الرئيس السيسى يوجه بتحقيق الحماية القانونية الواجبة للعمال    الرئيس السيسي يشهد الاحتفال بعيد العمال بمجمع «هايير مصر» الصناعي    الأونروا: الظروف المعيشية صعبة وكارثية للغاية في غزة.. وهذه مطالبنا    صدام جديد.. أنشيلوتي يُجبر نجم ريال مدريد على الرحيل    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    وزيرة الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر لدفع الوديعة للمسجلين في مبادرة السيارات    الموارد المائية تؤكد ضرورة التزام الفلاحين بزارعة الأرز في المناطق المقررة فقط    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    10 آلاف دارس.. الأزهر: فتح باب التقديم لقبول دفعة جديدة برواق القرآن    زيلينسكي: روسيا استخدمت أكثر من 300 صاروخ و300 طائرة دون طيار وأكثر من 3200 قنبلة في هجمات أبريل    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    المجلس القومي للطفولة والأمومة يطلق "برلمان الطفل المصري"    «انتقد جماهير القلعة الحمراء».. نجم تونس السابق: صن دوانز أقوى من الأهلي    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    كشف ملابسات فيديو الحركات الاستعراضية لسائقين بالقاهرة    كشف ملابسات فيديو التعدي على سيدة وزوجها بالقليوبية    حار نهارًا.. «الأرصاد» تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 2-5-2024 ودرجات الحرارة المتوقعة    ضبط المتهم بإدارة ورشة لتصنيع وتعديل الأسلحة النارية بالبحيرة    تحرير 30 محضرًا تموينيًا في الأقصر    الأمن تكثف جهوده لكشف غموض مق.تل صغيرة بط.عنات نافذة في أسيوط    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من منصة الجونة السينمائية    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 3.. أحداث مرعب ونهاية صادمة (تفاصيل)    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    رئيس جامعة حلوان يكرم الطالب عبد الله أشرف    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    وزيرة التضامن الاجتماعي تكرم دينا فؤاد عن مسلسل "حق عرب"    وائل نور.. زواجه من فنانة وأبرز أعماله وهذا سبب تراجعه    محافظ الجيزة يستجيب لحالة مريضة تحتاج لإجراء عملية جراحية    الرعاية الصحية والجمعية المصرية لأمراض القلب تطلقان حملة توعوية تحت شعار «اكتشف غير المكتشف» للتوعية بضعف عضلة القلب    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بكلية طب قناة السويس    وزير الخارجية السعودي يدعو لوقف القتال في السودان وتغليب مصلحة الشعب    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    الانتهاء من تجهيز أسئلة امتحانات نهاية العام لطلاب النقل والشهادة الإعدادية    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    وزير المالية: الخزانة تدعم مرتبات العاملين بالصناديق والحسابات الخاصة بنحو 3 مليارات جنيه    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    مدرب النمسا يرفض تدريب بايرن ميونخ    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    محامي بلحاج: انتهاء أزمة مستحقات الزمالك واللاعب.. والمجلس السابق السبب    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    حادث غرق في إسرائيل.. إنقاذ 6 طلاب ابتلعتهم أمواج البحر الميت واستمرار البحث عن مفقودين    المفوضية الأوروبية تقدم حزمة مساعدات للبنان بقيمة مليار يورو حتى عام 2027    كوارث في عمليات الانقاذ.. قفزة في عدد ضحايا انهيار جزء من طريق سريع في الصين    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصالحة الوطنية في عيون فلسطينيي الشتات
نشر في محيط يوم 25 - 04 - 2014

اليوم أعلن في غزة عن انتهاء الحوار، ووصول الفرقاء إلى توافقٍ وطنيٍ شامل، ينهي سنوات القطيعة، ويضع حداً لمرحلة الانقسام والمعاناة، ويعلن عن الدخول إلى مرحلة جديدة، قوامها تشكيل حكومة واحدة، والبدء في إجراء انتخاباتٍ تشريعية ورئاسية، والمباشرة في السعي لرفع الحصار المتعدد عن قطاع غزة، وفتح المعابر المغلقة، وبدء عملية إعادة إعمار ما دمره العدوان الإسرائيلي المتكرر عليه، وإعادة ردم الهوة الإجتماعية التي تسبب بها الإنقسام وحالة الاختلاف.
