"إذا لم يكن التصالح فماذا بعد؟"، بهذا السؤال بدأ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر حديثه مع ممثلي قبيلتي الدابودية وبني هلال، في زيارته التي أثارت استحسان الجميع، وفتحت بابا جديدا للتصالح وإنهاء الأزمة. كان هدف الطيب من زيارته ما لخصه في كلمته "ما جئنا إلا من أجل حقن الدماء والدعوة إلى المحبة والتسامح"، فكما أنه رجل الدين الأول في الجمهورية، أيضا الرجل الأول الذي يحمل آمال إنهاء الأزمة كونه موضع وفاق بين الطرفين الذين أظهروا ترحابهما بتدخله بينهما، قاطعين العهد بالتزام الهدنة وتيسير التصالح. الاستعداد للمهمة رافق شيخ الأزهر وفدا ضم كلاًّ من الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، بالإضافة إلى المستشار محمد عبد السلام، والمستشار الدستوري والقانوني لشيخ الأزهر، وقافلة أزهرية من العلماء والوعَّاظ بالأزهر الشريف. وتوجه شيخ الأزهر ظهر الأمس السبت في طائرة عسكرية بصحبة الوفد المرافق له من مطار ألماظة بمصر الجديدة، متوجها إلى مطار أسوان حيث استقبله اللواء مصطفى يسري محافظ أسوان واللواء حسن السوهاجي مدير الأمن وممثلين من القبيلتين وعدد من الأهالي بالترحاب الشديد. لقاءات بجميع الأطراف وصرح مصدر مسئول بمحافظة أسوان أن شيخ الأزهر فور وصوله، عقد اجتماعات مغلقة بمبنى ديوان عام المحافظة مع قبيلتي الدابودية وبني هلال كلا على حدا، كما عقد اجتماعا آخر مع محافظ أسوان واللواء حسن السوهاجي مدير الأمن من أجل التعرف على آخر المستجدات في هذه الأزمة. عقدت اللقاءات بحضور لجنة المصالحات وعلى رأسهم الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان، وجمال تقادم من كبار رجال المصالحات، ومجدي الحسيني رئيس ائتلاف القبائل العربية بأسوان. قرارات ومفاوضات خرجت الاجتماعات بقرار تشكيل لجنة للصلح برعاية الأزهر الشريف، وتحت إشراف محافظ أسوان، بعد موافقة أبناء القبيلتين على التصالح فيما بينهما وإعطاء كل ذي حق حقه. وأكد الطيب – في بيان له فور عودته للقاهرة- أن اللجنة تعتبر في حالة انعقاد مستمر منذ أمس بمقرها في ديوان عام المحافظة، داعيا كافة أجهزة المحافظة والدولة إلى معاونة اللجنة في جهودها وصولا إلى السلم الاجتماعي. أعرب الطيب عن أمله في أن تكون الزيارة القادمة إلى أسوان من أجل إتمام الصلح بين القبيلتين، خاصة بعد أن تعاهد الطرفان بضبط النفس خلال فترة الهدنة، وعدم التعدي على الآخر، لتعود الحياة إلى طبيعتها على أن تباشر اللجنة أعمالها بتقصي الحقائق كاملة استعدادًا لإتمام الصلح. التضخيم الإعلامي للأحداث أبدى الطيب خلال زيارته، استيائه وكذلك أطراف النزاع من التضخيم الإعلامي الذي مارسته عدد من وسائل الإعلام بما يمثل ذلك تأجيجا للفتنة، داعيا الجميع بتبني منهج وخطاب رشيد يدعو للمصالحة. ووصف الطيب ما حدث بأنه "نعرة وعصبية يدحضها الإسلام، ومثل هذه الحوادث غريبة عن أخلاق وطباع وعادات أهالي أسوان، ونتمنى أن يكون ما حدث بمثابة سحابة صيف".