60 عاما علي مذبحة دير ياسين د. أحمد يوسف القرعي يتزامن مرور60 عاما علي وقوع مذبحة دير ياسين الشهيرة في التاسع من ابريل1948, مع تداعيات عملية( شتاء حار) ضد الشعب الفلسطيني وتهديد ماتان فلتائي نائب وزير الدفاع الاسرائيلي بمحرقة( هولوكوست) في قطاع غزة وهنا سارع المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية لتقديم توضيح حاول فيه التخفيف من وقع كلمة( هولوكوست) ودلالتها. ويخطئ كثيرا المتحدث الاسرائيلي لو حاول التخفيف من وقع تلك الكلمة التي تعبر عن حصاد مئات المجازر والمحارق التي أحدثتها اسرائيل علي الأرض الفلسطينية ابتداء من مذبحة دير ياسين وتشكل تلك المجازر والمحارق صفحات كتاب أسود لم تستطع أي امبراطورية استعمارية سابقة ان تجاري اسرائيل في أحداثه ابتداء من عمليات المذابح والتعذيب والعقاب الجماعي والعدوان والارهاب والإبادة الجماعية والسطو والاحتلال.. الخ, وكانت مذبحة دير ياسين أولي صفحات هذا الكتاب الاسرائيلي الأسود. وبدأت ساعة الصفر للمذبحة في الساعة الثانية من صباح التاسع من ابريل1948 حيث أعطي الأمر بالهجوم علي دير ياسين وتحركت وحدات العصابة الارهابية( الأرجون) بقيادة مناحم بيجين( رئيس حكومة اسرائيل فيما بين1977 1983) بالاضافة الي عناصر من عصابات الهاجانا والبالماخ بقيادة دافيد بن جوريون.( وتولي رئاسة أول حكومة مؤقتة عام1948), وذلك لاكتساح دير ياسين من الشرق الي الجنوب وتبعتهم جماعة شتيرن بقيادة اسحق شامير( رئيس الوزراء فيما بعد سنوات1983 1987,1985 1992) بسيارتين مصفحتين وضع عليهما مكبر للصوت. ويروي بيجين أحد المشاركين عن المذبحة ان العرب دافعوا عن بيوتهم ونسائهم وأطفالهم بقوة فكان القتال يدور من منزل الي منزل وكلما احتل اليهود بيتا فجروه علي من فيه بالمتفجرات القوية( تي.ان.تي) التي أحضروها لهذا الغرض. وبعد تقدم بطيء في الظلام وقبيل ساعات الصباح الأولي بدأ احتلال القرية بكاملها وتدميرها علي من فيها ودخل ارهابيو عصابة شتيرن تتقدمهم سيارة مصفحة تحمل مكبرا للصوت وهدفهم ان يصلوا الي قلب القرية وكان المذياع يقول للعرب: (إنكم مهاجمون بقوة اكبر منكم, ان المخرج الغربي لدير ياسين الذي يؤدي الي عين كارم مفتوح أمامكم فاهربو منه سريعا وانقذوا أرواحكم).لكن سكان القرية الذين صدقوا النداء وخرجوا من بيوتهم هاربين اصطدموا برصاص الارهابيين الصهاينة ومعظمهم من النساء والأطفال والشيوخ فكان لابد من الاجهاز عليهم. وأما الذين بقوا في بيوتهم فأخذ اليهود يلقون القنابل داخل البيوت فيدمرونها علي من فيها. وعندما بدا ان تقدم الارهابيين كان أبطأ مما توقعوا واستغرق الوصول الي قلب القرية ساعتين أرسل قائد مجموعة الارجون المشتركة في الهجوم في استدعاء شحنة كبيرة من المتفجرات بهدف تدمير كل بيت. وسار وراء فرق المتفجرات محاربو الأرجون وشتيرن يقتلون كل من يتحرك أو من كان داخل أي بيت أو كل من بدا انه يشكل خطرا جديدا وأخيرا كل عربي ظل حيا في دير ياسين واستمر تفجير المنازل الآمنة واطلاق الرصاص حتي قبل ظهر10 ابريل1948 بعد ان تم احتلال دير ياسين بأكملها, ثم جاءت وحدة من الهاجانا فحفرت قبرا جماعيا دفنت فيه250 جثة عربية أكثرهم من النساء والشيوخ والأطفال. وكانت مذبحة دير ياسين مقدمة لمذابح اخري في ناصر الدين, القبو, بيت داراسا بيت خوري, الزيتون وعشرات من القري غيرها حتي تجاوز عدد ما تعرض من القري العربية للنسف والتدمير المائة قرية استولت عليها العصابات الصهيونية بعد ان بطش بسكانها المسالمين وبعدها بدأت عملية تفريغ أرض فلسطين من شعبها العربي, وهنا أكد مناحم بيجين قائد الارجون: أن هذه المذابح صاحبة الفضل في اقامة اسرائيل وهذا اعتراف خطير ولكننا لم نستثمره اعلاميا لكشف الوجه الاسرائيلي القبيح وهناك أيضا شهادات دولية تدين اسرائيل منها اعتراف الكونت فولك برنادوت وسيط الأممالمتحدة في فلسطين في تقرير دولي له بأن سبب خروج عرب فلسطين نجم عن الرعب الذي نشأ نتيجة أعمال الارهاب والطرد والسلب والنهب الواسع. {{{أيا كان الأمر فإن مذبحة دير ياسين بعد60 عاما من وقوعها تستحق تسليط الضوء عليها اعلاميا. لتنشيط الذاكرة العربية وكذا الدولية بما حدث لدير ياسين المعروفة حاليا بمستعمرة جفئات شاؤول في الدعوة الي تخليد اسم قرية دير ياسين للحفاظ علي اسمها العربي وتراثها كنموذج وقدوة للحفاظ علي كل شيء فلسطيني ويمكن العمل علي إطلاق اسم دير ياسين علي القري والمدن الجديدة التي تنشأ علي مستوي الدول العربية( في الشرق والغرب). أما علي المستوي الدولي فيمكن دعم الجمعيات الدولية التي تم تأسيسها لإحياء ذكري مذبحة دير ياسين ومنها منظمة دير ياسين في الذاكرة التي تطوع يهودي يدعي( بول ايزن) عام1994 بتأسيسها وهو من نشطاء حقوق الانسان وتضم الجمعية اعضاء من الأديان السماوية الثلاث وفضلا عن حرص المنظمة علي اقامة حفل سنوي في9 ابريل كل عام فإنها تقدم بين حين وآخر مشروعات طموحة لتذكير الرأي العام العالمي بالمحرقة التي حدثت للمدينة ومنها علي سبيل المثال اعداد لوحات فنية تصور حالة الرعب التي شملت دير ياسين عندما اقتحمتها القوات الصهيونية ومنها أيضا تصميم نصب تذكاري في بلدة جنيف بولاية نيويورك في ذكري المذبحة عام2004 والنصب عبارة عن منحوتة برونزية لشجرة الزيتون التي ترمز الي السلام واقتلاع الزيتون يرمز إلي الأرض التي ظلت علي مدي عقود مملوكة للفلسطينيين من مسلمين ومسيحيين وتشير الاغصان المتفرعة من النصب الي عذاب الفلسطينيين وسلبهم أعز ما لديهم علي مدي عقود متتالية. عن صحيفة الاهرام المصرية 10/4/2008