سعر الدولار اليوم الخميس 16 مايو 2024 بعد وصول دفعة "رأس الحكمة"    بوتين يصل قاعة الشعب الكبرى في بكين استعدادا للقاء الرئيس الصيني    طقس اليوم.. حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة 32    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    جدول ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الخميس    «حقوق الزقازيق» تعقد محاكمة صورية لقضايا القتل ( صور )    طلاب الإعدادية بشمال سيناء يؤدون امتحاني الجبر والكمبيوتر اليوم    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    مقبرة قرعونية السبب في لعنة الفندق والقصر.. أحداث الحلقة 8 من «البيت بيتي»    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 16 مايو    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    أجمل 5 هدايا في أعياد ميلاد الأطفال    فصائل عراقية تعلن استهداف مصفى حيفا النفطي بالمسيرات    استقرار أسعار العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أمريكا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    4 شهداء جراء استهداف الاحتلال منزلًا لعائلة "الحلقاوي" وسط رفح الفلسطينية    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    ارتفاع حصيلة العدوان على مدينة طولكرم بالضفة الغربية إلى 3 شهداء    فوائد تعلم القراءة السريعة    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 16 مايو 2024    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"التمنّن " المصري الرسمي على الفلسطينيين / الدكتور عبد الستار قاسم
نشر في محيط يوم 29 - 01 - 2010

"التمنّن " المصري الرسمي على الفلسطينيين


*الدكتورعبد الستار قاسم

عبد الستار قاسم
لا يتوقف مسئولون مصريون كبار ، وبعض الإعلاميين والموالين للنظام السياسي المصري عن التمنن على الفلسطينيين بالتضحيات التي قدمها الشعب المصري العظيم من أجل فلسطين والفلسطينيين، ودائما يذكّرون الجميع بالحروب التي خاضتها مصر من أجل فلسطين، وبحجم الخسائر التي لحقت بمصر جراء ذلك.

ويقولون أحيانا إن مصر كانت تضحي والعديد من الدول العربية كانت تتفرج ولا تقدم ما يتوجب عليها تجاه قضية العرب الأولى. ويأتي هذا التذكير عادة ليبرر المسئولون المصريون ومن والاهم السياسات التي تتخذها مصر منذ عام 1977، والتي تمخضت عن اتفاقية كامب ديفد وبناء الجدار الفولاذي على الخطوط الاستعمارية بين غزة وسيناء.

وكأن هؤلاء يريدون زجر الأصوات العربية المنتقدة، والقول بأنه لا يجوز لمن لم يقدم تضحيات مماثلة أن يتفوه بعبارات النقد.

ويبدو أن هؤلاء المسئولين المصريين لم ينتبهوا إلى قول الله سبحانه وتعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى"؛ وقول الرسول عليه السلام: "لا يدخل الجنة منان." إنهم يكثرون من التمنن إلى درجة أنهم يؤثرون سلبا على الوعي العربي بقدسية تضحيات شعب مصر، وبكبرياء الدماء المصرية العربية التي نزفت من أجل قضايا عربية متعددة.

ما بين الشعب والنظام

لا أحد ينكر تضحيات الشعب المصري العربي الأبي الجسام من أجل الأمة العربية وقضاياها المختلفة، ولا يتنكر أحد للعبء الكبير الذي حمله الشعب المصري على الرغم من الإمكانات الاقتصادية والمادية المحدودة جدا، ولا أحد يقول إن الشعب المصري كان خلف الشعوب العربية، أو تلكأ يوما عن تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقومية والدينية.

شعب مصر شعب عظيم، وهو الذي ينجب العظماء في مختلف الميادين، وهو السباق دائما إلى رفع اللواء وتقديم الغالي والنفيس. لقد قدم هذا الشعب تضحيات كبيرة في حروب متعددة ضد الاستعمار الإنجليزي، وضد الاستعمار الفرنسي، وضد الاستعمار الطلياني، وضد الاحتلال الصهيوني. وهو الشعب الذي حمل لواء الوحدة العربية، ودافع عن الثروات العربية، وعمل دائما على طرد الاستعمار من مختلف مناطق الوطن العربي.

لكن أيضا يجب ألا ننكر تضحيات شعوب عربية أخرى، واستعداد هذه الشعوب الدائم لتقديم التضحيات.

