اكتسبت حادثة مقتل القاضي الأردني، رائد زعيتر، برصاص إسرائيلي شرقي الضفة الغربية، أمس، تعاطفاً شعبياً وسياسياً في الشارع الأردني، وسط انعقاد جلسة "صاخبة" لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان الأردني)، مساء اليوم الثلاثاء، تطالب بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان. فعلى صعيد الشارع، نظم المئات من الناشطين والمحامين الأردنيين، ظهر اليوم، وقفة احتجاجية وسط العاصمة عمان، طالبوا خلالها حكومة بلادهم بإغلاق السفارة الإسرائيلية لدى عمان، رداً على مقتل زعيتر. وفي مسعى من المحتجين لإشراك مجلس النواب في الضغط على الحكومة، نقلوا وقفتهم من ساحة قصر العدل، وسط العاصمة إلى مجلس الأمة (البرلمان بغرفتيه الأولى والثانية) القريب، وسط هتافات شعبية غاضبة تنتقد ما أسموه "برودة أعصاب المسؤولين الرسميين في بلادهم". وطالب المحتجون، الحكومة الأردنية بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان، وإطلاق سراح الجندي الأردني أحمد الدقامسة، المعتقل في أحد سجون المملكة، بتهمة قتل وإصابة العديد من المجندات الإسرائيليات عام 1997 بعد استهزائهن به خلال تأديته لصلاته. وعلى هامش مشاركته في الوقفة، قال المحامي والنائب في المجلس الحالي، يحيى السعود، لوكالة "الأناضول" للأنباء، إن "هناك مبادرة نيابية تبنّت مذكرة لسحب الثقة من الحكومة في حال لم تستجب لمطلب النواب بطرد السفير الإسرائيلي لدى عمان، واتخاذ جملة من القرارات الجادة تجاه دولة الكيان الصهيوني إلى جانب الإفراج عن الجندي أحمد الدقامس (لم يوضح عدد النواب الذين يتبنون هذه المبادرة)". وأضاف السعود، "ستكون هناك جلسة صاخبة مساء اليوم للنواب، على أمل أن يصدر قرار من المجلس ينتصر للشهيد زعيتر"، مشيراً إلى تدارس مجموعة من المحامين، رفع دعوى قضائية دولية ضد إسرائيل بشأن الحادثة. وفي سياق ردود الفعل الأردنية الغاضبة،، فاجأ النائب السابق، في مجلس النواب، وصفي الرواشدة، كثيرين حين كتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" رسالة إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، حملت عنوان "لمرة واحدة إفعلها"، وجاء في نصها، "لمرة واحدة إفعلها ،، أشعرنا بأننا شعبك ،، وبأن لنا كرامة ،، اليوم ،، قتل بدم بارد مواطن،، قاض،، أب لأطفال،، وحيد لوالديه،، إنه الشهيد رائد زعيتر رحمه الله ،، أشعرنا ،، ولو مرة أن كرامتنا تهمك ،، ودمنا يهمك ،، افعل شيئاً نحسبه لك ،، شيئا ً واحدا ً..نترك لك الخيار". وفي السياق ذاته ، أكد مجلس الأعيان الأردني في بيان له اليوم ، على ضرورة اتخاذ إجراءات تكفل وضع حد فاصل لهذا الاستهتار الإسرائيلي المدان والمستهجن وانزال العقاب بمرتكبيها وإفهام المحتل أن منهجيته العدوانية المستخفة بأرواح العرب والمسلمين لا يمكن أن تستمر دونما عقاب رادع. ودعا المجلس حسبما ورد بوكالة أنباء الشرق الأوسط، الحكومة إلى متابعة تداعيات الجريمة البشعة التي هزت المجتمع الأردني بأسره ، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تضمن سلامة مستخدمي المعابر ، وتضع حدا نهائيا يمنع استمرار هذا العمل العدواني بحق المسافرين من المواطنين الأردنيين وسواهم. وأعرب المجلس عن رفضه للنهج الإسرائيلي الخارج عن سائر الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية ، مطالبا بمقابلته بما يستحق من إجراءات ودعوة الأسرة الدولية عبر هيئاتها كافة إلى إدانة ورفض الصلف الإسرائيلي المدان ، واصفا العملية بالمشهد الإجرامي البشع الذي يعبر بوضوح لا لبس فيه عن حقد مستحكم واستهتارٍ واستخفاف بأبسط مباديء حقوق الإنسان في الحياة. ودعا الجميع إلى رفض هذه الجريمة النكراء وفضح أبعادها الإسرائيلية ومساندة كل الجهود الرامية إلى استنهاض همة المجتمع الإنساني ، وإطلاعه على حقيقة العدوان الإسرائيلي الممنهج بحق المواطنين العزل، واستباحة دمائهم وأرواحهم ومقدراتهم. وعلى الصعيد ذاته، طلب نائب عام عمان القاضي زياد الضمور من مدعي عام عمان الأول القاضي عبدالله أبوالغنم بإجراء التحقيق الفوري للوقوف على ظروف ومسببات وحقائق استشهاد قاضي محكمة صلح عمان زعيتر أثناء زيارته الخاصة للأراضي الفلسطينية وتزويده بما يتوصل إليه التحقيق. ومن جهته، أعلن المجلس القضائي الأردني أنه يتابع موضوع استشهاد القاضي زعيتر عن كثب مع أجهزة الدولة الأردنية كافة والسلطة الفلسطينية بالطرق القانونية والدبلوماسية، مطالبا بتحقيق عادل ومستقل وسريع للوصول إلى الحقيقة العادلة بما يكفل حقوق شهيد العدالة. وكان وزير الدولة لشئون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني قد أعلن الليلة الماضية أن الحكومة تنتظر نتائج التحقيق الإسرائيلي في استشهاد القاضي زعيتر على يد جنود الاحتلال. وأدان المومني تصرف جنود الاحتلال في قتل مواطن أردني أعزل ، مشيرا إلى أن الحكومة تتابع الحادثة وسوف تبني موقفها بناء على نتائج الرد الإسرائيلي ، معبرا عن تفهم الحكومة للغضب الشعبي على هذا الحادث. كما أدانت النقابات المهنية بالأردن جريمة اغتيال القاضي زعيتر، وطالبت بقطع العلاقات مع إسرائيل فيما استنكرت لجنة الحقوق والحريات في مجلس النواب هذه الجريمة..داعية الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بجلاء الحقيقة في هذه الحادثة ثم اتخاذ إجراءات عقابية بناء على النتائج المتحققة. ويشار إلى أن الحكومة الأردنية كانت قد طالبت فى وقت سابق اليوم حكومة إسرائيل بالتحقيق الفوري وبدون تأخير في ظروف استشهاد زعيتر إثر تعرضه لإطلاق نار عند الجانب الآخر من جسر الملك حسين.