في العام 1886، ورث صبي يبلغ من العمر 15 سنة عن والده الشيخ الموريتاني "محمد فاد الله" مهمة التعريف بالاسلام وبطريقته الجديدة لسكان السنغال.. ذاك الصبي كبر ليصبح الشيخ "ساديبو شريف أيدارا"، والذي يعتبر سليل العالم الاسلامي "عبد القادر ديالاني" أو عبد القادر الجيلاني (470 ه - 561 ه)، هذه الطريقة القادرية الصوفية ذات المسار الطويل والضارب في القدم لا تزال في المقابل تبحث عن المكانة الرفيعة داخل السنغال. على الطريق الرابطة بين "داكار" و "سانت لويس"، شمالا تعطي "غويول" انطباعا على انها قرية هادئة، لا حركة فيها غير تلك التي يحدثها مرور السيارات على طريق وطنية تشق وسط القرية التي أصبحت عمادة. تنتشر المحلات التجارية الصغيرة على طول طريق نحو منطقة شمالي غرب البلاد. في صباح مشمس، يلهو الأطفال بالرمل فيما يلتقي الرجال تحت ظلال شجرة وفيرة، وفي تلك الأثناء، تكون النسوة قد عدن من السوق. مشهد شبيه بمشاهد من قرى أخرى على طول طريق "داكار-سانت لويس" إلى حد قد يتبادل فيه إلى الأذهان سؤال، ما الذي يجعل من قرية "غويول" دون غيرها، عاصمة الطريقة "القادرية" في السنغال... يقول "أمادو دياو غووي" البالغ من العمر 54 عاما، وهو إبن "غويول": "على الرغم من ان 95 بالمئة من سكان غويول من أتباع القادرية، لكننا نعيش معتقداتنا بطريقة هادئة عند ممارسة الشعائر بين الأتباع. لا نملك أي نوع من الرياء أو حب للظهور". ما يرفع غويول إلى مرتبة العاصمة غير الرسمية للقادرية في السنغال ليس انتماءات سكانها الدينية بل تاريخها المرتبط بهذا المذهب. إذ تم اللقاء بين هذه القرية وهذا المذهب السني عن طريق الشيخ "ساديبو شريف إيدارا"، إبن الشيخ "محمد فاد الله" وسليل العالم الاسلامي "عبد القادر ديالاني" أو عبد القادر الجيلاني (470 ه - 561 ه) مؤسس الطريقة القادرية. أحد سكان "غويول"، بلدة شمالي غرب السنغال وعاصمة الطريقة القادرية في السنغال، يروي انه "حين كان أحد أبناء ساديبو عائداً من سفر من كازامانس (المنطقة الجنوبية من السنغال)، نزل ب غويول لأخذ قسط من الراحة، لكنه توفي بها إثر مرض ألم به، ودفن بالبلدة. ومنذ ذلك الحين، سميت مقبرة البلدة بإسمه". كما فقد "الشيخ ساديبو شريف إيدارا" إبنا آخر له يدعى "الشيخ ماخفو" في "غويول" على إثر مرض قصير، ودفعه فقدانه لوليديه، إلى مباركة الأرض التي يرقدان تحتها. وإلى اليوم، يحتفظ حفيده "شايا" إيدارا" بوثيقة خط عليها "ساديبو" : "فليرعى الله غويول، فلينعم الله على هذه الأرض المباركة. فليصحو من يرقد جنب الشيخ الحضرمي والشيخ ماخفو من الأخيار، في الجنة بإذن الله". ومنذ ذلك الحين، أصبحت مقبرة "غويول" المكان المفضل لدى أتباع الطريقة القادرية في السنغال لدفن موتاهم ومن بينهم الشقيقة الكبرى للرئيس السنغالي السابق "عبد الله واد" التي دفنت ب "غويول". على شواهد قبور مقبرة "حضرمي" (إبن الشيخ إيدار الذي سميت المقبرة بإسمه)، بالإمكان قراءة أسماء الموتى مناطق أصول الموتى: "أغلبية أتباع القادرية يحلمون بأن يرقدوا بسلام بجانب أحفاد النبي (صلعم)، كما أن الأتباع يهبّون من جميع البلدات للتعبد وللاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف في غويول"، بحسب "دياو غووي" أحد أهالي البلدة، البالغ من العمر 54 