"إنني أعلم علم اليقين أنكم مثل سلفكم لا تريدون لأي إنجاز حقيقي أن يظهر باسم غيركم، وقد عانيت طويلاً لتمرير لائحة جوائز الدولة التي تحاولون إسقاطها". في استقالة مسببة، تضمنت هذه العبارات أرسل د.سعيد توفيق الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، نسخة مصورة لوسائل الإعلام تتعلق بأسباب تقدمه باستقالته صباح اليوم قبيل التصويت على جوائز الدولة المصرية في دورتها ال51. ويوضح توفيق الأسباب الأكثر أهمية في استقالته، وهي كما يقول ما تبينه من خلال حديثه مع الوزير من أنه عاقد العزم على إسقاط لائحة منح جوائز الدولة، وهي التي كما يقول أنفق أكثر من سنة لانجازها بمعونة كبار الأساتذة، وكان يفترض أن تكون اللائحة محل تصويت اليوم. وأكد توفيق أن هذه اللائحة تستهدف إنجاز آلية موضوعية دقيقة لمنح الجوائز باسم الدولة المصرية، بحيث لا يتم تصعيد أسماء للتصويت عليها إلا من خلال الخبراء المختصين في المجال النوعي للجائزة. وقال توفيق أنه تأكد من عزم الوزير من خلال طلبه عرض قائمة الأسماء كاملة، وليس مجرد الأسماء التي رشحتها اللجان المتخصصة النوعية، وقد جرى ذلك قبل توليه الوزارة مباشرة، ونص توفيق في استقالته بأن ذلك حدث بعد أن علم عصفور أن اسمه ليس من ضمن هذه الأسماء، وقال توفيق أنه يرفض أن يكون الوزير صاحب صيغة أمر هذه المرة بعد أن صار السلطة النهائية في هذا الشأن. ويواجه توفيق وزير الثقافة د.جابر عصفور بقوله في استقالته: "إنني أعلم علم اليقين أنكم مثل سلفكم لا تريدون لأي إنجاز حقيقي أن يظهر باسم غيركم وقد عانيت طويلاً، لتمرير لائحة جوائز الدولة التي تحاولون إسقاطها، وقد ظل هذا المشروع في درج مكتب الوزير الأسبق أكثر من نصف سنة، بحجة أن الحالة الأمنية لا تسمح بالنظر في مثل هذه الأمور، وبالرغم من موافقة كافة المثقفين عليه في سلسلة واسعة من الجلسات والمناقشات، وسوف أترك هؤلاء ليكونوا شهداء عليكم جميعاً، إضافة لمشروع صندوق رعاية المثقفين الذي يتم تعويقه منذ عهد الوزير الإخواني، وهو ما كان من حيثيات استقالتي المسببة التي قدمتها آنذاك". يواصل توفيق: والعجيب أنني أضطر لتقديمها مجدداً بعد ثورة، قامت على نظام الإخوان في الثلاثين من يونيو، وقد يبدو في ظاهر الأمر أننا إزاء وزارة جديدة، ولكن المتأمل الفطن لحقائق الأمور سيكتشف أننا إزاء نظام شكلي جديد يستخدم نفس أدوات نظام الإخوان من إقصاء الآخرين المختلفين، وتمكين الأتباع الموالين، والحفاظ على المصالح الشخصية دون اعتداد بمصلحة الوطن، ومحاولة تشويه الشرفاء بكل السبل الممكنة..ما أشبه اليوم بالبارحة. كذلك تركزت أسباب الاستقالة فيما وصفه توفيق ب"حملة التفتيش المسرحية" على المجلس في ساعة مبكرة قام بها ويزر الثقافة د.جابر عصفور، ، وحين وجد إهمالاً في نظافة دورات المياه، قام بنقل مدير مكتب الأمين العام دون استشارته، وقد أبدى توفيق دهشته من أن تكون أول مهام وزير الثقافة هي متابعة شئون الصرف الصحي بالمجلس. وتهكم ناقلاً عبارة سابقة لعصفور من أن دورات المياه هي واجهة المجلس، وأبدى توفيق دهشته من هذا الإجراء وقال: قد يكون معكم الحق في عدم نظافة هذه الدورات، لكن ذلك يرجع لضعف أداء شركة النظافة التي سبق أن قررت إنهاء التعاقد معها، فضلاً عن حضوركم قبل أن تستكمل الشركة القيام بأعمال النظافة في الصباح. وأضاف توفيق سبباً جديداً لاستقالته وهو قيام عصفور بندب ثلاثة موظفين من موظفي المجلس إلى المركز القومي للترجمة، دون أن يعلم الأمين العام شيئاً، ما يمثل برأيه إهانة مقصودة موجهة لشخصه، وإخلالاً بسلطته المخولة، بمقتضى التفويض الوزاري بإقرار كل ما يتعلق بالشئون المالية والإدارية للمجلس. بهذا الخطاب الموجه لوزير الثقافة جابر عصفور، أنهى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة د.سعيد توفيق استقالته المسببة والتي توجه بها لوسائل الإعلام ليعلن أنه لا يرغب في العمل تحت رئاسة وزير الثقافة الحالي وقطع أي صلة تربطه بوزارة الثقافة، بما يشمل استقالته من أمانة الأعلى للثقافة، ومجلس أمناء بيت الشعر، ورئاسة تحرير سلسلة "الفلسفة" في هيئة الكتاب، ورئاسة تجرير مجلة "الفكر المعاصر"، وكلها مشروعات لا يراد استمرارها مثلما لا يراد استمرار أي بقعة مضيئة في هذه الوزارة.