ولهذا النقد لا يتم توجيهه للشعب المصري، وإنما للنظام المصري الذي استخدم التضحيات لصناعة التبريرات. في الوطن العربي، علينا التمييز بين الأنظمة والشعوب لأن الأنظمة تفرض نفسها فرضا، وتستعمل مختلف أنواع القمع والتنكيل من أجل تصعير الشعوب وتصغيرها وإبعادها عن قضايا الأمة.

الأنظمة لا تمثل الشعوب، وهي جميعها تمارس سياسة الاستزلام (أي تربية بعض الناس من أجل أن يكونوا المدافعين عن النظام) وشراء الذمم، وتستخدم ثروات الشعوب من أجل استمرارها في الحكم. ولهذا من المتوقع أن نجد دائما من يدافع عن هذه الأنظمة دفاع المستميت، ليس حبا لها، وإنما حبا للمصالح الذاتية التي يتم جنيها.

كشف الحساب

ما دام النظام المصري يمن باستمرار على الفلسطينيين، أقدم له وأمام الشعب المصري وكافة الشعوب العربية كشف حساب حول المحطات الرئيسية في الصراع ضد الصهاينة، وهنا أجد نفسي أمام البوح بالمستور، وذلك لإجلاء الأمر:

حرب عام 1948: لقد أبلى الجيش المصري بلاء حسنا في القتال ضد الصهاينة عام 1948، واستولى على عدد من التجمعات السكانية اليهودية، وعلى بعض الطرق الرئيسية في جنوب فلسطين، وبعض تقاطع الطرق، ووصل إلى مدينة بيت لحم.

من الذي أفشل هذا الإنجاز؟ هو النظام المصري بقيادة الملك فاروق، والذي زود الجيش المصري بأسلحة فاسدة أدت إلى هزيمته في النهاية. لا الشعب الفلسطيني ولا الشعب المصري كانا سببا في الهزيمة، وإنما النظام المصري هو الذي زود الجيش بأسلحة تقتل حاملها دون عدوها.

عقب الحرب، أعلن المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في غزة بتاريخ 1/10/1948 قيام حكومة عموم فلسطين، وتم تشكيل أول وزارة فلسطينية للدولة الفلسطينية برئاسة أحمد حلمي عبد الباقي.


لقد أعلن الفلسطينيون دولتهم، وأقاموا حكومتهم، وهذا ما تغفله مختلف وسائل الإعلام العربية والفلسطينية لأغراض في نفس يعقوب. قام النظام المصري باستدعاء الحاج أمين الحسيني إلى القاهرة، وحجزه، ثم أرسل بقوات مصرية إلى غزة بمهمة اعتقال رئيس الوزراء والوزراء. وبهذا قوض النظام المصري الدولة الفلسطينية الوليدة التي لم تدم أسبوعا.

حرب 1956: لم تكن حرب 1956 بسبب فلسطين، وإنما بسبب العدوان الثلاثي الذي ترتب على تأميم القناة. هذا علما أن كل الشعوب العربية وقفت مع مصر في حينه على اعتبار أن مصر ومياهها وأجواءها عربية خالصة، وليس من حق الاستعمار البقاء أو الاستملاك، ولو كانت الفرص متاحة أمام هذه الشعوب لما توانت عن نجدة مصر بكافة الوسائل والأساليب. وقد عاشت تلك الشعوب نشوة النصر لأن القناة قد تأممت، ولم يعد لبريطانيا وفرنسا نصيب من مياهها.

لكن النظام المصري وافق على شروط إسرائيلية مقابل الانسحاب الإسرائيلي من سيناء وهي فتح خليج العقبة أمام الملاحة الإسرائيلية والذي هو مياه مصرية وسعودية خالصة، ووقف العمليات الفدائية من قطاع غزة، وتعديل الحدود الخاصة بالمنطقة المحايدة، والقبول بانتشار قوات الأمم المتحدة على الجانب المصري من الحدود فقط.

طبعا لا أريد أن أحمل الأمور أكثر من طاقتها في ذكر هذه الحقائق حيث أن مصر كانت ضعيفة عسكريا إلى حد كبير، ولم تكن قادرة على تحمل أعباء الصدام المستمر مع (إسرائيل). لكن الحقيقة لا بد أن تُقال لكي يحصل الوضوح.

