صرح وزير الخارجية سامح شكري أنه من المبكر أن نحكم بشكل قاطع على المبادرة المصرية بخصوص التهدئة في غزة ومدى قبول تنفيذها، حيث إن درجة التوتر خلال الأسبوعين الماضيين تجعل من الصعب نزع فتيل هذه الأزمة في زمن قصير مثل 12 ساعة. وقال شكري في مقابلة خاصة مع قناة "العربية" الإخبارية وبثت مساء اليوم الأربعاء، في أول حديث له بعد أحداث غزة - إن "الهدف من المبادرة هو حماية الشعب الفلسطيني، ومصر ستستقبل وفودا فلسطينية وإسرائيلية بشكل فوري بعد وقف العمليات العسكرية، كما جاء في بنود المبادرة للوصول لاتفاق". وأشار إلى أن هناك تطورا إيجابيا وهو أن الحكومة الإسرائيلية قبلت المبادرة، وأن السلطة الفلسطينية دعمت المبادرة، لافتا إلى أن هناك حوارا عميقا دائرا داخل الفصائل الفلسطينية، بما يؤشر إلى أن هناك حوارا جديا وتقييما ودراسة متأنية للمبادرة. وأعرب وزير الخارجية عن أمله في أن تسفر المبادرة عن موقف إيجابي يؤدي إلى حماية الشعب الفلسطيني بصفة عامة، وبصفة خاصة في غزة، من الأضرار التي وقعت وفقد أرواح الأبرياء خلال تصاعد العمليات العسكرية. ونوه شكري إلى وجود إشارات متناقضة من "حماس" حول قبول المبادرة من قبل موسي أبو مرزوق من القاهرة الذي قال إن "حماس" سوف تدرس المبادرة، في الوقت الذي صدرت تصريحات من المتواجدين في غزة من "حماس" يرفضون فيها هذه المبادرة، ويعلنون أن هناك شروطا من "حماس" وهي فتح معبر رفح. وصرح وزير الخارجية بأن الهدف من طرح هذه المبادرة هو حماية الشعب الفلسطيني، و"تقديرنا أن التصعيد العسكري كان سيصل إلى درجة من الخطورة والآثار الجسيمة.. وسيكون له وقع سلبي على الشعب الفلسطيني وهو ما دفع لطرح المبادرة". وقال وزير الخارجية سامح شكري إنه يجد صعوبة في تفهم منطق من يرى أن "حماس" تضغط على مصر لفتح معبر رفح لأن المعبر خلال هذه الأزمة مفتوح تقريبا بشكل كامل لاستقبال الجرحى وتوفير الرعاية الصحية، مشيرا إلى أن فتح المعبر مرتبط بالسيادة المصرية والتي ترتبط بالأوضاع في سيناء. وأشار شكري إلى أن فتح المعبر مرتبط أيضا بمصالح مشتركة لابد من مراعاتها و"في النهاية الأولوية لسيادة مصر وما يحقق مصلحتها". وصرح وزير الخارجية أنه سوف يتم التعامل بإيجابية مع كل الطلبات المقدمة لدخول قوافل طبية سواء من أطباء مصريين كما حدث من قبل في 2008 أو أي قوافل أخرى وفقا لتنظيم الأمر، مشيرا إلى أنه لا مانع من دخول مساعدات من أي دولة سواء كانت قطر أو تركيا، لأن المساعدات هي للشعب الفلسطيني.. "وأي مساعدة للشعب الفلسطيني سوف نيسرها ونتعامل معها بكل اهتمام". وحول رأي بعض المحللين من أن هناك يدا خفية تقف وراء ما حدث وهذه الأيدي هي الإخوان المسلمين، وأنها حرب مفتعلة لتضع ضغوط على مصر، قال شكري إنه لا يميل للخوض في تحاليل ربما تصيب وربما تخطئ. وحول العلاقات المصرية العراقية في ضوء زيارته الأخيرة للعراق، قال وزير الخارجية سامح شكري، إن هذه العلاقات هي علاقات أخوة ولها جذور تاريخية، ونحن نتعامل مع دولة العراق وهي ذات أهمية في إطار استراتيجية الأمن القومي العربي، ولكن هذه الزيارة جاءت تحديدا للاطلاع