السيد يس بكتابه الجديد : صداقة العرب مع القوى الصاعدة حتمية محيط – سميرة سليمان جانب من الندوة توقع د. السيد يس أن يدخل العرب في نهضة حقيقية بعد أن يتمكنوا من نقد أوضاعهم ذاتيا ، وبعد أن يطوروا حداثة خاصة بهم تختلف عن الحداثة الغربية ، ولكنها تتفق معها في سعيها لتكريس قيم العدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية ، كما توقع أن يشهد العالم خلال الفترة القادمة تعددا للأقطاب بعد ارتفاع أسهم الصين كثاني قوة اقتصادية في العالم. جاء ذلك خلال مناقشة كتابه " تحولات الأمم والمستقبل العالمي " ضمن ندوات معرض القاهرة الدولي للكتاب ؛ حيث شارك بالندوة كل من السفير المصري أمين شلبي، ود.جمال عبد الجواد مدير مركز الدارسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، بينما أدارها الباحث السياسي د. نبيل عبد الفتاح، والكتاب يطرح أسئلة عن أمريكا وسيادتها للعالم، وبروز قوى جديدة في المشهد العالمي بالإضافة إلى الحديث عن الأزمة الاقتصادية العالمية وضوابط السوق. ويأتي الكتاب كحلقة ضمن مشروع متكامل لمؤلفه بدأه عام 1990 بإعادة النظر في أفكاره الاجتماعية ونظرياته بعد التحولات الكبرى التي حدثت في العالم إثر سقوط الاتحاد السوفيتي، وتحول نظام الثنائية القطبية إلى نظام احادي تنفرد به الولاياتالمتحدةالأمريكية. من جهته أكد مؤلف الكتاب على أهمية انفتاحنا على قيم? ?الدول الصاعدة،? ?وأن نخلق معهم علاقات قوية سياسية??،? ?واعتبر أن مشاكل الشعوب العربية ليست مع الحكومات وحدها ، لأن المثقفين والمجتمع المدني عموما يجب أن يكونوا إيجابيين لصنع التنمية ، مشددا على أن الدولة لا يجب أن تقوم على أن تكون ذات صبغة دينية بل مدنية ، ورأى أن المرجعية لابد أن تكون هي دستور الدولة الذي يكفل مبدأ المواطنة للجميع ، مشيدا في ذلك بموقف مرشد الإخوان المسلمين الجديد حينما دعى بعض المفكرين للحوار حول الجماعة وهموم الوطن عموما . تساؤلات كبرى أوضح السفير أمين شلبي أن الكتاب يرصد التحولات الكبرى التي لحقت ببنية المجتمع العالمي وأبرزها تنامي الثورة الاقتصادية العظمى مما يجعلنا نعيش في زمن مليء بالتحديات. ولكن السؤال الذي يطرحه السيد يسين في هذا الكتاب هل نحن نعيش الزمان العالمي أم أننا نعيش زمانا عربيا مفارقا للزمن العالمي؟ أيضا من ضمن القضايا الملحة التي يطرحها الكتاب الهيمنة الأمريكية على العالم التي أصبحت أكثر وضوحا منذ بداية التسعينات بامتلاكها كل مقومات القوة العسكرية والتكنولوجية ، وأصبح الجدل لا يدور حول القوة الأمريكية ولكن ماذا تفعل الولاياتالمتحدة بهذه القوة ؟، واختار الشعب الأمريكي جورج بوش ليجيب عن هذا السؤال بسياسة غير رشيدة أوقعت العالم في اضطراب لازلنا نعيشه إلى الآن. ولكن المؤلف يفتح باب أمل حقيقي ، فهو يؤكد على صعود قوى جديدة في عالم اليوم ، وهي القضية التي تهم في المقام الأول الدول الصغيرة والمتوسطة مثل مصر لأن التاريخ الحديث – كما يقول السفير أمين شلبي - أثبت أن هذه الدول تأثرت بالنظام الدولي وحالة القوى التي تسيطر على هذا النظام، والتجربة العملية تثبت أن النظام الثنائي القطبية أعطى قدرة للنظام المصري على المناورة والحركة السياسية، وألا يهيمن على مصائر هذه الدول قطب واحد يملي إرادته ومصالحه عليها. أيضا يطرح يسين بكتابه سؤالا يتصل بالرئيس باراك أوباما وبمستقبل الولاياتالمتحدة والتوقعات الكبيرة وحرية التعبير الذي وعد بها منذ حملته الانتخابية ، ويتساءل يسين هل هناك عقبات كامنة في بنية النظام الأمريكي قد تحد من طموح أوباما ولا تسمح له بالتغيير؟ وهو سؤال يرى شلبي أنه بالغ الأهمية بالذات في المنطقة العربية لأنها أكثر المناطق التي رحبت بباراك أوباما وبوعوده وطموحه وتصميمه في أيامه الأولى في التعامل بجدية مع الصراع العربي الإسرائيلي. ويرى مؤلف الكتاب أنه بالفعل توجد نخبة تحكم المصالح الأمريكية ، ومهما كانت شخصية الرئيس الأمريكي فإن أثرها محدود دائما ، فالسياسة الأمريكية وخاصة الخارجية معدة سلفا ولا يمكن تجاوزها . الزمن العربي في كلمته أكد د.جمال عبد الجواد على أن الزمن العربي محشور بين الماضي الذي يراه ملهمًا ونموذجيا وما بين الحاضر الذي هو العالم الخارجي وقال?: "?لايزال الجدل العام في العالم العربي والإسلامي يطرح نفس القضايا التي كنا نطرحها في بداية عصر النهضة أو القرن التاسع عشر،? ?وهذا ما ركز عليه يسين في فصول الكتاب الأولي". وفيما يخص الأزمة الاقتصادية العالمية ؛ يرى يسين أننا بحاجة إلى تآلف خلاق بين حرية الدولة وحرية السوق المطلقة وهي اشكالية ليست بعيدة عن مصر التي بدأت منذ السبعينيات تأخد باقتصاد السوق. وتحدث عبد الجواد أيضا عن تغير العالم الذي بدأ يشهد صعود قوى أخرى بجانب الولاياتالمتحدةالأمريكية أبرزها الصين واحتلالها مكانة الدولة الثانية من حيث حجم الاقتصاد بعد أمريكا، حيث بدأ العالم يشهد تنامي قوى جديدة بعيدا عن المعسكر الغربي الذي احتكر القوة العسكرية والثقافة والإبداع زمنا . والآن نرى قبولا لمسألة نسبية القيم بحيث لم تعد هناك دولة واحدة هي التي تسعي لفرض ثقافتها،? ?والدليل إخفاق الولاياتالمتحدة الكبير في فرض قيمها علي العراق،? ?وصعود الصين سيعزز هذا الاتجاه،? ?خاصة أنها عملت بقواعد النظام الدولي الراهن واستطاعت من خلالها الوصول لما هي فيه?.? وبعد هزيمة أمريكا في العراق وفشلها في تطبيق الديمقراطية هناك ، أدركت أن للقوة حدود، وأن العالم أصبح أقل قابلية لاستخدام العنف لتحقيق المصالح، فالحرب لم تعد وسيلة فعلة لتحقيق الأهداف مهما كانت القضية موضع النزاع. أيضا أتاحت العولمة فرصة التعبئة ومكنت الشعوب المستضعفة من أن تواجه القوى الكبري، وأن تقاوم المحتل أو المستبد بل وتستطيع هزيمتها أيضا. وفي تعليقه على الكتاب يقول مدير الندوة د.نبيل عبد الفتاح : ??مصر أصبحت هبة الصينيين والصين،? ?التي تنشر ثقافتها الآن عبر صناعاتها? ، وقد أدرك مؤلف الكتاب الفرق بين الزمن العربي والزمن العالمي،? ?خصوصا الجماعات الإسلامية التي تتمحور حول الزمن الأول التأسيسي وهو ما يتقاطع مع عملية الحداثة التي نحن بحاجة إليها الآن?. ?واعتبر أن أعمال يس الفكرية تعتبر واحدة من الأعمال التأسيسية في الثقافة المصرية،? ?وأنها ركزت علي تحليل الخطاب الأكاديمي والحقوقي المصري والعربي?.