حرب 1967: لم يكن أي نظام عربي بمن فيهم نظام الرئيس جمال عبد الناصر مستعدا عام 1967 لخوض حرب ضد (إسرائيل).

كانت تعيش البلدان العربية في تلك الفترة أجواء مزايدات وشتائم وسباب متبادل، وكان كل نظام يحاول إظهار نفسه على أنه المدافع الأول عن حقوق شعب فلسطين. وقد أدت هذه المزايدات في النهاية إلى خوض حرب عشوائية ارتجالية رعناء دفع ثمنها الجندي العربي المصري والسوري والأردني والفلسطيني. وكانت النتائج وخيمة وما زال العرب جميعا يدفعون ثمنها.

حشدت الأنظمة العربية بمن فيها النظام المصري جيوشا للاستعراض وليس للحرب، ودون أن تكون تلك الجيوش مدربة أو منظمة أو صاحبة عقيدة قتالية حقيقية تقوم على الوعي ووضوح الهدف. ولا نستطيع القول إن تلك الأنظمة العربية قد خاضت حربا دفاعا عن الفلسطينيين أو لاستعادة الحقوق الفلسطينية، وإنما قدمت جيوشها قرابين، عن علم أو غير علم، كجزء من الصراعات العربية الداخلية، وربما لو كانت تعرف تلك الأنظمة نوايا إسرائيل الحقيقية لاختارت ساحة أخرى للمزايدات فيما بينها غير حشد الجيوش على خطوط وقف إطلاق النار مع إسرائيل.

النظام المصري، ومعه أنظمة عربية أخرى ورطت كل الأمة العربية في تلك الحرب، وما زالت الأجيال العربية تدفع الثمن الباهظ.

حرب 1973: لم تنشب حرب 1973 من أجل استعادة فلسطين أو إعادة الفلسطينيين إلى ديارهم، وإنما من أجل إزالة آثار العدوان، أي استعادة الأراضي التي فقدتها سوريا ومصر عام 1967. طبعا إزالة آثار العدوان عبارة عن هدف نبيل، وقد التفت كل الأمة العربية حوله، ولا شك أن تحرير الأرض يتطلب التضحيات.

لكن من المفروض أن يكون واضحا لدينا أن الأنظمة العربية لم تخض الحرب من أجل تحرير التراب الفلسطيني، وإنما من أجل تحرير الترابين السوري والمصري، علما أنني كشخص لا أميز بين هذا التراب وذاك، وأعتبر كل الأرض العربية أرضا مقدسة. وعلى الرغم من ذلك، لم تنجح الجيوش العربية في تحقيق هدف الحرب.

المهم أن مصر كان من الممكن أن تحصل على ما حصلت عليه في سيناء بدون حرب. عرضت (إسرائيل) مرارا على مصر الصلح وإعادة سيناء إلى الحكم المدني المصري، لكن النظام المصري لم يكن يقبل، وكان يردد دائما أنه يعمل على تحرير سيناء. لكن قبل النظام المصري في النهاية الحكم الذاتي المصري في سيناء، وقبل مختلف الترتيبات الأمنية التي تجرد مصر من السيادة على سيناء. فلماذا خاض النظام الحرب وضحى بشباب مصر إذا كانت المحصلة هي القبول بالشروط الإسرائيلية المطروحة قبل الحرب؟

واضح من النتائج التي انتهت إليها مصر أن النظام المصري كان يبحث عن مبررات للسير في طريق الاعتراف ب (إسرائيل) والتخلي عن السيادة المصرية على سيناء، وكانت الدماء المصرية هي المطية.

لم يرحم النظام شعب مصر، ولم يحترم دماء شباب مصر، واستعمل الآلام والأحزان المصرية من أجل الصلح مع إسرائيل. فهل نستطيع أن نحمل الشعب الفلسطيني أو القضية الفلسطينية مسؤولية الدماء التي نزفت، أو سوء تخطيط النظام المصري؟ أو ربما سوء نوايا النظام؟

غزة

يكفي النظام المصري ما يصنعه الآن ضد غزة حتى يمحو أي حسنات قد قام بها في السابق، أو صدقات قد قدمها لشعب فلسطين. والنظام لا يشارك بقوة في حصار غزة فحسب وإنما يعمل باستمرار على تشويه صورة الناس في غزة والمسئولين عن إدارة القطاع.

