ارتفاع أسعار النفط بعد هبوط مخزونات الخام الأمريكية    نقيب الصحفيين المصريين: اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح "خرق" لاتفاقية كامب ديفيد    لوكاشينكو: يحاولون عزل دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ولكنها تمضي قدما    غيابات بالجملة بين صفوف الزمالك قبل مواجهة نهضة بركان    ضبط شخصين بقنا حاولا غسل 40 مليون جنيه حصيلة اتجار بالمخدرات    نقابة الموسيقيين تعزي كريم عبد العزيز في وفاة والدته    عام المليار جنيه.. مكافآت كأس العالم للأندية تحفز الأهلي في 2025    أحمد موسى : مصر لا تتحمل أي مسؤولية أمنية في غزة    «المحاربين القدماء وضحايا الحرب» تُكرم عدداً من أسر الشهداء والمصابين    «البترول» تواصل تسجيل قراءة عداد الغاز للمنازل لشهر مايو 2024    توت عنخ آمون يتوج ب كأس مصر للسيدات    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائى 2024 بالجيزة .. اعرف التفاصيل    10 توصيات في ختام المؤتمر الثالث لمبادرة اسمع واتكلم بمرصد الأزهر    الثقافة جهاز مناعة الوطن    أولادكم أمانة عرفوهم على ربنا.. خالد الجندى يوجه نصائحه للأباء والأمهات فى برنامج "لعلهم يفقهون"    بعد قرار "أسترازينيكا" سحب لقاح كورونا.. استشاري مناعة يوجه رسالة طمأنة للمصريين (فيديو)    أسعار الأضاحي في مصر 2024 بمنافذ وزارة الزراعة    «اسمع واتكلم».. المحاضرون بمنتدى الأزهر يحذرون الشباب من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي    لفترة ثانية .. معلومات عن سحر السنباطي أمين المجلس القومي للطفولة والأمومة    السجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة بتهمة الرشوة    محافظ أسوان: مشروع متكامل للصرف الصحي ب«عزبة الفرن» بتكلفة 30 مليون جنيه    محلل سياسي: «الجنائية الدولية» تتعرض للتهديد لمنع إصدار مذكرة اعتقال لنتنياهو    حسن الرداد يكشف عن انجازات مسيرته الفنية    «فلسطين» تثني على اعتراف جزر البهاما بها كدولة    أمين الفتوى يوضح حكم وضع المرأة "مكياج" عند خروجها من المنزل    «التجارية البرازيلية»: مصر تستحوذ على 63% من صادرات الأغذية العربية للبرازيل    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    رئيسة المنظمة الدولية للهجرة: اللاجئون الروهينجا في بنجلاديش بحاجة إلى ملاجئ آمنة    تقديم رياض أطفال الأزهر 2024 - 2025.. الموعد والشروط    "عليا الوفد" تلغي قرار تجميد عضوية أحمد ونيس    مناقشة تحديات المرأة العاملة في محاضرة لقصور الثقافة بالغربية    دعاء للميت بالاسم.. احرص عليه عند الوقوف أمام قبره    «تويوتا» تخفض توقعات أرباحها خلال العام المالي الحالي    كريستيانو رونالدو يأمر بضم نجم مانشستر يونايتد لصفوف النصر.. والهلال يترقب    «الجيزة التجارية» تخطر منتسبيها بتخفيض الحد الأدنى لقيمة الفاتورة الإلكترونية    «القاهرة الإخبارية» تعرض تقريرا عن غزة: «الاحتلال الإسرائيلي» يسد شريان الحياة    أحدثهم هاني شاكر وريم البارودي.. تفاصيل 4 قضايا تطارد نجوم الفن    11 جثة بسبب ماكينة ري.. قرار قضائي جديد بشأن المتهمين في "مجزرة أبوحزام" بقنا    يوسف زيدان عن «تكوين»: لسنا في عداء مع الأزهر.. ولا تعارض بين التنوير والدين (حوار)    «8 أفعال عليك تجنبها».. «الإفتاء» توضح محظورات الإحرام لحجاج بيت