خلال أيام.. موعد إعلان نتيجة الصف السادس الابتدائي الترم الثاني (الرابط والخطوات)    ارتفاع تاريخي.. خبير يكشف مفاجأة في توقعات أسعار الذهب خلال الساعات المقبلة (تفاصيل)    «البيضاء تسجل مفاجأة».. ارتفاع أسعار الدواجن والبيض اليوم الإثنين 20 مايو في البورصة والأسواق    رئيس تايوان الجديد ونائبته يؤديان اليمين الدستورية    طيران الاحتلال ينفذ غارة على منطقة أبراج القسطل شرق دير البلح وسط غزة    المسيرة التركية تحدد مصدر حرارة محتمل لموقع تحطم طائرة رئيسي    البنتاجون: لا نتوقع أن تحل القوات الروسية مكان قواتنا في النيجر    فاروق جعفر: نثق في فوز الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    الجزيري: مباراة نهضة بركان كانت صعبة ولكن النهائيات تكسب ولا تلعب    بعد تهنئة للفريق بالكونفدرالية.. ماذا قال نادي الزمالك للرئيس السيسي؟    معوض: نتيجة الذهاب سبب تتويج الزمالك بالكونفدرالية    مصدر أمني يكشف تفاصيل أول محضر شرطة ضد 6 لاعبين من الزمالك بعد واقعة الكونفدرالية (القصة الكاملة)    روقا: وصولنا لنهائي أي بطولة يعني ضرورة.. وسأعود للمشاركة قريبا    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    محمد عادل إمام يروج لفيلم «اللعب مع العيال»    تسنيم: انقطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية والراديو في منطقة سقوط المروحية    آخر تطورات قانون الإيجار القديم.. حوار مجتمعي ومقترح برلماني    اتحاد الصناعات: وثيقة سياسة الملكية ستحول الدولة من مشغل ومنافس إلى منظم ومراقب للاقتصاد    سوريا تعرب عن تضامنها مع إيران في حادث اختفاء طائرة «رئيسي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: الضغط الأمريكي لا تأثير له على إسرائيل    سمير صبري ل قصواء الخلالي: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية منذ 2014    عمر الشناوي: «والدي لا يتابع أعمالي ولا يشعر بنجاحي»    الأميرة رشا يسري ل«بين السطور»: دور مصر بشأن السلام في المنطقة يثمنه العالم    دعاء الرياح مستحب ومستجاب.. «اللهم إني أسألك خيرها»    دعاء الحر الشديد كما ورد عن النبي.. اللهم أجرنا من النار    طريقة عمل الشكشوكة بالبيض، أسرع وأوفر عشاء    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    ملف يلا كورة.. الكونفدرالية زملكاوية    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون والغرب
نشر في محيط يوم 19 - 02 - 2014

يجد كثير من الشرقيين الذين تشاء الأقدار أن يحلوا ضيفوا على الدول المتقدمة حالة من التخبط والصراع الفكري بين ما تربوا عليه من قيم وتقاليد وتعاليم سماوية وبين الانبهار بالتقدم العلمي والحرية المطلقة.
حاول بعض المفكرين أن يوفقوا بداية القرن بين الفكرين ، إذ تولي ريادة القديم مصلحين أمثال محمد احمد الغمراوي حسن البنا وغيرهم في حين اخذ رواد التحديث أمثال الطهطاوي وسلامة موسي وطه حسين فكرة المعاصرة والتحديث ، وسعي لتوفيق بينهما اتجاه ثالث وكان رائده خير الدين باشا التونسي .
وهاهي الفكرة تجدد من مع بدايات القرن الواحد والعشرون بعد ما أثير مؤخرا فكرة استقالة العرب وانهيار جميع الإيديولوجيات الفكرية والثقافية فيما بعد مرحلة الربيع العربي وعدم قدرة أي من الثورات العربية أن تفرض رؤيتها الفكرية والثقافية علي الساحة الفكرية المعاصرة ، وانسحاب معظم النخب الفكرية لمنظومات الدولة العميقة والاستجابة مرة أخري للتحدي الفكري والثقافي الغربي .
