقيق هدف مماثل يكمن في الشباب، والذي ينبغي أن يكون رهان القارّة بأسرها. رأي تتفق فيه معه مواطنته الصحفية "ديارا ديوب"، والتي رأت أنه "يتوجب على دولنا (الافريقية) استثمار الشباب لخلق مواطن الشغل، فالشباب الأمريكي يعدّ أقلّ تسيّسا مقارنة مع نظيره الافريقي، وهذا ما يجعل العقلية الأمريكية تتفوّق علينا". المتحدّث باسم الرابطة الإيفوارية لحقوق الإنسان "بيير كوامي أدجوماني" قال، من جهته، إنّه لا ينبغي أن تكون هذه الدعوة وكأنّها بمثابة الدعم بالنسبة للرؤساء الأفارقة المدعوين إلى القمة. ففي مثل هذه الحالة، فإنّ انعقاد القمة حول موضوع "الاستثمار في الجيل القادم" سيفقد معناه بشكل نهائي. وأضاف "أدجوماني" قائلا "على أوباما أن ينجح في إقناع الرؤساء الأفارقة بالعدول عن تعديل دساتير بلدانهم.. لدينا الكثير من الأمثلة على ذلك، لعل أبرزهم الرئيس البوروندي، والكونغولي (الكونغو الديمقراطية)، والكونغو برازافيل، إضافة إلى الرئيس البوركيني بليز كمباوري.. الأمر يثير قلقنا، لأنّ هؤلاء الرؤساء يقاتلون من أجل البقاء في الحكم مدى الحياة، وفي اعتقادي أن مسألة مماثلة لن تسمح بالنهوض ببلداننا الافريقية وبشبابها". ومن افريقيا الوسطى، أكّد رئيس المجلس الوطني للشباب "جون فيليكس ريفا" أنّ افريقيا فقدت بوصلة توازنها المستقبلية منذ أن "أغفلت تكوين أجيالها القادمة". وأوضح "ريفا" قائلا "الشباب يشكّلون 65 % من سكان القارة الافريقية، وينبغي استثمارهم في مجالات القيادة والمبادرة. رغم ذلك، لا يوجد في افريقيا الوسطى، على سبيل المثال، سوى جامعة تدريب واحدة في العاصمة بانغي، وذلك على امتداد جغرافي تتجاوز مساحته ال 623 ألف متر مربّع، ويغطي ال 16 محافظة في البلاد.. هي إذن جامعة واحدة فحسب، ولا وجود لجامعة لتحضير قادة المستقبل أو تنمية روح المبادرة، ولهذا فلا عجب من أن ينتهي المطاف بإعطاء الأموال لأناس لم يتلقوا التكوين اللازم إلى الفشل، وفي ذلك خسارة كبيرة للوقت". ولفت "ريفا" إلى أنه يتعين على أوباما (الرئيس الأمريكي)، خلال القمة، أن يكون "حاسما مع الرؤساء الأفارقة فيما يتعلّق بقبول التناوب السياسي" على الحكم. التناوب أو التغيير السياسي يشكّل حاليا مثار جدل واسع في صفوف المعارضة بغينيا الاستوائية، والتي "استنكرت" ذهاب الرئيس "تيودورو أوبيانغ نغيما" إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بناء على دعوة من الرئيس باراك أوباما، وفقا لما ورد في بيان صادر عن حزب الاتحاد الشعبي المعارض في غينيا الاستوائية، تلقت الأناضول نسخة منه. ومن جانبه، تحدّث إئتلاف المعارضة لاستعادة الديمقراطية في غينيا الاستوائية، في رسالة مفتوحة توجّه بها إلى الرئيس الأمريكي، عن "شرف غير مستحقّ"، في إشارة إلى غياب التداول السياسي على السلطة، وذلك بعد حصيلة 35 سنة من الحكم، تخلّلتها "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان" في البلاد. نفس المشاعر المتأجّجة في نفوس أحزاب المعارضة في بوركينا فاسو، وذلك على خلفية الصراع المحتدم مع النظام الحاكم برئاسة بليز كمباوري، والذي تقلّد الحكم منذ عام 1987، غير أنّه ما يزال متشبّثا بمنصبه، رغم أن الدستور البوركيني يحدّ عدد الفترات الرئاسيتين باثنتين فقط. عقبة يسعى كمباوري إلى تجاوزها عبر اللجوء إلى الاستفتاء لتعديل المادة 37 من الدستور، للحصول على تأشيرة العبور نحو الرئاسيات من جديد. رئيس دائرة التنوير وتعليم حقوق الإنسان في بوركينا فاسو "إيفاريست كونسيمبو" أعرب هو الآخر عن أمله في أن تؤكّد قمة واشنطن المكانة التي ينبغي أن يحظى بها الشباب الأفارقة في بلدانهم. ومن جهته، أشار رئيس حزب النهضة الوطنية المعارض في بوركينا فاسو "طاهر باري" أنه من غير المنتظر أن تتمخّض القمة عن معجزة تذكر. "باري" قال "الولاياتالمتحدة ستؤكّد من جديد موقفها المناهض للعبث بالدساتير، غير أنّه يعود إلى شبابنا الأخذ بزمام مصيره في أيديه، وذلك عبر التصدّي بشدّة لتعديل المادة 37 من دستورنا".