تقود حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي تدير حكومة قطاع غزة المقالة سلسلة فعاليات شعبية، تطالب برفع الحصار المفروض على القطاع منذ ثمانية أعوام. وكان أول أنشطة هذا "التصعيد" نصب خيمة اعتصام أمام بوابة معبر رفح استمرت ستة أيام متواصلة الأسبوع الماضي من الأحد للجمعة، تخللها تنظيم وقفات لطلاب ونساء ومرضى ونواب، وجميعها دعت مصر إلى فتح المعبر- حسبما افادت وكالة الاناضول. وتستعد "حماس" إلى تنظيم المزيد من الفعاليات الشعبية داخل وخارج قطاع غزة لتفعيل قضية الحصار والضغط على "الجهات المساهمة فيه" من أجل رفعه، وفق حمّاد الرقب المتحدث باسم الحركة في مدينة خانيونس جنوبي القطاع. وأوضح الرقب في حديث لوكالة الأناضول أن الفعاليات الشعبية ستشتمل على أنشطة تنفذها الفئات الأكثر تضرراً من الحصار، وهم المرضى وطلاب المدارس والعمال وأصحاب المصانع. وبين أن فعاليات "التصعيد الشعبي" ستقام أمام السفارات والمكاتب الأممية والقناصل وممثليات الدول حتى تصل الرسالة بقوة إلى العالم. واعتبر أن الهدف الوحيد من جميع الفعاليات التي سيتم تنفيذها، كسر الحصار، ورفع المعاناة عن 1.8 مليون فلسطيني هم سكان القطاع. وقال الرقب "لقد وصلنا إلى مرحلة لا يمكن أن نصبر فيها على هذا الحصار، لذلك سيكون هناك تصعيد شعبي لنعبر عن القهر والظلم القائم، ونوضح الأمر للرأي العام ونوقظ الضمائر ونحمل أصحاب المسؤوليات مسؤولياتهم". وفي السياق، رأى مصطفى الصواف الكاتب السياسي في صحيفة "الرسالة" المقربة من حركة حماس، أن التصعيد الشعبي السلمي المطالب برفع الحصار ما هو إلا رسالة من الشعب الفلسطيني إلى الجهات المحاصرة بأن "صبره قد نفذه". وقال الصواف لوكالة الأناضول إن "استمرار الحصار قد يؤدي لانفجار شعبي تجاه الجهات المحاصرة". ودعا الصواف، مصر إلى أن تستجيب لمطالب الفلسطينيين، وتساهم في رفح الحصار المفروض على غزة وتفتح معبر رفح. ولم يستبعد الصواف حدوث انفجار "عسكري" وشعبي في وجه "الاحتلال الإسرائيلي" في حال تواصل الحصار. وقال: "سيكون هناك تصعيداً شعبياً سلمياً تجاه مصر، لمطالبتها برفع الحصار وفتح المعبر والسماح بمرور البضائع إلى غزة". من جانبه، رأى مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة أن فعاليات التصعيد الشعبي التي نفذتها حركة "حماس" أمام بوابة معبر رفح لم تكن موفقة. وأضاف "ليس من المناسب أن نفتح مواجهة مع مصر في هذه المرحلة". وأوضح أبو سعدة في حديثه لمراسل "الأناضول" للأنباء أن هناك أسباب عديدة لاعتبار فعاليات التصعيد الشعبي التي أقيمت أمام المعبر غير موفقة، وأهمها أن الشعب المصري لم يعد مؤيدا لقطاع غزة، وذلك بسبب الحملات الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام المصرية ضد القطاع وحركة "حماس" الذي تحكمه. ولفت إلى أن أي مواجهة مع مصر لن تكون في صالح قطاع غزة، ومن الممكن أن تؤدي الفعاليات الشعبية التي تطالب الجانب المصري برفع الحصار، إلى توتر الأجواء أكثر بين الطرفين المصري والفلسطيني في غزة. وقال إن "مشكلة غزة في الأساس ليست مع مصر، بل مع إسرائيل حسب القانون الدولي، لأنها دولة محتلة لها، وهي المسؤولة عنها، وهي من تفرض الحصار ويجب التصعيد نحوها وليس تجاه مصر". وأشار إلى أن مصر تواجه المتطرفين والجماعات المسلحة في شبه جزيرة سيناء، وبذلك لن تستطيع فتح معبر رفح، وبالتالي أي تصعيد في ظل هذه الأجواء المشحونة والمتقلبة لن يكون بصالح الفلسطينيين بالمطلق، حسب قوله. وبيّن أن المطلوب من حركة "حماس" هو التوجه للمصالحة الفلسطينية، لأنها المخرج الوحيد للأزمة القائمة، وعليها أن تُحرج حركة فتح بقيادة محمود عباس بتقديم خطوات إضافية لتهيئة أجواء إنهاء الانقسام. وقال أبو سعدة: إن "على حركة حماس تقديم تنازلات، فمن الممكن أن يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية تعمل على رفع الحصار، فإسرائيل تغلق المعابر وتفرض حصارها تحت ذريعة سيطرة حماس على القطاع، وفي حال تشكيل حكومة وحدة وطنية فإنه لن يبقى للاحتلال أي حجة وسيتم فتح المعابر". ويخضع قطاع غزة لحصار فرضته إسرائيل منذ فوز حركة "حماس" في الانتخابات التشريعية عام 2006 وشددته عقب سيطرة الحركة على قطاع غزة في صيف العام 2007، ويشتمل على منع أو تقنين دخول المحروقات، ومواد البناء، والكثير من السلع الأساسية، ومنع الصيد في عمق البحر. كما تسود علاقات متوترة بين مصر وحركة حماس، التي تشترك مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية بالمرجعية الفكرية. وتتهم السلطات المصرية "حماس" التي تحكم القطاع بالتدخل بالشأن الداخلي المصري والمشاركة في تنفيذ "عمليات إرهابية وتفجيرات" في مصر، وهو ما تنفيه الحركة بشكل مستمر. وفي أعقاب عزل الرئيس المصري محمد مرسي (يوليو/تموز الماضي)، أغلقت السلطات المصرية مئات الأنفاق التي كانت منتشرة على طول الشريط الحدودي، والمستخدمة في تهريب البضائع للقطاع. كما أغلقت معبر رفح البري بشكل شبه كامل، حيث تفتحه بمعدل مرة كل أسبوعين لمرور الحالات الإنسانية فقط.