وهنا تجدد المشروع الفكري الثقافي الغربي ، أو بالمعني المعاصر فكرة العولمة ومؤثراتها وتقسيم العالم العربي إلي دويلات صغيرة مثل الحال في العراق وجنوب السودان وفلسطين وسوريا .
وهنا تظهر الحاجة إلي مراجعة مقالا كتبه المفكر الكبير المستشار طارق البشري بعنوان "سوف يبقي الغلو ما بقي التغريب" لنجد انه وضع ملامح قوية لكل لهذه التحولات من ناحية وصعودها الفكري المتتالي .
من خلال شخصيتين فكريتين أثرا وتأثرا بما شاهدوه في الغرب ، في مراحل متباعدة من الناحية التاريخية ،و الغريب انني وقعت علي ترتيب زمني ملحوظ في المقال ، فالأول وهو الشيخ علي الغايتي والذي رحل عن مصر في عام 1909والثاني هو الشيخ سيد قطب والذي رحل عن مصر إلي الغرب في عام 1949 ، فأحدهما في اول القرن والثاني في منتصفه .
وهنا إنبرا في ذهني الثالث وهومحمد عطا قائد هجمات 11سمبتمبر في امريكا والمنتمي لتنظيم القاعدة وما احدثه من قيادة المجموعة التي تبنت الهجمات في 11 سبتمبر ذلك الحدث الجل والذي غير خريطة منطقة الشرق الأوسط بالكامل .
الملمح التاريخي ونحن ندرس مقالة البشري هو القاسم المشترك "الغرب" بجانب التحول الفكري الذي سوف يأتي ذكرة غير انني توافر لي معلومات إضافية عن الشخصية الثالثة وهو محمدعطا والذي رحل إلي بلاد الغرب في اواخر القرن عام 1993 لدراسة العمارة في ألمانيا .
ولاحظت وجود رابط مشترك بين الشخصيات الثلاثة او ما أطلق علية البشري "بوعاء السببية " وهي الغرب ومحاولات التغريب التي تعرضوا لها عندما خرجو من اوطانهم ، والأمر الثاني انه كلما زاد إمعان الغرب في التعدي علي الهوية الثقافة والحضارية كلما نشاء نزوع إلي التطرف الفكري والعودة العكسية .
والغريب انه كلما دخلت المرحلة التاريخية في عمق التطور الحضاري والسيطرة الإستعمارية كلما زاد العنف والمواجهة والتطرف والشراسة في التناول كما سوف نري في هذه الدراسة .
وأمامنا إذا ثلاثة نماذج سافرت إلي الغرب واجهت تفاعلات فكرية وحضارية تختلف تماما عن تلك الأفكار التي تربت ونشئت عليها وهي :
النموذج الأول : الشيخ علي الغايتي صاحب ديوان وطنيتي ورئيس تحرير مجلة منبر الشرق
النموذج الثاني : هو الشيخ سيد قطب صاحب المعالم وفي ظلال القرآن
النموذج الثالث وهو المهندس محمد عطا قائد هجمات 11سبمتمبر
النموذج الأول : الغرب والشيخ علي الغاياتي
الشيخ علي الغاياتي صاحب ديوان وطنيتي ورئيس تحرير مجلة منبر الشرق الأسبق هو أحد جيل من المفكرين المسلمين الذين تخرجوا من مدرسة الحزب الوطني القديم أمثال مصطفي كامل،و محمد فريد، وعبد العزيز جاويش،و إبراهيم الورداني، الجيل الذي حمل شعلة النضال الإسلامي الوطني في بدية هذا القرن الماضي.
ويعد الشيخ علي الغاياتي أحد علماء الدين المناضلين و نموذجا للأزهري الثائر الذي يضطلع بدور رجل الدين الإسلامي الحقيقي في الكفاح ضد الاستعمار والاستبداد وتبني مطالب الأمة والدفاع عن قضاياها، وهو أيضًا الشاعر الملهم الذي يفيض قلمه رقة وعذوبة.
