بوجي وطمطم شخصيات كارتونية اعتدنا على رؤيتهما كل عام وارتبطت مشاهدتهما بشهر رمضان الكريم، وعشنا معهم جميع الحلقات التي كانت لها أهداف قيمة في تعليم الأخلاق النبيلة والحسنة. وعلى الرغم من حبنا وعشقنا لهذا المسلسل الرائع إلا أن كثيرا منا لا يعرف مبتكر ومبدع هذه الشخصيات، فهو الكاتب الدكتور يسرى خميس الذي وافته المنية خلال الأيام الماضية بعد صراع طويل مع المرض.
بيتر فايس
لم تقتصر أعمال يسري خميس على مسلسل "بوجي و طمطم" لكنه أول من قدم المسرح التسجيلي في العالم العربي بترجمته أشهر عملين للكاتب الألماني "بيتر فايس" مبتدع المسرح التسجيلي "مارا صاد" و "أنشودة غول لوزيتانيا"، وتم إعادة تقديم النص نفسه عدة مرات عبر فرق قصور الثقافة المختلفة في مصر، ونتيجة لذلك وحصل علي شكر خاص وعضوية فخرية في جمعية بيتر فايس العالمية باعتباره واحدا من أهم مترجميه عام 2010.
كما ترجم أعمالاً كثيرة لبريخت ودورينمات، وكافكا، ومن أهم مترجماته كتاب إرفين بيسكاتور "المسرح السياسي"، كما كتب المسرحيات التي حاول من خلالها استنطاق الروح العربية إزاء المستجدات والمتغيرات، ومن أهم هذه المسرحيات "محاكمة جان دارك" .
سجن أبو غريب
ولم يحرم خميس المسرح المصري من إنجازاته ومؤلفاته فقد ألف العديد من الأعمال التي تنطلق من ذات الأرضية (التسجيل والتوثيق), وكان آخرها عمله المسرحي "فضيحة أبو غريب", الذي نشرته سلسلة نصوص مسرحية التابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة قبل عامين, والتي استخدم فيها الكاتب الراحل نصوص التحقيقات في جريمة تعذيب المعتقلين العراقيين بسجن أبو غريب منذ بدء الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق و قدمها عبر دراما مسرحية .
عشقه للطفولة
حقق منذ بداية مشواره طفرة في مجال الأطفال فبعد أن قام بابتكار وتأليف حلقات بوجى و طمطم عام 1983، و تم تقديم 18 جزءا بعد ذلك من المسلسل الشهير ، ابتكر مسرحيات للأطفال كان آخرها في مؤتمر الحيوانات التي استضافها مسرح العرائس عامي2008 و2009 وبنجاح كبير أيضاً .
ولم يترك خميس أيضاً بابا في الأدب العربي إلا وقد طرقه وحقق نجاحا باهرا فيه فقد قدم خمسة دواوين شعرية تنتمي لقصيدة النثر وهي قبل سقوط الأمطار وطريق الحرير وأساطير مائية والتمساح والوردة, وكان آخرها ديوان ممر الأفيال الصادر عن سلسلة ذاكرة الوطن بالهيئة العامة لقصور الثقافة العام الماضي.
و شارك أيضاً في وضع موسوعة الطيور العربية التى تنشر مسلسلة في مجلة العربي الصغير منذ سنوات عدة حتى الآن، بالاشتراك مع الفنان الراحل راجي عنايت والفنان محمد حجي .
لحظاته الأخيرة
بعد عامين من الشقاء والتعب وتدهور حالته المرضية دخل خميس إلى قسم الباطنة بمستشفى قصر العيني الفرنسي منتصف أغسطس الماضي ، وظل يصارع مع المرض إلى أن انتقل إلى جوار ربه مساء السبت الماضي تاركاً خلفه أدبا وفناً يجعله في ذاكرة جماهيره للأبد.