والتشاور فيما يتعلق بالأزمة التي يشهدها العراق في هذه الآونة والتي تشكل خطورة على سلامة الأراضي العراقية. وأكد شكري أن "مصر لا تدعم شخصا بعينه، وإنما تدعم وحدة العراق، وتدعم شعب العراق، وتدعم استقرار العراق والحفاظ على وحدته في المقام الأول، وأنه لن يكون في صالح الأمن القومي العربي أن يتشرذم وينقسم العراق". وأشار وزير الخارجية إلى التأثير المتبادل بين ما يحدث في سوريا وما يحدث في العراق، وانتشار عدم الاستقرار في البلدين له تبعات وخطورة بما يتعلق بالمنطقة بصفة عامة. ونفى وزير الخارجية مناقشة أي اتفاقيات ثنائية بين مصر والعراق خلال الزيارة أو إمداد مصر بالنفط العراقي بأسعار تفضيلية، وقال: "لم نتطرق من قريب أو بعيد لأي مجال من مجالات التعاون الثنائي.. لم تكن هذه هي المهمة بل كانت للاطمئنان على إمكانية وجود حل سياسي يزيل التوتر في المشهد العراقي. ولكن كانت هناك رغبة مشتركة في أن تكون هناك علاقات ثنائية وثيقة". وأضاف "ولكن ذلك مرهون بتجاوز العراق المرحلة الراهنة، وأن تكون هناك حكومة تعبر عن كل الأطياف العراقية وتمنع المخاطر الواقعة على تقسيم العراق وتحافظ على استقراره ووحدة أراضيه وشعبه، والزيارة لم تخرج عن ذلك والحديث لم يخرج عن هذا النطاق". ونفى وزير الخارجية سامح شكري أن تكون مصر تدعم موقف الرئيس السوري بشار الأسد، وقال: "مصر ترى في كل هذه الأزمات العنصر السياسي هو ربما العنصر الوحيد القادر على الحفاظ على كيانات الدول العربية والحفاظ على وحدتها واستقرارها، وبالتالي نجد في الحل السياسي والتفاعل السياسي الوسيلة الوحيدة" وتطرق بالقول :"أعتقد أن التجربة أثبتت أنه ليس هناك سبيل أن يفرض طرف على الطرف الآخر إرادته من خلال العمل العسكري، فالسبيل الوحيدة هي الحوار والوصول إلي نقطة توافق ترضي الشعب السوري وترضي طموحاته وتؤدي للحفاظ على مصالحه". وبسؤاله عن أن أول زيارات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كانت لغينيا الاستوائية وللجزائر والسودان وليس للسعودية، صرح شكري أن هذا ليس معناه تحولا وإنما الزيارة كانت مرتبطة بحضور القمة الإفريقية خصوصا بمناسبة عودة مصر لمكانتها في القمة بعد التعليق. وأضاف شكري أن التوجه للجزائر كان للتشاور فيما بين البلدين بحكم العلاقة الوثيقة التي تربطهما، وأيضا بحكم دور الجزائر في الاتحاد الإفريقي، لأن الجزائر كان لها دور نشط في إزالة سوء الفهم الذي حدث بالنسبة للأحداث في مصر، وكان مجال التشاور مع القيادة الجزائرية يتعلق بأمور مرتبطة بالعمل المشترك في مجال الاتحاد الإفريقي. وعن زيارته للسودان، قال شكري إن الزيارة جاءت بمبادرة من السيد الرئيس لأهمية علاقة مصر مع السودان، والتي تفوق أي علاقة ثنائية، فهي علاقه لها خصوصيتها وأهميتها. وأشار شكري إلى أنه خلال المباحثات مع الرئيس عمر البشير، تم التطرق لأزمات عديدة وعلى رأسها الأزمة الليبية لتأثيرها على مصر والسودان. واختتم وزير الخارجية سامح شكري حديثه بالقول إن "مصر تدعم الاستقرار في ليبيا، وتدعم أن يتم هذا الاستقرار في إطار سياسي"، مؤكدا أن مصر تقلق من مخاطر تقسيم ليبيا.