اعتبر خبيران أمنيان مصريان زيادة عمليات استهداف الجنود المصريين داخل مقارهم الأمنية أو نقاط التفتيش، بمثابة "تغير نوعي للإرهاب بمصر، يسعى إلى تفزيع المواطنين، وإثارة الفوضى بالبلاد، مع قرب الانتخابات الرئاسية المقررة الأسبوع المقبل". وقال الخبيران إن الوضع الأمني سيكون أحد أهم التحديات للسلطة المقبلة، والتي تستدعي ظهيرا شعبيا واستراتيجية حقيقية للقضاء على الإرهاب، مشيرين إلى أن جماعة "أنصار بيت المقدس" هي المسؤولة ظاهريا عن هذه العمليات لحساب أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي. وقُتل شرطي مصري بمحافظة الشرقية، في دلتا النيل، أول من أمس السبت، إثر إصابته بطلقات نارية على يد مجهولَين، استهدفوه أثناء استقلاله دراجته البخارية، بحسب مصدر أمني. وفي مقابلة على فضائية "سي بي سي" المصرية الخاصة، للإعلامية لميس الحديدي، مع رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، السبت، بكي الأخير، عندما تحدث عن شهداء الجيش والشرطة، وقال: "بأي ذنب قتلوا؟ واحد يدافع عن وطنه يتقتل ليه (لماذا يقتل)؟". وأوضح محلب أن أعداد القتلى من الشرطة منذ 30 يونيو/ حزيران، وصل إلى "270 شهيدا، منهم 27 شهيدا منذ مارس (آذار) الماضي"، وقال إنه "من الطبيعي أن يطلب الشرطي الشهادة للدفاع عن وطنه، ولكن كيف لمصري أو مسلم أن يضع قنبلة لتنفجر في مصري مسلم مثله". اللواء إيهاب يوسف، مدير "جمعية الشرطة والشعب" والخبير الأمني، قال للأناضول، إن "تغير الفكر الإرهابي لجماعة أنصار بيت المقدس بالاستهداف المباشر للجنود، يعد تغيرا نوعيا يهدف إلى تصدير الفزاعة للمواطنين، لإثارة الفوضى بالبلاد". وأشار إلى أن "الفترة القادمة تزامنا مع الانتخابات الرئاسية وتنصيب رئيس جديد للبلاد، ستشهد تصعيدا كبيرا من الجماعات الإرهابية، لإثارة القلاقل في البلاد، وهو ما يصب في صالح أنصار مرسي الذين يسعون لإعادته للحكم بقوة". وأعرب عن تخوفه من "تأثير مثل هذه العمليات على استقرار البلاد، والحشد للعملية الانتخابية"، متوقعا أن تزداد الأزمة الأمنية لتصل إلى "مرحلة تكفير المجتمع، وهو ما سيعيد إلينا ما شهدته البلاد في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بصورة أشرس". واتفق مع يوسف، اللواء أشرف أمين، مساعد وزير الداخلية الأسبق والخبير الأمني، الذي قال للأناضول، إن "تغير الفكر نحو استهداف الجنود، والذي زادت وتيرته الفترة الماضية بالمحافظات، تغير فكري متسارع في جماعة ناشئة تسعى لإثارة الفوضى بالبلاد". وأشار إلى أن "تصعيد العمليات الإرهابية باستهداف الجنود خلال الفترة المقبلة، يستهدف تصدير فزاعة للمواطنين ولقوات الشرطة، بأن حياتهم في خطر، في محاولة للضغط عليهم من أجل إعادة الإخوان مرة أخرى للحكم". وحول التحديات التي تواجه السلطة المقبلة، لمواجهة الانفلات الأمني والإرهاب، قال اللواء إيهاب يوسف: "مواجهة الإرهاب في مصر معقدة بسبب التراكمات الأمنية والتغييرات التي شهدتها البلاد علي مدار السنوات الثلاثة الأخيرة، وهو ما يتطلب دعما شعبيا في المواجهة وحشدا قويا للأجهزة الأمنية لمواجهة التحديات الشائكة". وأضاف: "الحل الأمني ليس الحل الوحيد لمواجهة هذا الفكر، وإنما يجب على الحكومة القيام بأعمال فكرية وثقافية وتنموية لتغيير ثقافة المجتمع، وإعادة بناء قدرات الدولة". اللواء أشرف أمين هو الآخر، دعا "السلطات المقبلة للبلاد إلي اتخاذ خطوات غير تقليدية لمواجهة هذا الإرهاب، بالتنسيق مع كل مؤسسات الدولة، ووضع خطة حكومية شاملة لمواجهة الإرهاب المحتمل". وأحال النائب العام هشام بركات، في 12 مايو/ آيار الجاري، 200 شخص قالت إنهم من أعضاء جماعة "أنصار بيت المقدس"، بينهم 98 هاربا، للمحاكمة الجنائية بتهمة "التورط في التخطيط وتنفيذ 51 عملية إرهابية كبرى"، خلال الأشهر الماضية. وكشفت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، مع أعضاء التنظيم أن خسائر 4 عمليات فقط، قام بها التنظيم ضد مؤسسات شرطية، بلغت 192 مليون جنيه (27.5 مليون دولار تقريبا). وفعلياً تتواجد الجماعة في سيناء بشكل رئيسي، لكنها بدأت عقب الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، في الانتشار بعدد من محافظات الدلتا، لتنفيذ عمليات إرهابية موسعة ضد الشرطة والجيش. ويعود ظهور الجماعة، المحسوبة فكريا على تنظيم القاعدة، إلى أغسطس/آب 2011، وتبنت الجماعة عدة عمليات وقعت عقب عزل مرسي، من بينها تفجير خط الغاز بين مصر وإسرائيل، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم في القاهرة، وتفجير مديرية أمن الدقهلية (في دلتا نيل مصر) في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وأسفر عن مقتل 16 شخصا بحسب بيان وزارة الصحة المصرية. ومنذ عدة أشهر تتبني "جماعة أنصار بيت المقدس" المحسوبة على التيار السلفي الجهادي وتنشط في سيناء شمال شرقي مصر، في بيانات لها على مواقع "جهادية" على الإنترنت مقربة لها، عمليات مسلحة استهدفت رجال الجيش والشرطة في سيناء وخارجها. وفي التاسع من أبريل/ نيسان الجاري أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية جماعة "أنصار بيت المقدس"، التي تأسست في مصر عام 2011، منظمة إرهابية دولية يحظر التعامل معها. ورغم تبني "أنصار بيت المقدس" عدة هجمات في مصر، وإدانة جماعة الإخوان المسلمين لتلك الهجمات، إلا أن السلطات المصرية حملت المسؤولية عن تلك الهجمات إلى جماعة الإخوان، وأعلنت في ديسمبر/ كانون الثاني الماضي الإخوان "جماعة إرهابية". وتقول جماعة الإخوان المسلمين إنها تلتزم بالسلمية في احتجاجات أنصارها شبه اليومية ضد ما تعتبره "انقلابا عسكريا"، وتتهم السلطات بقتل المئات من هؤلاء الأنصار. وتقصد الجماعة بالانقلاب إطاحة قادة الجيش، بمشاركة قوى سياسية ودينية وشعبية، يوم 3 يوليو/ تموز الماضي، بالرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي للجماعة، في خطوة يراها المناهضون له "ثورة شعبية".