أسرار النمو والنضارة.. كل ما تحتاجه لمعرفة احتياجات نباتاتك من الضوء والماء    مدير المتحف الزراعي بالدقي: أكثر من 200 عارض بمعرض الزهور في نسخته ال91    إليك الرابط.. كيف تفتح حسابا بنكيا من الهاتف المحمول وأنت في منزلك؟    قمة السبع تقرض أوكرانيا 50 مليار دولار باستخدام فوائد الأصول الروسية المجمدة    في الجول يكشف قائمة الأهلي لمواجهة فاركو    ذروة الموجة الحارة تسجل 48 درجة مئوية.. هل تستمر حتى عيد الأضحى 2024؟    محمد حفظي يهنئ المخرج طارق العريان على عرض فيلم "ولاد رزق 3: القاضية"    في هذا الموعد.. فيلم الصف الأخير لأول مرة على قناة ART    أعمال يوم التروية للحجاج.. الإفتاء توضح شعائر أولى محطات مناسك الحج    افتتاح معمل تحاليل بمستشفى القلب والصدر الجامعي في المنيا    طريقة عمل المكرونة بالصلصة، أسرع أكلة وعلى أد الإيد    وزير البترول يكشف تأمين الأرصدة وإمدادات المنتجات خلال إجازة عيد الأضحى    محافظ الجيزة يستقبل وفود الكنائس بالمحافظة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك    محافظ شمال سيناء يعتمد الخطة التنفيذية للسكان والتنمية    بزيارة لمتحف المركبات الملكية.. أتوبيس الفن الجميل يواصل جولاته وأنشطته التثقيفية    رئيس هيئة الدواء: دستور الأدوية الأمريكي يحدد معايير الرقابة ويضمن سلامة المرضى    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    "العدل الأوروبية" تغرّم المجر بسبب سياسات اللجوء    قبل اجتماع مجلس البلطيق.. ألمانيا تتوعد بالرد على استفزازات روسيا    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    "تموين الدقهلية": ضبط 124 مخالفة في حملات على المخابز والأسواق    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    انتشال جثة شاب لقى مصرعه غرقا بعد إنقاذه 3 أطفال من الموت فى ترعة بالشرقية    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    مدة غياب وسام أبو علي عن الأهلي بعد الإصابة الأخيرة    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    منسق حياة كريمة: مبادرة «تقدر في 10 أيام» استطاعت توفير الدعم للطلاب    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال حجاجنا    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    الحماية المدنية تنقذ طفلا عالقا خارج سور مدرسة في الوادي الجديد    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    ميدو يكشف تفاصيل رحيل الشناوي عن الأهلي قبل الموسم الجديد    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات الخميس    قيادي ب«مستقبل وطن»: جهود مصرية لا تتوقف لسرعة وقف الحرب بقطاع غزة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    على خطى كرة القدم.. ريال مدريد بطلا لدوري السلة    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رهان السادات‏..‏ ورهان هيكل
نشر في محيط يوم 03 - 02 - 2008


رهان السادات‏..‏ ورهان هيكل
حازم عبدالرحمن
