الإعلان عن حركة كبرى تجمع مبادرات المصالحة الثلاث في مصر وكيل مؤسسي حزب البديل : الدم كله حرام .. واتهامنا بالأخونة محض افتراء رئيس المكتب السياسي للحزب يتساءل: هل نحتمل عشرية سوداء من العنف في مصر؟ ! باحث بابن خلدون : فات وقت الاستفتاءات الشعبية سعد الدين ابراهيم لمحيط : تقرير فض رابعة "متوازن" .. وقمع الطلاب السلميين أرفضه "الفرصة الأخيرة .. مبادرة المصالحة الوطنية الكبرى (الحسين – مانديلا)" .. كانت تلك المبادرة التي أطلقها مؤخرا حزب البديل الحضاري – تحت التأسيس – والتي استضاف مركز بن خلدون ندوة لمناقشتها مساء أمس بحضور الدكتور سعد الدين ابراهيم رئيس المركز وعدد من الباحثين المشاركين بابن خلدون، وأصحاب المبادرة . وقد عرف أحمد عبدالجواد، وكيل مؤسسي "البديل الحضاري" بخلفيته السياسية الليبرالية منذ أن كان أحد مؤسسي حركة 6 ابريل، واعتقالاته المتعددة في زمن مبارك، الذي يرى أنه يعود بقوة الآن، وهي اعتقالات تكررت 29 مرة ! ، كما كان من مؤسسي حركة "كفاية" ونائب رئيس حزب "غد الثورة" بزعامة أيمن نور. ونفى "عبدالجواد" كون تيار البديل ينتمي للسلطة أو للإخوان المسلمين، ولكنه تيار كما يعبر ، مؤمن بالوفاق بين مختلف أطياف المصريين، ويرفض إقصاء أي فصيل عن المشهد، وهو ما يجري الآن مع الإسلاميين وليس الإخوان فحسب، وأكد أن الحزب جمع عضوية آلاف المصريين من كافة المحافظات حتى الآن . المبادرة تتضمن مسارات للسياسة والعدالة الانتقالية والنهوض الاقتصادي . وقال أحمد عبدالجواد أن الدماء دائما تكون النقطة الصعبة في أي مبادرة للتصالح . وأشار مؤسس البديل الحضاري إلى جهود الدكتور حسام عقل في دراسة كافة تجارب العدالة الانتقالية بدول العالم الثالث بإفريقيا وأمريكا اللاتينية، والتي ثبت أن أقربها للحالة المصرية هي بوليفيا وأمريكا الجنوبية . "البديل الحضاري" يؤمن بأن الدم المصري كله حرام، وأن القوات المسلحة هي درع الوطن وسيفه ولا يجوز أن تتورط في السجالات السياسية، وأشار "عبدالجواد" إلى أن حالة الفرقة الحالية في مصر تخدم العدو الصهيوني . وتساءل عبدالجواد : أين العدالة والحرية والكرامة التي نادى بها ثوار 30 يونيو .. هل تحققت أم تم انتزاعها ؟ أخيرا، تحدث وكيل مؤسسي الحزب عن تقديرهم الكبير للمرأة المصرية ودورها الكبير في النضال السياسي، والتي نحتفل بيومها في ذكرى استشهاد أول امرأة بثورة 1919 وهي حمدية خليل. مصر بعد 30 يونيو الدكتور حسام عقل، رئيس المكتب السياسي للحزب، أكد أنهم لا يمتلكون عصا موسى لعلاج الأزمة المصرية، وقد كانوا من أوائل المحذرين من "جزأرة مصر" أو تحويلها للحالة الجزائرية، في إشارة للعشرية السوداء التي منيت بها الجزائر بعد انقلاب عسكري على الرئيس المنتخب الشاذلي بن جديد والذي راح ضحية العنف الإرهابي الذي خلفه 200 ألف جزائري بريء نصفهم من السلطة، ثم اضطرت البلاد للإفراج عن المعتقلين بعد 20 عاما لتهدئة الأجواء .. وتساءل عقل : هل تحتمل مصر هذه السيناريوهات ؟ ! وإراقة الدم يستثير المزيد من الدماء، كما يشير حسام عقل، وبعد عمليات قتل المعارضين تظهر ثأرات جديدة ، وهي خسارة كبيرة للوطن سواء من الأمن أو من المعارضين، فالدم كله سواء وكله حرام، ولابد من وضع حلول داخلية قبل أن يقحم الغرب نفسه بحلول تشبه ما جرى بجنيف وتهدد استقلالية مصر. ومن هنا حذر حسام عقل من حالة التكفير الوطني، بعد أن منيت مصر بالتكفير الديني وتياره المتطرف، وقال أن البداية لابد أن تكون بإجراءات حاسمة لبناء الثقة تشمل الإفراج عن المعتقلين بدون تهمة جنائية، والذين كانت تهمتهم الوحيدة هي الرأي المعارض، أو التظاهر السلمي، وهي من أبرز مكتسبات ثورة يناير التي نفتقدها الآن بعد اعتقال 21 ألف مواطن بينهم شباب صغار ونساء وشيوخ وتعطيل المطبوعات ومصادرة الأموال . وحذر "عقل" من فتاوى استباحة الدماء فهي كارثة تهدد الوطن . من جانب آخر، ألمح الناقد الأكاديمي حسام عقل، إلى أن المبادرة ركزت على تجارب العدالة الانتقالية واتخذت لاسمها أيقونتين "الحسين – مانديلا " فالأول هو الحسين بن علي رضي الله عنه والذي تنازل لحقن الدماء، ثم مانديلا في عصرنا الحديث الذي خرج من محبسه كهلا بعد أن دخله شابا، ومع ذلك سعى لمصالحة وطنية ولم تغلبه روح التشفي والانتقام . وتطرق "عقل" إلى لجان المصالحة والحقيقة التي تشكلت بالدول حول العالم بعد الثورات وهي تختلف كلية عن لجان تقصي الحقائق في مصر التي لم تخرج علينا حتى الآن بنتيجة واحدة أكيدة وموثقة لما جرى في ثورة يناير 2011 ومرورا بكل الأحداث المؤسفة في "محمد محمود والوزراء وماسبيرو والحرس الجمهوري ورابعة والفتح " وغيرها. وقال أنهم سيطرحون على أولياء الدم فكرة قبول الدية حقنا للدماء، فالهدف ليس إراقة المزيد من دماء المسئولين بقدر معرفة الجناة وتوثيق ذلك للتاريخ ولإرضاء أهالي الشهداء الذين تضعهم المبادرة كطرف أساسي بأي تفاوض . وتركز المبادرة على حل المعضلة الاقتصادية، خاصة أن مصر أصبحت الحكومة فيها تسحب من الودائع على المكشوف . أما المسار السياسي فيقوم على استفتاء على خارطة الطريق يخضع لإشراف قضائي أو دولي . من جانب آخر، أعلن عقل عن تعاون وشيك بين كافة المبادرات الوطنية للخروج بمبادرة مصالحة وطنية كبرى ، ومن أمثلة المشاركين مبادرة الدكتور حسن نافعة والكاتب الصحفي جمال سلطان . وأشار "عقل" إلى أنه لا ينبغي التنكر لمباديء وإجراءات الممارسة الديمقراطية في العالم المتحضر، والعودة لنظام العد بالرؤوس ، فيخرج من يقول سأطبق ما أرى لأن أنصاري بالميدان بلغوا 2 مليون، ونتجاهل صندوق الانتخابات وهو الوسيلة الديمقراطية الآمنة في الأوطان . وحذر حسام عقل من الاستشارات الأمنية المضللة التي دفعت عبدالناصر لاستئصال الإسلاميين بعد المنشية، ولكنهم عادوا أكثر عنفا ، ودعت السادات لاعتقال المثقفين أخيرا تدعو المبادرة لإصلاح الإعلام المصري الذي يعمل ليل نهار على استضافة نخب تشيطن التيار الإسلامي وتزيف وعي المصريين . صخب القاعة الباحث محمد عز بمركز بن خلدون ، أكد أن النخب لا تسمع إلا صوت نفسها، وأورد مجموعة من التساؤلات والتي تؤكد جميعا أن التربة في مصر حاليا غير مهيأة لمبادرات المصالحة الوطنية، خاصة المبنية على استفتاءات شعبية، فقد كان ذلك مقبولا إبان عزل مرسي عن الحكم ولكنه حاليا يهز هيبة الدولة ، ومن تلك التساؤلات : هل توجد لينا لجان تقصي حقائق علي غرار وقدر المستوي الذي كانت عليه في جنوب إفريقيا ؟ ثانيا : هل لدينا محاكم جنائية أدانت أي من الجناة في الفترة الماضية ؟ ثالثا : هل لدينا تعويض للضحايا وسبل لإرضائهم ؟ رابعا : هل تم إقامة نصب تذكارية لأي من الشهداء؟ وقال أن المصالحة يجب أن تشمل طوائف المجتمع من مسلمين ومسيحيين، ذكور وإناث، شرطة وجيش وشعب، مجتمع مدني وسلطة . وقد مرت تجارب العدالة الانتقالية بعثرات كثيرة منها ما جرى بالأرجنتين حين حوكم زعيم الانقلاب بعد عشرين عاما، وفي مصر يرى الباحث أننا نرتكب أمورا مدهشة كأن يخرج رموز مبارك براءة ويدان نظام الإخوان عن عام واحد بالحكم . الباحث والصحفي عمرو عبدالمنعم، رأى أن صوت العقل يؤكد أهمية المصالحة ؛ وقد أفرج الرئيس السادات عن الإسلاميين وأدمجهم بالحياة العامة ثم أعادتهم أجهزة الأمن للسجون في زمن مبارك بعد مقتل السادات ما أدى لظهور موجات تكفيرية جديدة .. وتطرق الباحث لأفكار إدارة التوحش وهي نظرية سياسية تقوم على فرض النظام هيمنة مطلقة على المعارضين بشكل عنيف ، ولكن عواقبه تكون وخيمة ، ومن هنا وجب التعلم من خبرة التاريخ . وقد وجه عدد من الكتاب الحضور، من فريق مركز بن خلدون، هجوما لاذعا على المنصة، ووصفوا حديث وكيل مؤسسي الحزب عن الكيان الصهيوني ب"النظرية الباذنجانية" في تهكم، وهو ما اعتذر عنه الدكتور سعد الدين ابراهيم الذي كان يتوسط الحضور ويشارك بمناقشة المبادرة، كما تهجم آخر على إجراء المصالحة عبر دفع الدية ، وقال أن في ذلك نكوص عن قيم الدولة الحديثة وعودة للتقاليد القبلية، وهو ما رفضته المنصة وأكدت عبر الدكتور حسام عقل أن كافة مبادرات الصلح العالمية تمثلت الثقافة المحلية، ونحن في مصر لدينا تيار عريض من المعارضين الإسلاميين، وبالتالي ففكرة الدية هي مجرد مصطلح وفكرة مستقاة من التراث الإسلامي الشرعي والقرآن الكريم ، ونحن بأمس الحاجة إليها .. وأخيرا انتفض أحد الحضور من الكتاب وتحدث بلهجة غاضبة قبل أن يغادر القاعة عن شكه في الأطراف التي تدعوها المبادرة للصلح، في إشارة لرفضه دخول الإخوان المسلمين كطرف بالمصالحة ، قالها بغضب ووصف واضعي المبادرة بالجبناء، وهو ما اعتذر عنه أيضا صاحب مركز بن خلدون !! فض رابعة .. والحريات الطلابية ردا على تساؤل "محيط" قال الدكتور سعد الدين ابراهيم أنه مع الحريات الطلابية ، وبينها حق التظاهر السلمي، كما رفض إقصاء الإسلاميين عن المشهد باعتبارهم طرف أصيل بالنسيج المصري، ولكنه انتقدهم في بحث بعض فصائلهم عن فرص لعودة زمن الخلافة، وهو حلم أكثر منه حقيقة، لأنه بعد الخلافة الراشدة لم يكن الخلفاء يمتثلون بالهدي الديني وقتل ثلاثة منهم لأسباب تتعلق بالسلطة وشهوتها، كما انتقد ممارسات السمع والطاعة التي تمارسها جماعة الإخوان المسلمين على المنتسبين إليها، وقال أن التعددية هي الحل الوحيد الذي توصلت له الأمم المتقدمة وهو ما ينقصنا في مصر . وتعليقا على تقرير حقوق الإنسان الأخير، قال سعد الدين ابراهيم أنه جاء متوازنا نسبيا ووزع المسئوليات على أطراف عدة . وتعليقا على تقرير حقوق الإنسان الأخير حول فض اعتصامي رابعة والنهضة، رفض الدكتور حسام عقل وصف التقرير بالمتوازن وقال أنه يكتنفه العوار الشديد باعتراف أعضاء بالمجلس نفسه والذين أكدوا أنهم لم يمكنوا من الوصول للمعلومة بشكل صحيح. وقال حسام عقل أن مصر تعود لفترة مرت بها فرنسا في القرن السابع عشر حين كان البروتستانت يرحلون قسريا من البلاد على يد الكاثوليك المسيحيين، ويتم تعذيب وقتل المعارضين. وقال أن البديل الحضاري يدعو لعودة البلاد لمدنيتها وعدم هيمنة أي فصيل عسكري على الحكم واستشهد بالتجربة التونسية . أخيرا، وردا على الباحث محمد عز الذي يرى أن الاستفتاء الشعبي على خارطة الطريق يضرب هيبة الدولة ويهينها، قال عقل : وهل إصرار الاتحاد الإفريقي على عدم حضور مصر مؤتمره الأخير في سابقة تاريخية ليست إهانة ؟ وهل إصرار المغاربة على طرد سفيرنا ، ليس إهانة ؟ وهل انتشار جيش البلطجية بين المصريين العزل ، ليس إهانة ؟!! واختتم بقوله : أستطيع أن أعرف الآن لماذا قال مانديلا بعد خروجه أن أصعب مهمة أمامهم هي بناء الحب ونزع الكراهية.