الله    فرقة الحرملك تحيي حفلًا على خشبة المسرح المكشوف بالأوبرا الجمعة    تعرف على التحويلات المرورية لشارع ذاكر حسين بمدينة نصر    رئيس قطاع التكافل ببنك ناصر: حصة الاقتصاد الأخضر السوقية الربحية 6 تريليونات دولار حاليا    تعمد الكذب.. الإفتاء: اليمين الغموس ليس له كفارة إلا التوبة والندم والاستغفار    الزمالك يكشف مفاجآت في قضية خالد بوطيب وإيقاف القيد    ذكرى وفاة فارس السينما.. محطات فنية في حياة أحمد مظهر    صحة المنيا تقدم الخدمات العلاجية ل10 آلاف مواطن فى 8 قوافل طبية    محافظ كفر الشيخ: نقل جميع المرافق المتعارضة مع مسار إنشاء كوبري سخا العلوي    مصرع سيدة صدمها قطار خلال محاولة عبورها السكة الحديد بأبو النمرس    صالح جمعة معلقا على عقوبة إيقافه بالدوري العراقي: «تعرضت لظلم كبير»    لمواليد 8 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    إعلام فلسطيني: شهيدتان جراء قصف إسرائيلي على خان يونس    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التاريخ يعيد نفسه بمسرحية "طرفة على الجسر"
نشر في محيط يوم 10 - 05 - 2008


من الجاهلية لغزو العراق.. هل يعيد التاريخ نفسه؟
محيط - خاص
** قراءة / عبد الله الوصالي
مشهد من المسرحية
تبدأ مسرحية " طَرَفَة على الجسر " للكاتب المسرحي عبد العزيز السماعيل و التي مثلتها فرقة جمعية الفنون بالإحساء بالمملكة العربية السعودية، بتجسيد حدث تاريخي.
المتلمس و ابن أخته طرفة ابن العبد في طريقهما إلى البحرين، وهي ليست البحرين المعروفة حالياً بل هي منطقة الإحساء شرقي المملكة العربية السعودية في الوقت الحالي ، قادمين من العراق وبيد كل منهم عريضة، يصادفان عرافا.
يدور النقاش بين العراف و الاثنين يتهم فيه طرفة العراف بأنه معتوه فيرد عليه العراف بأن( المعتوه هو من يحمل حتفه بيده) . هنا ينتبه خاله المتلمس ويدفع بالعريضة التي في يده للعراف ليقرأها فيجد فيها أن (عمرو ابن هند يأمر واليه على البحرين (المكعبر) بأن يقتله حال اطلاعه على الكتاب.. ويرفض طرفة أن يصنع مثل خاله ويصر على أن عمرو ابن هند (لا يجرؤ عليه).
يودّع المتلمس ابن أخته فيفترقان ثم ينتهي طرفة في سجن المكعبر الذي لا يدري ماذا سيفعل به فهو ذو قرابة وفي نفس الوقت لا يريد أن يغضب الملك (عمر ابن هند).
ينتهي هنا الجزء الأول من المسرحية الذي يأخذ الشكل التقليدي في تجسيد الشخصيات فجميع عناصر العرض الفنية من ديكور وإضاءة وصوت كانت توحي بمشهد تاريخي يروي القصة المعروفة.
و يبدأ الجزء الثاني من المسرحية حين يهرب طرفة بن العبد من سجن المكعبر و هنا نرى كيف أن المؤلف من أجل مسرحة الحدث و توظيفه على إسقاطات الحاضر حوّر القصة وجعل هروب طرفة، الذي في الحقيقة انتهى به المطاف في الواقع التاريخي قتيلاً لدى المكعبر،ممكناً فيهرب إلى أن يصل العراق وقد مر أثناء هربه بمجتمعات عربية مختلطة نرى ذلك في اللهجات ذات الخصوصية القطرية لكل بلد... وصل طرفة للعراق التي سنستدل منها على المغزى الذي أراده نص المسرحية البصري،على الأقل.
في جزأها الثاني تنتقل المسرحية نقلة نوعية حيث يستخدم المخرج زكريا المؤمني إسقاطات الشخصية ونهايتها الدرامية التاريخية على الواقع الحالي فيستضيف طرفة العصر الجاهلي فيما بعد غزو العراق سنة 2003م
ليحتدم الصراع بين العربي الأشم طرفة وبين الواقع العربي المرير.
