الوزارة هي إدارة من إدارات شئون الدولة. والوزير هو الشخص الذي يختاره الإمام أو الرئيس» ليعينه علي الأمر. تقول وازره علي الشيء أي أعانه وقواه. ويلتزم الإمام أو الرئيس بحكم الأمانة التي تحملها من الشعب. أن يختار وزراءه من أهل الأخلاق الحسنة. والمتصف بالعفة. والعقل. والأصالة. والصدق. والأمانة. والحزم. والرحمة» لتتحقق الكفاية. وتكون الكفاية بحسب حاجة الناس وطبيعة العمل. فوزير الدفاع غير وزير العلاقات الخارجية. وهما بخلاف وزير التضامن الاجتماعي أو الشئون الاجتماعية. كما يلتزم الإمام أو الرئيس باختيار الأمثل فالأمثل. وان استلزم الأمر اجراء اختبار عمد اليه. ولا يختار وفق الهوي» لما أخرجه الحاكم بسند فيه مقال. عن ابن عباس. رضي الله عنهما. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "من ولي رجلا علي عصابة أي جماعة وهو يجد في تلك العصابة من هو أرضي لله منه فقد خان الله ورسوله. وجماعة المؤمنين". ويثور النقاش الفقهي في مدي صلاحية المرأة لتولي الوزارة. وذلك بالنظر الي طبيعة عمل الوزير. هل تقوم علي واجبات خدمية للناس يصلح فيها الرجال والنساء علي السواء. أم أن من وظائف الوزير القيام بأعمال تشترط الشريعة الإسلامية فيها الذكورة. والحقيقة أنه لا يوجد نص شرعي في القرآن الكريم أو السنة المطهرة يشترط الذكورة في تولي الوظائف أو الولايات العامة إلا في إمامة الصلاة اذا كان في المأمومين رجل يصلح للإمامة» لما أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف. عن جابر. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا تؤمن امرأة رجلا". وهذا ما جري عليه العمل. بخلاف إمامة المرأة لأهل دارها من النساء أو الصبي الذي لا يصلح للإمامة. فالجمهور علي جوازه» لما أخرجه أبو داود وأحمد باسناد حسن. من حديث أم ورقة. أن النبي صلي الله عليه وسلم أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها. وحيث إن من يتولي الوزارة لا يقوم بإمامة المسلمين في الصلاة كواجب من مهام وظيفته لتعيين أئمة راتبين في المساجد» لذلك فانه يجوز إسناد الوزارة للمرأة دون حرج شرعي. ان توفرت فيها سائر شروط المنصب. فالأصل في الشريعة الاسلامية أن النساء شقائق الرجال. وأن المرأة كالرجل في ولايتها علي مالها وحقوقها. حتي علي نفسها في اختيار الزوج. قال تعالي: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم" "التوبة: 71". وقد اختلف الفقهاء في اشتراط صفة الاسلام فيمن يتولي الوزارة. والمانعون من تولي غير المسلم الوزارة نظروا الي خوف الظلم والاضطهاد الذي يمكن أن يمارسه ولي الأمر علي من يليه. وأيدوا وجهة نظرهم بعموم قوله تعالي: "فالله يحكم بينكم يوم القيامة ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا" "النساء: 141". وما أخرجه مسلم من حديث عائشة. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لرجل كان يذكر منه جرأة ونجدة. جاء يعرض نفسه لمساعدة المسلمين في غزوة بدر: "ارجع لن أستعين بمشرك". غير أن هذا الحديث ورد في رجل معين. كان النبي صلي الله عليه وسلم يأمل فيه الاسلام بهذا القول الذي قال. وقد جاء في الرواية انه أسلم بالفعل. ولحق بالنبي صلي الله عليه وسلم في غزوة بدر. وأما الآية الكريمة: "ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلا" فقد وردت بشأن يوم القيامة. وليس في الدنيا. كما ذكر ذلك كثير من المفسرين. وذهب الحنفية وكثير من أهل العلم الي مشروعية الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد. والوزارة أولي» لأن النبي. صلي الله عليه وسلم. استعان بصفوان بن أمية يوم حنين. واستعان بيهود بني قينقاع ورضخ لهم. كما استعان يوم حنين بجماعة من المشركين تألفهم بالغنائم. وقال الشافعي: إن كان غير المسلم حسن الرأي في المسلمين. ودعت الحاجة الي الاستعانة استعين به. وبهذا يتضح ان تولي الوزارة من الحقوق السياسية الانسانية التي لا يختلف فيها الناس بجنس أو دين. علي القول المختار» خاصة أن الوزير في العصر الحاضر لم تعد له ولاية مطلقة» بل انه يقوم علي تنفيذ سياسة مرسومة وفقا لقوانين معروفة. ورقابة من سلطات مستقلة. نقلا عن صحيفة "الجمهورية" المصرية