ونقل الكاتب أحمد الخميسي سيرة حيث ولد في محافظة دمياط عام 1885 ، وتلقى تعليمه في الأزهر ، ثم عمل في مجلة يصدرها الشاعر خليل مطران ، وخاض على صفحاتها أولى معاركه عام 1907 ضد علماء الدين الذين وصفهم بأنهم " من ذوى الأفكار العتيقة البالية الجهلة " . وعاقبت السلطات الغاياتي على جرأته بالتحقيق معه وسجنه اثني عشر يوما. وانضم بعدها للحزب الوطني المناهض الأول للاحتلال والقصر في ذلك الوقت . وأخذ ينشر قصائده النارية هجوما على المحتلين وأبواقهم ، وهاجم أمير الشعراء أحمد شوقي وشيوخ الأزهر وغيرهم من رجال الإعلام الموالين للاحتلال .
انتقل من بلده دمياط إلى القاهرة في طلب العلم وأخذ يتحسس معالم الحياة فعمل بصحيفة اللواء في 1907 التي كانت سببا في معرفته بمحمد فريد وعبدالعزيز جاويش. ومع تصاعد الحركة الوطنية في 1910, أصدر ديواناً أسماه "وطنيتي", وكتب مقدمته محمد فريد, فقبض على محمد فريد وهرب الغاياتي إلى تركيا ثم سويسرا, حيث بقي هناك مدة سبعة وعشرين سنة تزوج خلالها من فرنسية وعاش عيشة أوربية خالصة, وأصدر مجلة (منبر الشرق), وعلا نجمه حتى صار ذا صلات واسعة بدوائر السياسة والإعلام الأوربية.
عاد الغاياتي إلى مصر في 1937،ليعيش حياته القديمة ويرتدى ملابس الأزهر الجبة والقفطان وأطلق لحيته وألزم زوجته الفرنسية عادات سيدات الشرق تحجّباً وتنقّبا .
وبحسب أحمد حسين مؤسس حركة مصر الفتاة : إن الرجل تحرّك عكس ما كانت عليه البلاد من انحلال أخلاق ،إذ بدأت ملامح التخلي عن لقيم ومبادئ الشريعة والحق أن الرجل كان عنيداً مقاوماً لكل هذه المظاهر رغم أنها تعايش معها خلال الفترة التي عاشها بأوروبا .
النموذج الثاني : الغرب وسيد قطب
ويبدو للكثيرين أن الغلو الديني الذي تنتهجه بعض التيارات الإسلامية حاليا وراءه الشيخ سيد قطب وأن تعاليمه تصوّر إطاره النظري ،في حين آخرين أنه لم يقصد أمراً كهذا, ولكن أيّاً ما كان الأمر, فأن تفكير العالم لا يقف عند حد معين وإنما يتفاعل في موجات إبداعية لم يرسم هو حدودها ولا يستطيع السيطرة عليها.
لحظات فارقة
إن التحول الثقافي في فكر سيد قطب بدأ في أمريكا أولا ثم خلال المرحلة التي قضاها بالسجن الأولي التي غيرت كثيرا من أفكاره ،وقد وصل قطب إلى قمة إبداعه الأدبي والنقدي عام 1948 بعدما نشر العديد من الدراسات والمقالات النقدية في ذلك الوقت .
لم يكن في الحقيقة سيد قطب كما مهملا قبل رحيله إلي أمريكا كما تصور بعض الباحثين أنه لجاء للتحول إلي الفكر الإسلامي المتشدد بعد فشله فب أن يكون شاعرا ، بدليل أنه دخل معارك فكرية كثيرة مع محمد سعيد عريان ومحمود شاكر و محمد مندور ومحمد احمد الغمراوي وخليل هنداوي وآخرين . لقد ترك قطب عالم الأدب برغبته كما يري باحثين مثل شعبان يوسف وصلاح الخالدي لأنه رأى نوعا من الفساد الذي يجب التصدي إليه .
