سيشهد التاريخ أنه في عام 2014 تحول الهاتف المحمول من وسيلة اتصال إلى وسيلة إنارة بمصر، عبارة ساخرة يتداولها نشطاء مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي، تعليقا علي أزمة انقطاع الكهرباء في مصر، والتي زادت وتيرتها في الأيام القليلة الماضية. وحفلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، بحملات سخرية من عودة انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر، مثلما كان يحدث في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي. وتسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء إبان فترة حكم مرسي في حالة من الغضب الشعبي، يعتبره البعض كان أحد الأسباب التي مهدت لعزله، بعد عام واحد فقط من فترة حكمه التي بدأت في 30 يونيو من عام 2012، وانتهت في 3 يوليو 2013. وبينما شعر المواطن المصري بتحسن في الخدمة، بعد عزل مرسي، بدأ الانقطاع في الكهرباء يعود هذه الأيام إلى ما كان عليه في عهد مرسي، بل وربما أسوأ وفق رأي البعض. ومع اقتراب فصل الصيف، يتوقع أن يزداد حجم المشكلة، الأمر الذي قد يثير موجة من الغضب لدى المواطنين في حال استمرار الأمر دون حلول. وتحتاج مصر إلى 1.1 مليار دولار شهريا لشراء كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطات الكهرباء، ويؤدي أي خلل في توفير هذه الاعتمادات المادية إلى سوء الخدمة. بعض المصريين قابلوا عودة انقطاع التيار الكهربائي بتدشين حملات إلكترونية وشعبية، للامتناع عن سداد فواتير الكهرباء، "نكاية في وزارة الكهرباء"، بحسب قولهم، إذ يعانون من انقطاع التيار الكهربائي، لأكثر من 6 ساعات يوميا في بعض الأحيان. ويبدو أن تلك الحملات بدأت تحقق بعض أهدافها، وهو ما عكسته تصريحات لوزير الكهرباء المصري محمد شاكر مؤخرا أعلن فيها أن "هناك 12 مليون مشترك ممتنع عن سداد فاتورة الكهرباء". ووسط سخط المصريين بسبب كثرة انقطاع التيار الكهربائي بشكل متزامن مع ارتفاع أسعار الكهرباء وامتناع البعض عن دفع الفواتير، ظهرت فرق من المصريين تتفنن في اختراع "الحيل الكهربائية" للتهرب من دفع الفواتير. أشهر تلك الحيل، بحسب أمين منصور، فني إصلاح الكهرباء، الذي تحدث لوكالة الأناضول، هي وضع قطعة مغناطيسية مستديرة أعلى عدادات الكهرباء قديمة الطراز، لإبطاء حركة تروسه الحديدية ما يؤدي إلى بطء حركة دوران تروس العداد التي تحسب استهلاك الكهرباء، ومن ثم خفض تكلفة الفاتورة. وأضاف: "في الوقت الذي يقوم البعض بتغيير الكابلات الأربع الواصلة بالعداد، فيصبح حساب العداد للكهرباء بطئ". وأشار منصور إلى أنه بالنسبة للعدادات الجديدة التي تعمل بالكروت الذكية المدفوعة مقدما، يضع المواطنون وصلة سلكية داخل العداد بطريقة معينة تجعله يعمل دون أن يتم شحنه. التقط أطراف الحديث منه أحمد عبد الحفيظ، تاجر أدوات كهربائية، الذي قال لوكالة الأناضول إن "الحكومة هي التي تضطر المواطنين لهذه الحيل لأنها رفعت أسعار الكثير من الخدمات والسلع بشكل متزامن بينما ظلت أجورنا ورواتبنا كما هي". وأضاف: "ما يقوم به المواطنون ليس سرقة، بل هي محاولة لاسترداد جزء يسير من حقه في أموال الدولة". من جانبه قال أكثم أبو العلا المتحدث باسم وزارة الكهرباء لوكالة الأناضول، إن "هناك زيادة في إقبال المواطنين على مثل هذه الحيل في الآونة الأخيرة؛ والوزارة لا تستطيع أن تفعل أي شيء فوري مع من يسرق ويستحل المال العام". وأضاف: "محصل الكهرباء فور اكتشافه لمخالفة كهذه يقوم بإبلاغ شرطة الكهرباء على الفور لتحرير محضر". أما عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ بجامعة حلوان قال إن "ما يفعله المصريون اليوم، يمثل حيلة الضعيف أمام سطوة الدولة التي تحيطه بإجراءات يشك في عدالتها فيحاول أن يلتف عليها". ولمواجهة أزمة الكهرباء، افتتحت وزارة الكهرباء في شهر ديسمبر الماضي، مشروعا لإنارة مبانيها بالطاقة الشمسية، حيث قالت الوزارة في بيان سابق لها إن هذه الخطوة تدشين لمشروع يستهدف إنارة كافة المباني الحكومية بالطاقة الشمسية، بهدف توفير 14 % من إجمالي الطاقة المستهلكة. وتعد مصر من أغنى دول العالم بالطاقة الشمسية، كونها تقع جغرافياً بين خطي عرض 22 و31,5 شمالاً، وبهذا فإنها تعتبر في قلب الحزام الشمسي العالمي، وهو ما يجعل الطاقة الشمسية حلا سهلا وسريعا لأزمة الكهرباء في مصر، بحسب نجوى خطاب، أستاذ الطاقة الشمسية بالمركز القومي للبحوث.