إنها فرحةٌ عظيمة، ويومٌ مجيد، وإعلان عزٍ ومجدٍ، وعزةٍ وكرامة، بيوم الوفاق والمصالحة، سيعتز به الفلسطينيون وسيفخرون بما حققوه في هذا اليوم، بعد طول تأخير، وشديد معاناة، وكثير ألم، ولكنهم يأملون أن يكون الإتفاق جدياً، والمصالحة حقيقية، والتوقيع مسؤولاً، والنوايا صادقة وصافية، والعزم على التطبيق والتنفيذ أميناً وجاداً، وألا نعود في اتفاقنا، وننقلب في مواقفنا، وننكر التزاماتنا، ونضع العقبات، ونفرض الشروط، ونتبادل الإتهامات، ونشكك في النوايا والإجراءات، بحججٍ كثيرة، ومبرراتٍ عديدة.
وهنا سأنقل لكم بصدقٍ وشفافية وجهات نظر العديد من الفلسطينيين الذين يعيشون في الشتات، بعيداً عن أرض الوطن، ولكنهم يتابعون عن كثبٍ تفاصيل الحوار الفلسطيني، وتطورات الأوضاع السياسية والعسكرية داخل فلسطين المحتلة، ويتحدثون بصراحةٍ ووضوح، وبصوتٍ عالٍ وصاخب، وبمسؤولية وأهلية، وصدقٍ وشفافية، ولا يغلفون آراءهم لتبدو مقبولة، ولا يزينونها لتبدو جميلة.
بل يعرضونها كما هي، صافية نقية، بيضاء ناصعة، أو سوداء قاتمة، فلا يخافون من بيان رأيهم، ولا يجبنون عن التعبير عما يجول في خاطرهم، ولعلهم في هذا الأصدق والأكثر وعياً، والأقدر على تلمس الجراح وبيان العيوب، وما يقولونه قد لا يقوى غيرهم على النطق به، أو التعبير عنه، لا لأنهم يرون ما لا يرى غيرهم، ولا لأنهم أكثر صدقاً وإخلاصاً وانتماءً لوطنهم، بل لأنهم يتمتعون بصدقٍ وشجاعة أكثر من غيرهم، وليس عندهم ما يخافون منه، ولا ما يقلقون عليه، فيعبرون بلا خوفٍ ولا قلق، إذ لا يرجون مصالح، ولا يتوقعون هباتٍ وهدايا، ولا ينتظرون مناصب أو مواقع، ولا ينافقون مسؤولاً، ولا يراؤون قائداً، ولا يتملقون مصلحةً أو رغبةً.
بل إنهم على العكس من ذلك، يستخفون بالمسؤولين وينتقدونهم، ويعيبون عليهم ويحزنون لحالهم، ولا يتمنون أن يكونوا مكانهم، ولا يصدقون تبريرهم، ولا يؤمنون بتقاريرهم، لهذا فإنهم مراةٌ صادقة، ومنتدى حرٍ لسبر الآراء، ومعرفة وجهات النظر المختلفة، دون وجود رقيبٍ يخيف، أو مسؤولٍ يضيق، فأغلبهم مشغولٌ في عمله، أو مغموسٌ في همومه، وقد لا يكون عندهم وقتٌ كافٍ للانشغال في غير قضايا وطنهم، وهم صغارٌ وكبار، ورجالٌ ونساء، عاملون وطلاب، وتجارٌ ومهنيون، وكتابٌ وصحفيون، وهواة دردشة وأصحاب موهبة، وغير ذلك كثير من صنوف شعبنا المشتت والموزع على الكون كله.
أكاد أجزم أن أغلب الذين استمتعت إليهم، رغم فرحهم واستبشارهم، وسعادتهم وسرورهم، إلا أنهم لا يثقون في جدية الحوارات الجارية في غزة، ويرون أنها حوارات عبثية، وأنها فرصة للطعام والشراب والزيارة، والسلام وتبادل التحيات والتقاط الصور، والظهور المكثف على وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ويرون أن النتيجة التي وصل إليها المتحاورون مؤقتة وعابرة، ولن تطول ولن يكتب لها النجاح.