من يريد التعرف علي سيد قطب وعالمه يجب أولا أن يضع يده علي المرحلة التي قضاها بأمريكا في الفترة من 1948- 1950 لأنها شهدت تحولا دراماتيكيا عميقا شهده مفكرين قبله مثل رفاعة الطهطاوي وطه حسين وتوفيق الحكيم وحسين فوزي.
أمريكا من الداخل بمنظار قطب
تعرض سيد قطب أثناء بعثته في أمريكا لمغريات كثيرة منعا المادي الجنسي من قبل بعض الفتيات الأمريكيات،إلا أن هناك موقفين عاشهما قطب جعلته يفض كل هذه المغريات .
الموقف الأول : حين كان على متن الباخرة و هي تشق أمواج المحيط في ليلة صافية مقمرة متأملا و متفكرا في ملكوت الله سبحانه و تعالى و نِعمه عليه و على الناس في تسخيره البحر و الفلك و النجوم . فأستشعر عظمة الخالق و أنس الأيمان.
الموقف الثاني : حين دخل المستشفي في ولاية " كاليفورنيا " بسبب مرضه و هناك شاهد مظاهر الفرح و الابتهاج على موظفي المستشفي و حين سأل عن سبب الاحتفال أخبروه : فرحاً باغتيال حسن البنا وسمع دق أجراس الكنائس فرحا بهذا الحدث الهام .
عاد سيد قطب لمصر بعد هذه الرحلة معجباً فقط بالعلم الذي وصلت إليه أمريكا و لكنه كان كارهاً لثقافتها و انحلالها و تفسخها الأخلاقي و الفساد الذي طال كل شيء حتى وصل إلى الكنيسة . و كان يعيب على أمريكا و شعب أمريكا الخواء الروحي و الديني .
و قد كتب عن تجربته في أمريكا كتاباً بعنوان " أمريكا التي رأيت " لكنه لم ينشر حتى الآن و ذلك بسبب إتلافه قبل أن يجد سبيلاً إلى النشر . لقد شهد قطب من كثب المجتمع الأمريكي الفاسد وعرقيته وعنصريته وتأثر بمشهد شماتة الأمريكان في اغتيال حسن البنا.
الإخوان المسلمون
مع عودة قطب كانت حركة الإخوان المسلمين توا خارجة من محنة الدولة الملكية واغتيال البنا ، و كانت مجمل أفكاره تتفق مع منهج الإخوان ونظرتهم في تغيير المجتمعات ومن هنا بدأ المشوار الفكري .
لكن الملمح الأبرز في فكر سيد قطب في مرحلة ما بعد أمريكا انه كان يملك استعدادا فطريا لتطوير أفكاره و لو لم يقض الرئيس عبد الناصر علي سيد قطب لأصبح رائد التحولات الفكرية في مرحلة الثمانينات .
النموذج الثالث : الغرب وتحولات محمد عطا قائد هجمات 11سبتمبر
محمد الأمير الساجد عطا من مواليد 1968في محافظة كفر الشيخ ،تربي في بحي العمرانية في القاهرة،تخرجه عام 1990 من كلية الهندسة قسم العمارة ، وانتقل لدراستها في جامعة هامبورج بألمانيا ، وكان مسجل في الجامعة كمواطن إمارتي الجنسية .
وفي نوفمبر عام 1992 بدأ محمد عطا ينخرط في دراسة التخطيط العمراني للمدن فكان يستمع في محاضرته أكثر مما يتحدث، وإذا تحدث لفت النظر إليه. في عام 1994م توجه إلى اسطنبول، ومنها إلى حلب، حيث درس على أرض الواقع تخطيط منطقة خارج باب النصر بسوريا، شكلت هذه المادة العلمية أساس أطروحته للماجستير، التي أنهاها بعد ذلك بخمس سنوات.. عن مساجد حلب وعمارتها.
في العام التالي عاد عطا إلى هامبورج مطلقا لحيته وبدأت تظهر عليه علامات التدين ، و زار في تلك الفترة مكة وأدي فريضة الحج .