عاما. حاليا، "الشريف ماخفو إيدارا" الملقب ب "بايا"، هو "شريف" و "خليفة" "غويول". استقر والده "شيخنا محمد فاد الله" في البلدة منذ 1940 . يقول "الشريف ماخفو إيدارا" عن ذلك: "غادر والدي موريتانيا إلى السنغال بطلب من جده شايا قصد الإبقاء على الإرث العائلي وتزوج سينغاليات ونحن ثمرة هذه الزيجات" بحسب "شايا" الذي يحمل إسم عمه. وتابع قائلا: "على إثر موت والدي في 5 يونيو 1981 خلفه أبي وسار على المنهج المسطر سابقا: "تعليم القرآن، الالتزام الحرفي بهدي الإسلام والإبقاء على الطريقة القادرية". ويروي "شايا" أن جده الأول أقنع العديد من المسلمين باتباع طريقته والصلاة من أجل ان تكون "غويول" أرضا مباركة. وتابع قائلا: "على إثر وفاة والدنا في 5يوليو 1981 ، خلفه شقيقي الأكبر ويقول "شايا" أن هذا التجذر في التاريخ القديم لغويول والحضور على مدى قرون في البلدة الصغيرة، تشكك فيه قرى أخرى تتبع طُرقا صوفية مختلفة، الأمر الذي يأسف له أحفاد "الشيخ ساديبو شريف إيدار" ويعطل مساعيهم في نشر التعاليم الإسلامية في "غويول"، وهم يلاقون صعوبات في بعض الأحيان في تحقيق هدفهم"، على حد قوله. ويجد أحفاد الشيخ "ساديبو شريف إيدارا" اليوم في بعض الأحيان صعوبة في تحقيق هدفهم بنشر التعاليم الإسلامية في غويول: "في البداية اعترضت طريقنا عدة عراقيل لأن البعض يعتبرنا أغرابا لاختلاط أصولنا: موريتانيون-سينغاليون". بحسب "شايا". واستدرك "شايا" قائلاً: "لكن ليس هذا الأهم في نظرنا، لأن الإسلام لا جنسية له ولاحدود. نقول للناس أننا من السلالة المباشرة للرسول الأكرم، من هذا المنطلق، يمكننا أن نقوم بتقديم النصح لأي كان في شؤون الإسلام، التيجانية، المريدية والقادرية. نحن في وضعية وسط. هو امر شديد الصعوبة كون البعض لا يقبل بالحقيقة". ويعتبر الشيخ "شايا" أن الدولة تقيم وزنا أكبر للطرق الأخرى مقارنة بالقادرية. والسبب وراء ذلك أن الخلفاء العامين (القادة الدينيين للقادرية) موريتانيون، كما يرى "الشريف، واقع الحال أن للقادرية ممثلون في كامل البلاد، في سانت لويس وفي داكار و لوغا و ليوونا و داهرا و دجولوف و نداندي و كيبيمير و ساغاتا و تياس و مبور و دجوفيور، لدينا قواعد مهمة لكن الناس يعتبروننا أغرابا في بعض الأحيان". وعلى الرغم من كل ذلك، يمضي التعايش في "غويول" مع الطرق الأخرى ومع المسيحيين بشكل جيد، كما يؤكد الشيخ شايا. وفي مجمل الأمور، يبقى الفقر أولى مشاكل "غويول". "الناس يعانون" بحسب "أومي ديوب" إحدى ساكنات البلدة. عديد الأسر لا تقوى على الحصول على 3 وجبات في اليوم ولا حتى وجبتين، ولا على توفير مصاريف شهر بأكمله". ويعتبر "دياو غويي"، أحد سكان غويول الذي يشتغل كموظف إداري في "لوغا" (30 كيلومتر على غويول) أن "نسبة الشباب العاطلين عن العمل مرتفعة للغاية". ولتحقيق التنمية في "غويول"، أطلق رئيس البلدية "خليفة ديا" "مخططا استثمارا بلديا " لتحسين ظروف عيش السكان في مجالات "الصحة و التعليم والموارد المائية والاقتصاد المحلي والبيئة والتنمية الاقتصادية المحلية وبعض احتياجات الفئات ذات الوضعية الهشة"، بحسب رئيس البلدية للأناضول. في انتظار ذلك، ولتخفيف عبء الفاقة على بعض الأسر، يقوم خليفة "غويول" بتوزيع نزر من المال المجمع من بضعة أسر ميسورة الحال.