مشهد من المسرحية
ويقودنا المعنى المباشر للعرض إلى حالة بكائية على وضعنا الراهن ، ويشير مشهد المتلمس و هو يهز وسطه تحت الضوء الأحمر، و ما للون الأحمر من دلالة، إلى حال ابتذال القيم العربية الأصيلة تحت وطأة المحتل الأجنبي( يجسده في المشهد جنديان أجنبيان يحيطان بالمتلمس المتراقص)
و لكن إذا كان الأمر هو فقط ما يشير إليه المعنى السابق فلماذا لم يتم اختيار شخصية أخرى غير طرفة كعنترة مثلاً صاحب الفروسية الطاغية و المثاليات العالية ؟ أو أبو فراس الحمداني الذي تحكي سيرته انه التحم بشكل مباشر مع الروم/ الغرب ؟ و لماذا العراق وليس فلسطين مثلا التي هي الجرح الأغزر نزفاً و الميدان الأكثر إذلالا لنا نحن العرب ً؟ .. هنا تأتي قراءة أخرى أكثر عمقاً للمسرحية :
لا تصور شخصية طرفة السمات الشكلية للشخصية النمطية العربية فقط بل تتعداها إلى سماتها النفسية السلوكية المشتهر عنها وتظهر شخصيته التي أداها بإتقان الفنان "سلطان النوَّه" جوانب مما تتميز به تلك الشخصية فهو:
• فارس عاشق يظهر ذلك في ترديده أبيات حبه لخولة والمنشورة بمعلقة طرفة بن العبد:
لخولة أطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد *
• سريع اللجوء إلى السيف:
يظهر ذلك في سحب طرفه لسيفه من غمده في المقهى العراقي كلما غضب
• معتد بنفسه:
في قوله (إن عمرو بن هند لا يجرؤ علي) رغم ما لعمرو ابن هند من سطوة حينها.
• لا يقرأ ولا يحفل بتعلم القراءة ( في لجوئهم للعراف، ووصفه العراف بالمعتوه رغم تفوق العرّاف عليه في استشراف المستقبل وقراءة الخط)
قيم الماضي تزاحم حلول العصر
نأتي إلى الحالة التي استخدم فيها حالة الإسقاط التاريخي ونرى كيف تحدث الكوميديا السوداء حين تصر قيم الماضي على مزاحمة حلول العصر ؛ فتلك الصفات و التي بلا شك يتعاطف معها الكثيرون في سياقها التاريخي لا تبقى كما هي الآن حيث العصر و أدواته وطرق التفكير و معايير الحكم على الأشياء أصابها الكثير من الاختلاف.
و لو أردنا أن نقرأ تلك المميزات بلغت العصر، فإن تلك الصفات النمطية عن الشخصية العربية، فيما عدا العشق، أصبحت تعني في سياقها المعاصر على التوالي:
لجوئه إلى السيف لم تعد نجدة وشجاعة بل تهور و رعونة.
الاعتداد بالنفس لم يعد أنفةً وشرفاً و إنما شوفينية وغرور.
عدم القراءة لم يعد امراً ممكناً و من يفتقدها ينعت بالجاهل.

مسرحية تدين صدام
الشخصية العربية الممثلة في طرفة - كما جسدها العرض المسرحي وأوضحتها رؤية مؤلفها - هي نموذج عن شخصية عربية عراقية كانت الأبرز في المشهد العربي و العالمي في العصر الراهن، شخصية كانت تسمى سيف العرب وكانت تمتشق السيف في أكثر من مشهد من مشاهدها الدعائية المعدة سلفاً كما يتصف بصفات منها اللجوء للسيف في أدنى حالات الخلاف دون تقدير العواقب ( في غزوه للكويت أو دخوله في حرب مع إيران) ، كما انه ظن مثلما ظن سلفه طرفة في عمرو ابن هند، أن الدول الغربية لن تجرؤ على إخراجه من الكويت، رفض أيضاً، كرفض طرفة نصيحة العرّاف، عرض التراجع و اللجوء إلى روسيا الذي تقدم به (بريماكوف) في اللحظات الأخيرة قبل غزو العراق.
ثم تأتي النهاية الدرامية لكلا الشخصيتين لتؤكد وحدة المصير، فيقع طرفة في أيدي المحتل تماماً مثلما وقع الزعيم المعاصر في يد بريمر حين قال لقد امسكنا به (we got him ) .. وأرى أن أي شخصية لتجسيد هذا المعنى مهما كانت لن تكون بجدارة شخصية طرفة كما أن المكان لا يمكن أن يكون سوى العراق.

** أديب وكاتب سعودي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.