ويصفون المتحاورين، جهاتٍ وأشخاصاً، بأنهم ليسوا جديين، ولا يتحلون بالمسؤولية الوطنية، ولا يدركون حجم الأزمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، ولا عظم المعاناة التي يلاقونها في الداخل والخارج، وأنهم لا يسمعون إلى وجهات نظر الآخرين فينا، من العرب والمسلمين، فهم وإن كانوا يحبون القضية الفلسطينية، ويضحون من أجلها، فإنهم لم يعودوا يثقون بالفلسطينيين أنفسهم، ويرون أنهم يفرطون في نضالاتهم، ويتخلون عن واجباتهم، ولا يقلقون على مصير وطنهم، ولا على مستقبل شعبهم.
إنهم يرون أنه لا صدق في الحوارات وإن وصلت إلى خواتيمها، وأعلن عن التوقيع عليها، إذ لا مصالح وطنية تدفع المتحاورين، ولا احساس بالأخطار الحقيقية ينبههم ويحذرهم، إنما هي مصالحٌ حزبية، ومنافعٌ فردية، ومكاسب آنية، تقتصر على ثلةٍ من المسؤولين وأعوانهم، بما يبقيهم في السلطة، ويحافظ على مناصبهم ومواقعهم، ويزيد في مكاسبهم وامتيازاتهم.
كما يرى البعض أن المتحاورين يعرفون تماماً أنهم يخدعون بعضهم، وأنهم ينافقون شعبهم، وأنهم يتطلعون إلى عكس ما يعلنون، وأن المصالحة الحقيقية هي آخر همهم، وهي أبعد ما تكون عن أولوياتهم، إذ أنها تضر بمصالحهم، وتهدد نفوذهم، وتفكك وجودهم، وتضعف حضورهم، فليست غايتهم الوفاق والمصالحة، إنما غاية فريقٍ أن يتخلص من الحصار، وأن يخفف من المعاناة، وأن ينتصر على الظروف والضائقة التي ألمت به، وغاية الآخر أن يحل الحكومة، ويستعيد الشرعية، ويمسك بالسلطة، ويستقوي بالآخرين في مساراتٍ تفاوضية مرفوضة.
بينما تضيع هموم الشعب، وتتوه مصالحه بينهم، وهو الأعظم سواداً، والأكثر ضرراً، والأشد معاناةً، وإلا لماذا تفشل المفاوضات دائماً، ولماذا تكون نتيجتها سلباً، ولا يترتب عليها أي نتيجة فعلية، وإن تم التوقيع عليها، بحضور وشهادة ملوكٍ ورؤساء وأمراء، ودليلهم على ذلك اتفاقي القاهرة عام 2011، والدوحة عام 2012.
فقد تم التوقيع عليهما، وازدانت الدنيا فرحاً باتفاقهما، وتبادل الفلسطينيون التهاني، واستعدوا للتلاقي، وقاموا فرحين بتوزيع الحلوى، وتحديد مواعيد الأفراح والسفر وكافة المناسبات، وظهرت على الناس جميعاً أمارات الفرح، ومخايل السعادة، وقد ظنوا أنهم ودعوا الأحزان، وتخلصوا من الهموم والصعاب، وأنهم على أعتاب مرحلةٍ جديدة، واستحقاقٍ وفاقي آخر، يطوي الماضي، ويستبشر بالمستقبل الآتي.
ثم كان الفشل الذريع، والنهاية المحزنة لكل الاتفاقيات، التي شهد عليها العالم، وطبل لها الشعب، الأمر الذي خيب الظنون، وأحزن النفوس، وآلم الناس جميعاً، رغم أن الظروف كانت حينها أفضل مما هي عليه الآن، فلماذا يفترض بنا أن نصدقهم اليوم، وهم الذين كذبوا علينا بالأمس، وغدروا بنا، ولم يراعوا ظروفنا، ولم يفكروا في همومنا، ولم يقلقوا على أوضاعنا المزرية.
إلا أن الفرحة بدت لدى الفلسطينيين اليوم أكبر، والأمل أعظم، والثقة في المستقبل أفضل، فهل يصدقنا المتحاورون، ولا يخذلنا المسؤولون، فتتم الفرحة، وتعم المسرة، ويبدأ غداً في فلسطين وحيث هم، يومٌ آخر، مشمسٌ ومشرق، واعدٌ ومبشر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.