الكتابات العبرية في القدس مجرد خدعة محيط - عبدالرحيم ريحان يعتبر الإعلان عن اكتشاف علماء إسرائيليين أقدم كتابات عبرية في القدس هو أحد حلقات الأكاذيب الأثرية لصناعة تاريخ مزيف وتأكيد وجود غير شرعى لليهود في أرض فلسطينوالقدس بالتحديد . وقد أعلنت إسرائيل هذا الكشف دون توثيقه أثرياً . وبتتبع صيغة الإعلان عن الكشف نكتشف الحقائق التالية : أولا : بخصوص ما ذكر بأن النقش العبرى يعود للقرن العاشر قبل الميلاد ، فهذا مستحيل فى ضوء التطور التاريخى للأبجديات . وبخصوص ماورد على لسان رئيس فريق التنقيب أن خط النقش المكتشف بالكتابة الكنعانية القديمة التى انحدرت منها كافة الأبجديات فى العالم ، فهذا خطأ علمى ؛ لأن تطور الأبجديات كما ورد فى كتاب د. عبد المنعم عبد الحليم (المغالاطات والافتراءات الصهيونية على تاريخ وحضارة مصر الفرعونية) أن الأبجدية الأم هى الأبجدية السينائية المبكرة Proto- Sinatic Alphabet لأنها نشأت فى سيناء بين القرنين 20- 18 قبل الميلاد فى منطقة سرابيت الخادم والتى انتقلت إلى فلسطين وبدأت حروفها تفقد أشكالها التصويرية وتتخذ الشكل الخطى فيما عرف بالأبجدية الكنعانية مابين القرنين 17 – 15 قبل الميلاد . ويتضح ذلك فى نقش على شقفة فخار وجدت فى بلدة جازر جنوبفلسطين . ثم ظهرت الأبجدية الكنعانية المتأخرة ما بين القرنين 13- 12 قبل الميلاد وتميزت باختفاء الشكل التصويرى من الحروف تماماً ويتضح ذلك فى نقش وجد فى موقع قبور الولايدة شمال بئر سبع ثم انتقلت هذه الكتابة للأرض الفينيقية . اللغة الآرامية القديمة وبذلك لم يكن الفينيقيون هم الذين ابتكروا الأبجدية ومن الفينيقية اشتقت فى الشام الأبجديتان الآرامية والعبرية المبكرة وأقدم نقش عبرى مبكر يرجع للقرن التاسع قبل الميلاد وهو المعروف بنقش الملك ميشع ومن الآرامية اشتقت سائر أبجديات الشام القديمة واندثرت هذه الأبجديات لكن الأبجدية الآرامية (وأقدم نقش آرامى يعود للقرن التاسع قبل الميلاد ويعرف بنقش كلامو بن الملك حاجا) تمخضت عنها قبل اندثارها أبجديات مازالت معاصرة مثل الأبجدية العبرية المتأخرة المعروفة بالخط المربع فقد نبذ العبريون أثناء فترة السبى البابلى أبجديتهم العبرية المبكرة المشتقة من الفينيقية واستخدموا أبجدية مشتقة من الآرامية وهى العبرية المتأخرة المستخدمة حتى اليوم وأقدم نقش كتب بالأبجدية العبرية المتأخرة يعود لعام 180 قبل الميلاد . إذاً ومع هذا التطور التاريخى للأبجديات فمستحيل وجود كتابة عبرية مبكرة تعود للقرن العاشر قبل الميلاد لأن أقدم نقش مبكر منها يعود للقرن التاسع قبل الميلاد موازى للأبجدية الآرامية التى تطورت معها . ثانيا : الإعلان عن نتائج علمية تخص كشف أثرى خصوصاً لو كان نقش أو كتابة فى مخطوط لا يتم قبل قراءة النص كاملاً وليست ثلاثة كلمات كما ورد بالكشف ودراسة نوعية الخط وتفسير علمى للقراءة وربطها بالمعطيات الحضارية للمنطقة المكتشف بها وكل هذا لم يتم . عبدالرحيم ريحان ثالثا : ورد على لسان رئيس فريق التنقيب (أنه عندما تجد هذا النوع من المخطوطات فى مدينة قديمة فهذا يعنى أن لديهم نظاماً حكومياً وأن هناك مملكة بأكملها) فلو كان يقصد مملكة نبى الله داود عليه السلام وهو المعاصر لهذا التاريخ فقد ورد فى كتاب كارين أرمسترونج (القدس) أن نبى الله داود لم يكن له نظاماً حكومياً خاص بل احتفظ بالإدارة اليبوسية القديمة وتولاها بنفسه إذ أن المدن الكنعانية كانت قد وضعت نظاماً بيروقراطياً لإدارة الشئون المالية والسياسية وطورته على مدى القرون بينما لم يكن للإسرائيليين واليهوذيين من سكان أرض التلال يتمتعون بالخبرة اللازمة لإدارة شئون الدولة التى لم يكن لهم عهد بها ويحتمل أن أغلبهم كانوا أميين . رابعا وأخيرا : إقحام التوراة فى الكشف الأثرى قبل الوصول لنتائج علمية واضحة يسئ للتوراة نفسها وهذا يدل على أن النية مبيتة للتزوير ككل الاكتشافات السابقة . ** مدير منطقة آثار نويبع