الواقع العربي والتحدي
كانت الظروف السياسية في التي شهدتها دولة العراق بغزوها جارتها الكويت ، ثم إقدام أمريكا للتصدي لها بمعاونة دول أخرى ،في الوقت الذي كان يتعرض فيه الفلسطينيين للقتل والذبح على أيدي الإسرائيليين وفي ألمانيا كانت الحركات العنصرية علي أشدها في معادة العرب والمسلمين .
وكان هو أصغر من أن يستطيع تغيير أى من هذه الأمور، فقرر أن يبحث لنفسه عن عالم جديد فبدأ يبحث لنفسه عن فرص جديدة فتعمق أكثر في المجتمع الألماني بحكم إجادته للألمانية ،وأستقر في مدينة هامبورج في 24 يوليو 1992 .
العنصرية الألمانية
ففي عام 1991 عقد "جنترديكيرت" زعيم الحزب الوطني الديمقراطي الألماني (يمين متطرف) محاضرة استضاف فيها محاضرًا أمريكيًا ادعى خلالَ كلمته أن قتل اليهود بالغاز لم يحدث مطلقا.
وفي شهر مارس 1994م حوكم "ديكيرت" مرة أخرى، وحكم عليه بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ، بالإضافة إلى غرامة خفيفة، مما أدى إلى تعرض القضاة الذين حاكموا ديكيرت لموجة من الغضب والنقد بسبب تخفيف العقوبة ، وقد أدت هذه الانتقاداتُ التي تعرض لها القضاة إلى تدخل المحكمة الفيدرالية التي أبطلت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة مرة أخرى.
وفي شهر إبريل عام 1994م أعلنت المحكمة الدستورية الألمانية أن أي محاولة لإنكار حدوث الهولوكوست لا تتمتع بحماية حق حرية التعبير التي يمنحها الدستور الألماني، مما دفع البرلمان الألماني أن يضع قانوناً يجرم أى محاولة لإنكار وقوع الهولوكوست ويعاقب من ينكر الجريمة بالحبس خمس سنوات.
فكر القاعدة
تابع عطا من كثب ما يحدث في أوروبا وما والعالم العربي ولاحظ أن الجامعات في ألمانيا تحتفي بفكرة تطوير وتجديد الفكر الإسلامي وتم عقد أكثر من مؤتمر في ذلك الوقت عن هذه الفكرة استضافت خلالها الدكتور نصر حامد أبو زيد لمناقشة أفكاره التي كان قد بدأ في تشرها في مصر من أفكار تناقض ما يجمع عليه إجماع المسلمين في العهود السلفية السابقة كما كان يراه المفكر الإسلامي المعروف الدكتور عبد الصبور شاهين ، حتى تم رفع دعاوى قضائية ضده بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس .
كانت الجامعات الألمانية تحبذ مثل هذه الأفكار التي شارك في مناقشاتها بصحبة أحد أصدقائه يدعى محمد و ولد صلاحي والذي أفصحت إحدى وثائق ويكيليكس علي انه هو الذي دعاه محمد عطا للفكر الإسلامي المتشدد .
لم يستطع عطا أن يجمع بين أفكاره التي تربي عليها في كفر الشيخ ثم حي العمرانية في الجيزة وبين معتقدات التي كانت تدعوا للصدام الحضاري ، والتساهل الفكري مع عقيدته فتحول سريعا إلي أقرب فكرة جاءت إليه وهو فكر تنظيم القاعدة .
توجه في الحادي عشر من أبريل عام 1996 عطا إلى مسجد القدس أحد المعالم الهامة للجالية المسلمة في ألمانيا ليس للصلاة، بل لتوقيع وصيته، التي ذكر فيها أمور تتعلق بآداب الغسل والدفن، وفي هذا المكان التقى فيما بعد محمد الأمير برفقاء الشهادة. وفي أواخر ذلك العام اختفى محمد الأمير لأول مرة من هامبورج.