كنا مجموعة من الصحفيين العرب في مهمة بالاتحاد السوفيتي بين شهري سبتمبر وديسمبر‏1989,‏ تلك الأيام المجيدة في حياة الشعوب السوفيتية وشعوب شرق أوروبا‏,‏ وكان المدهش أن الغالبية العظمي من الزملاء العرب يعارضون موجات المد العاتي بين هذه الشعوب للانعتاق من أسر وقبضة الدولة السوفيتية الخانقة‏,‏ وأذكر أن المحاضرين كانوا يتوجهون لنا بسؤال‏:‏ لماذا تعتبرون تحررنا وتمتعنا بنفس مستوي الحريات السياسية التي يتمتع بها أقراننا في الولايات المتحدة وغرب أوروبا ضد مصالحكم؟‏..‏ لماذا يجب أن نخضع في روسيا وشرق أوروبا لنظم حكم مستبدة وظالمة لكي نظل أصدقاء لكم؟
‏(1)‏
صدمتني بشدة‏,‏ الطريقة التي تعامل بها الأستاذ هيكل‏,‏ في مقالته رقم‏5‏ مع أحداث شرق أوروبا‏,‏ فقد أعتبر أن الثورة الشعبية المجرية التي قادها رئيس الوزراء والزعيم الشيوعي إيمري ناجي عام‏1956‏ ضد الحكم السوفيتي لبلاده‏,‏ هي نوع من الأساليب الساخنة التي استخدمتها الولايات المتحدة‏,‏ لكي تنقل المواجهة مع موسكو إلي قلب معسكرها‏,‏ ثم يضيف إن السوفيت تعلموا درس المجر مجرد التحريض والاثارة‏,‏ ثم تعلموا درس تشيكوسلوفاكيا‏1968‏ الإثارة بقيادة قوة سياسية محلية هي الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي تحت قيادة أليكساندردوبتشيك ثم يتحدث عما كان يجري في بولندا فيقول انه‏(‏ آخر تجاربهم‏)‏ والهم هي الأمريكيون ويتطرق إلي أن لديه وثيقة تكشف حصول الزعيم العمالي الشاب ليخ فاونسا علي‏12‏ مليون دولار لمصلحة نقابة تضامن الوليدة محولة إليه بأمر الفاتيكان البابا بولندي وهو يوحنا بولس الثاني عبر بنك إيطالي‏.‏
هكذا يتعامل الاستاذ هيكل باستخفاف مع تحولات سياسية غيرت خريطة العالم وإلي الأبد وتلقي علي دروسه عن التاريخ وتطوراته بظلال كثيفة من الشك حول مدي عمق اهتمام الاستاذ أو احترامه لحركات الشعوب‏,‏ وتحركات التاريخ‏,‏ فوفقا لتصوراته عام‏1982‏ لا يعدو كل ما جري ويجري أمامه في شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي إلا مجرد عمليات سرية لوكالة المخابرات المركزية لنقل المواجهة بين القطبين إلي داخل القلب السوفيتي‏.‏
لقد رأي الاستاذ الدبابات السوفيتية في شوارع بودابست‏56‏ وفي براج‏68‏ ولكنه لم ير أو يشغل باله برؤية الشعب الذي أنتج التحرك المؤدي إلي خروج هذه الدبابات إلي الشوارع‏..‏ أيضا لم يلحظ الاستاذ‏,‏ أن السوفيت أدركوا أن الدبابات لم تعد تصلح في وارسو‏83‏ وفضلوا أن يقتنعوا بوجهة نظر الجنرال ياروزيلسكي بأن يصبح حاكما عسكريا عاما لبولندا ويعلن حالة الطوارئ رغم علمهم بأنه في هذه المرة لن تسلم الجرة‏.‏
وأريد فقط أن أوجه للأستاذ سؤالا واحدا‏:‏ كيف سترد علينا شعوب شرق أوروبا والاتحاد السوفيتي إذا قلنا لهم إن صراعهم التاريخي من أجل الحرية والانعتاق من الاستبداد السوفيتي هو مجرد عملية من تدبير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أو أي جهاز مخابرات آخر؟‏.‏
‏(2)‏
يبدو أن الاستاذ‏,‏ دلنا من حيث لم يكن يقصد‏,‏ علي الطريقة التي وقعت بها نكسة‏67,‏ وهي‏,‏ علي حد قوله‏,‏ في هذه المجموعة من المقالات‏,‏ مجرد معركة‏,‏ فقد ظل يتصور أن قواتنا سوف تنتصر‏,‏ وأنها ستحقق الهدف المطلوب منها‏,‏ بالرغم من أنه يملك تحت يديه كل المعلومات التي تبين له أن مثل هذا النصر لا يمكن أن يكون أبدا‏,‏ فالاستاذ‏,‏ بكل علمه واتصالاته‏,‏ لم يستطع أن يري‏,‏ أن الكتلة السوفيتية والعالم كله معها‏,‏ مقبلة علي أحداث تاريخية بكل معني الكلمة‏,‏ ورأي أن كل المؤشرات التي أمامه‏,‏ هي مجرد محاولات‏,‏ ومناورات سرية‏,‏ تتوقف بمجرد خروج دبابة من مكمنها‏,‏ فتضع الأمور في نصابها الصحيح؟‏!‏
