بيروت: صدر حديثاً دراسة للباحثة عزة شرارة بيضون تحمل عنوان "جرائم قتل النساء أمام القضاء اللبناني"، عن منظمة "كفى عنف واستغلال". تنبض الدراسة بجرأة غير مألوفة لأنها تحط رحالها في تلك "المنطقة" المعتمة من "المحظورات" الأخلاقية والاجتماعية. تنفذ إليها الباحثة عزّة شرارة بيضون وفي حوزتها رصيد يُعتدّ به من الثقافة القانونية والمعارف الاجتماعية والمنهج الانتروبولوجي. تتناول الدراسة وفقاً لجريدة المستقبل اللبنانية قضية قتل النساء في المجتمع اللبناني في دائرة القرابة وفي إطار الشراكة بشكل عام. تتولى الكاتبة إثارتها ومناقشتها متوسلة القراءة التحليلية في وثائق المحاكمات لقتلة نساء وفتيات في المحاكم التمييزية، وذلك استنابة عن المحاكمات الجنائية في المحافظات اللبنانية الست. يتكون الكتاب من فصول ثلاثة مسرحها ست وستون قضية تدور حول جرائم ذهب ضحيتها "إناث" على أيدي "ذكور" بذريعة أن شرف العائلة يقتضي إهراق الدم أو هدره. يناقش الأول الجريمة وعناصرها. والثاني المحكمة والخريطة العامة لمكوّناتها. والثالث يتطرّق الى التجليات الشخصية والاجتماعية لطبيعة الأنوثة والذكورة. وتتضمن خاتمة الكتاب حسبما ذكرت "المستقبل" تعبيراً صريحاً عن التوجه الهادف للدراسة، ويتمثل في توفير مادة إضافية للمعنيين في مجال مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة واستكمال مسعاهم في الترويج لضرورة تشريع مكافحة العنف في إطار العائلة الأسرة، ومن ثم تعميم هذا التشريع على المجتمع بأسره، ووضعه بين أيدي مؤسسات الدولة المعنية بهذه المسألة. جدير بالذكر ان منظمة " كفي .. عنف واستغلال" الغير حكومية رعت هذه الدراسة من ضمن مجموعة من الأنشطة الهادفة الى تسليط الضوء على جرائم قتل النساء. وقد وفّرت هذه المنظمة للباحثة وثائق المحاكمات الست والستين والملفات الكاملة لحالات تسع منها. كما دعمت مالياً الجهد البحثي والإحصائي فيها. وقدم محامون ومحاميات ينضوون في "المنظمة" خبراتهم في مراجعة الدراسة على نحو قانوني. ومع ذلك، فإن الجهد الأضخم والأكثر أهمية وثقلاً علمياً وتحليلياً، إنما يعزى الى الباحثة نفسها التي استخدمت التقنيات المتاحة لها للتوصل الى وضع أطروحة ملأى بالدلالات الاجتماعية والتصورات والأوهام والخرافات المتوارثة، عن عمد، التي تسوغ إعدام المرأة بذرائع شتى. أو أنها تخفف من ثقل القيود القانونية والاجتماعية التي يواجهها الرجل وهو يعدّ العدّة لتنفيذ جريمة القتل.