الدعوة الإسلامية
نشط عطا بعد تحوله للدعوة إلي الإسلام داخل المجتمع الألماني وبدأ يتردد على مساجد هناك بحكم عمله، وبالتالي أصبح من أعضاء الجالية الإسلامية في هامبورج ، يقول عنه صديقه محمد بلفاس -وهو أحد المشتبه في قضية 11 من سبتمبر أن محمدا كان رغم تردده على المسجد وحبه لتقديم الخدمات والمساعدات لأصدقائه ، إلا أنه لم يكن يحب المشاركة فى الأنشطة الاجتماعية التى يقيمها المسجد .
نادر العبد صديق محمد عطا وحتى وقت قريب كان على قائمة الاشتباه فى معرفته أسرار أحداث سبتمبر،إذ طلب من عطا أن يقنع زوجته الألمانية بالدخول فى الإسلام .
تقول الزوجة أن (عطا) كان أفضل من كلمها عن الإسلام ، وأنه لم يحاول أن يغير من رأيها أو يجعلها تميل نحو كفة الإسلام ، كل ما قام به أنه أعطاها
معلومات (محايدة) عن العقيدة الإسلامية وأجاب على أسئلتها الكثيرة بمنتهى الصبر ... ولم تمر شهور معدودة على لقائها بعطا حتى أشهرت إسلامها . القاعدة وفكرة الصدام الحضاري
وفي نوفمبر من عام 1998 عاش عطا مع شخصين يدعيان سيد بهيجي ورمزي بن الشيبة الذين كانا ينتميان لتنظيم القاعدة و مقربين من أسامة بن لادن .
لقد اختمرت في ذهن محمد عطا فكرة الانتقام من الغرب الأمريكي وتلقينه درسا قويا يهزم كرامته وكبريائه ويكون في عقر داره .
وورد بخاطره فكرة ضرب أمريكا بطيران فالتحق عام 1999 مدرسة الطيران المدني للدراسة والتدريب.
زلازل 11 سبتمبر
كان الغرض ليس الطيران المدني بقدر ما يكون اختطاف الطائرات وتحويلها لقنابل تفجر في مباني ومؤسسات أمريكية علي وجه الدقة والتحديد . حتى جاءت الحطة الفارقة التي قرر فيه عطا ومعه ثمانية عشر شخصا م جنسيات عربية متعددة بتفجير مبنى التجارة العالمي وسط حالة من ذهول العالم بأثره.
يذكر بعض المحللين الغربيين أن الفقر هو سبب ظهور التشدد والتطرف الديني و يفجّر الحركات السياسية و الاجتماعية وأضافوا إلى ذلك العمل النفسي ولكن هذا العنصر من وجهة نظرهم قد يفسّر وضعاً فردياً, ولا يفسر ظواهر عمّت تتطلب الأسباب الاجتماعية, والظاهرة الاجتماعية لا تصلح مفسّراً لها بدون التعامل مع المجال النفسي.
ولكن هذا العنصر النفسي يفسد المسألة, لأنه عنصر قد يفسّر وضعاً فردياً,ولكن لم يلتفت أحد إلي ما أسماه المستشار طارق البشري ب(وعاء السببية) في قصة الغايتي ثم سيد قطب ثم محمد عطا لقد كانت هذه النماذج شخصيات عادية تتعامل مع واقعها وبيئتها ولكن بحتكاكها بالغرب تولد لديها مفاهيم وافكار مختلفة وتلك هي معضلة الصراع بين الشرق العربي الإسلامي والغرب اليبرالي العلماني المسيحي .
اقرأ فى هذا الملف
* إخوانيون متفرقون لوجه لله
* أحزاب الإسلام السياسي "يا خبر النهارده بفلوس بكرة يبقى ببلاش"
* خوارج الإخوان وتحولاتهم الفكرية .. ثروت الخرباوي نموذجاً
* عاصم عبد الماجد .. أمير الجماعة في المواجهة
* طارق الزمر.. الناصري الذي أصبح جهاديا
* البلتاجي... من البرلمان إلي الليمان
* صفوت حجازي ..عنتر الإخوان أم لبلب الحكومة؟
*** رئيسية الملف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.