قال وزير العدل المغربي مصطفى الرميد إن على بلاده أن تنتقل إلى مرحلة تفعيل استقلالية السلطة القضائية، وفق ما نص عليه الدستور الجديد للبلاد سنة 20َ11، آملا في أن يستجيب إصلاح العدالة الجاري حاليا في المغرب لتطلعات المواطنين. وأضاف رميد، خلال مشاركته اليوم السبت، بالعاصمة الرباط، في ندوة حقوقية حول إصلاح العدالة بالمغرب، أن موضوع إصلاح القضاء لم يقتصر على المجالات القضائية المألوفة، بل امتد ليشمل إصلاح القضاء العسكري. وأوضح أنه تمت مناقشة إدخال إصلاحات على اختصاصات المحكمة العسكرية على هامش الحوارات التي كانت تجريها هيئة إصلاح منظومة العدالة، والتي أعلن عن تشكيلها العاهل المغربي الملك محمد السادس في مايو سنة 2012 واختتمت أشغالها في سبتمبر الماضي. وقال الرميد إن إصلاح القضاء العسكري يهدف إلى القطع مع الطابع الإستثنائي والخاص الذي كان يميز اختصاصاته، ويجعله قضاءا تتوفر فيه شروط المحاكمة العادلة، ويمنع محاكمة المدنين أمام محاكمه إلا في ظل شروط معينة، كما يقدم العسكريين أمام المحاكم العادية في حال ارتكابهم جرائم الحق العام. وكان مجلس الوزراء المغربي، الذي يترأسه العاهل المغربي محمدد الساس قد صادق شهر مارس الماضي على مشروع قانون المحكمة العسكرية الجديد، والذي يمنع محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، ما اعتبره حقوقيون مغاربة خطوة مهمة في مجال تعزيز احترام حقوق الإنسان واستقلالية القضاء. من جانب آخر اعتبر الوزير المغربي أن هناك إجماعا على ضرورة ضمان استقلالية القضاء، وبناء سلطة قضائية مستقلة إلا أن الخلاف قائم حول "الشكل الذي يجب أن يتجسد فيه هذا الاستقلال". وأضاف أن من أبرز مقومات استقلالية القضاء في المغرب، إنشاء مجلس أعلى للسلطة القضائية يكفل الضمانات الممنوحة للقضاة بشأن استقلاليتهم وتعييناتم وتأديبهم . وكان وزير العدل والحريات المغربي قدم تقرير الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة في سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد الانتهاء من الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة الذي انطلق خلال 8 مايو/أيار عام 2012 ، وأشرفت عليه الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة. وفي التاسع من الشهر الجاري، أعلنت وزارة العدل والحريات المغربية عن موافقة الاتحاد الأوروبي على منح المغرب 60 مليون يورو لدعم إصلاح القضاء. وقالت الوزارة، في بيان سابق لها، إن هذه "منحة أولية" تندرج "في إطار المساهمة في وضع استراتيجية للتعاون بين المملكة المغربية والاتحاد الأوربي في مجال الحكامة الجيدة واحترام حقوق الانسان". وينص الدستور المغربي الجديد، الذي تم إقراره في يوليو 2011، على تأسيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومن بين صلاحياته وضع تقارير حول وضعية القضاء بالبلاد، و"السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة فيما يتعلق باستقلاليتهم وتعيينهم وترقيتهم تأهيلهم وإحالتهم إلى الجهات التأديبية". فيما تطالب هيئات نقابية قضائية وحقوقية بأن يراعى في تشكيل هذا المجلس المعايير الدولية لاستقلال السلطة القضائية وحيادها. وتعتبر هيئات وجمعيات حقوقية أن "القضاء لا يزال يخضع لتعليمات وتدخلات سياسية؛ ما يؤثر على نزاهته واستقلاليته"، كما ترى أن ظروف عمل القضاة "غير جيدة"، ويطالب القضاة بتحسين أوضاعهم وظروف عملهم داخل المحاكم، إلى جانب استقلالهم أثناء البت في القضايا المطروحة أمامهم.