إنه يصور الناس في غزة بأنهم معتدون آثمون ينتهكون سيادة مصر ويهددون أمنها. إنه يقلب الحقائق تماما، وكأنه صاحب سيادة على سيناء أو صاحب قرار.

النظام المصري الآن ينفذ ما يمليه عليه الإسرائيليون والأميركيون، ويغطي ذلك باتهام سكان غزة، ويحاول جاهدا من خلال هذه التغطية إثارة الكراهية والبغضاء بين الفلسطينيين والمصريين. هل من عاقل يظن أن أهل غزة يجتازون كل العوائق العسكرية والأمنية التي يقيمها الأميركيون في سيناء ويحتلون السويس أو الإسماعيلية؟

الفلسطينيون يدفعون الثمن

هناك لبنانيون يتحدثون بصوت عال قائلين إن لبنان يتحمل أعباء القضية الفلسطينية، وهناك أردنيون يتحدثون بذات اللهجة. وقد بدأنا نسمع أصواتا عراقية تعلو بذات الاتجاه، وحتى بعض أصوات المعارضة الإيرانية آخذة بالارتفاع.

لا يوجد فلسطيني ينكر للشعوب تضحياتها، لكن الأحزان والآلام التي لحقت بالشعوب لم يكن الفلسطينيون السبب فيها. إسرائيل ومن أقامها هم السبب الحقيقي في معاناة الفلسطينيين وكل الشعوب العربية والإسلامية. لولا إسرائيل، ولولا الدعم الغربي لإقامة إسرائيل ودعمها، ولولا تآمر أنظمة عربية أقامها الاستعمار وحماها ومولها لما عانى أحد في المنطقة من شيء اسمه القضية الفلسطينية.

أنظمة عربية عديدة شريكة في دعم (إسرائيل)، ولولا إصرار هذه الأنظمة على التجزئة العربية، لما وصل حال الأمة إلى مثل هذا التمنن. الفلسطيني الآن ملاحق في أغلب الدول العربية، وهو متهم من قبل أغلب الأنظمة العربية، وأجهزة المخابرات تحتفظ بملفات حول أغلب الفلسطينيين بتهمة الوقوف مع الحق الفلسطيني أو مع المقاومة.

الأنظمة العربية هي عنوان الفشل، والشعب الفلسطيني هو عنوان الملاحقة. أما الإسرائيلي فمحترم في دول عربية عدة، ولا تحتفظ المخابرات العربية بملفات للجرائم التي ارتكبها ضد العرب.

الخلل في الوضع العربي

ما يتمنن به المسئولون المصريون على الفلسطينيين يعبر عن خلل عربي عام. الوضع العربي بقيادة هذه الأنظمة العربية يعاني من التردي والتدهور والتخلف على مختلف المستويات، والتنابز بما قدمه الواحد للآخر عبارة عن انعكاس لمستوى أخلاقي منهار يأخذ معه ما تبقى لهذه الأمة من ماء وجه.

لا يصل نظام عربي إلى مثل هذا التمنن إلا وقد وصل معه حال الأمة إلى مستويات سحيقة من التدني الذاتي، ومن التآكل والاضمحلال.

ولهذا أمام مفكري هذه الأمة ومثقفيها ومقاوميها أن ينهضوا ويعملوا معا من أجل تغيير دوران عجلة التاريخ. المسؤولية تقع الآن على الناس وليس على مسئوليهم لأن المسئولين يثبتون كل يوم خيبتهم وفشلهم، بل وتآمرهم مع أعداء الأمة نحو ما يجلب للأمة المزيد من العار والهزائم.

وأمام الشعوب العربية أن تقف معا في مواجهة هذا التمزق الذي لا يأتي عليها إلا بالويلات، وأمام الشعب الفلسطيني أن يثق بأمته العربية والإسلامية، وأن يعي أن وهنها طارئ لا بد أن ينكفئ يوما أمام عنفوانها.


* كاتب وأكاديمي فلسطيني
صحيفة "فلسطين الآن "
29/1/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.