وفي حالة الاستاذ علي الأخص‏,‏ كانت هذه الرؤية مهمة‏,‏ فاختفاء الاتحاد السوفيتي من الوجود‏,‏ يعني اختفاء الطرف الذي يعتمد عليه عرب الصمود والتصدي‏,‏ وأنصار القومية العربية‏,‏ وأنصار الحرب ضد إسرائيل لآخر مواطن مصري‏.‏ وبالرغم من الأهمية الفائقة لهذا الاحتمال‏,‏ فإنه آثر ألا يراه‏,‏ وأن يري فقط ما يخدم أهدافه المباشرة‏,‏ وهي أنه إذا كانت الأعمال الصغيرة للولايات المتحدة في المجر وتشيكوسلوفاكيا وبولندا لم ولن تنجح‏,‏ فإنها نجحت في مصر‏,‏ لماذا؟ لأن الرئيس الراحل أنور السادات رفض أن يستنير‏,‏ ويستضيء‏,‏ ويهتدي بعلم ومعرفة ومعلومات الأستاذ هيكل‏,‏ في حين أنه أستجاب لإغراءات الأمريكيين والإسرائيليين ووقع في الفخ‏,‏ وبالطبع فإنه يجب أن يدفع الثمن‏,‏ وسوف يدفعه علي صفحات التاريخ‏,‏ خاصة إذا كان هذا التاريخ من تأليف الاستاذ‏.‏
المذهل في القصة‏,‏ أن صواعق التاريخ ونيرانه‏,‏ أنصفت الرئيس السادات وهو في قبره‏,‏ في حين أن الاستاذ وجد نفسه في الجانب الخاطئ من الرهان التاريخي‏.‏ مشهد واحد فقط‏,‏ أتمني للاستاذ أن يستعيده من الذاكرة‏,‏ أو من شرائط الفيديو‏,‏ أو من الوثائق الضخمة والهائلة‏,‏ الموجودة لديه‏,‏ مشهد اجتياح الآلاف لسور برلين‏.‏
أسأل الأستاذ سؤالا واحدا‏:‏ هل تلك الأيام العاصفة والتاريخية بحق من شهر نوفمبر‏1989‏ وما بعدها‏,‏ يستطيع أن يصنعها أي جهاز مخابرات في العالم‏..‏ هل يمكن أن يصنعها أحد إلا الشعوب الراغبة في التحرر والانعتاق؟ وكيف لم ترها؟ وكيف حال رهانك الآن علي الاتحاد السوفيتي وحلف وارسو في مقابل رهان السادات؟
‏(3)‏
يقول الاستاذ‏:‏ إن الذي كسر أو هزم حركة القومية العربية الظافرة هو السادات عن طريق توقيع اتفاق كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية‏,‏ فهل هذا الكلام صحيح؟
إذن فمؤدي هذا الكلام‏,‏ أن كارثة يونيو‏1967‏ لم تكن هي الضربة القاضية التي أجهزت علي هذه القومية العربية‏:‏ بعد أن أصيبت في مقتل بانقلاب حزب البعث السوري علي دولة الوحدة مع مصر في‏28‏ سبتمبر‏1961,‏ والواقع والحقيقة التي يعرفها أي قارئ لتاريخ المنطقة أن يونيو‏67‏ لم يكن مجرد هزيمة في معركة بل هو النهاية الفعلية لعهد جمال عبدالناصر‏.‏ وإذا كان الرئيس عبدالناصر‏,‏ قد ظل علي قيد الحياة حتي‏28‏ سبتمبر‏1970,‏ فإن الواقع الفعلي أنه مات في ذلك اليوم الأغبر من يونيو‏67.‏
وهكذا فإن تحولا تاريخيا ضخما من نوع قرار السادات بزيارة القدس‏,‏ لايري فيه الاستاذ إلا أنه مجرد غواية أو فخ أو لعبة ذكاء‏..‏ لم يحاول الاستاذ أن يمد بصره إلي الأمام ليري إن كان السادات في حركته هذه يعبر عن قوي اجتماعية‏,‏ ليس فقط في مصر ولكن علي امتداد المنطقة العربية تريد أن تنعتق من أسر رؤية بالية وعتيقة وغير مناسبة لاوضاع العالم المتجددة لادارة الصراع مع إسرائيل وأنه يقدم بدلا من ذلك رؤية جديدة لكيفية إدارة هذا الصراع‏..‏ وقد يكفي السادات أن كل العرب الذين اتهموه بالخيانة والغدر يحاولون الآن السير في طريقه ولكن يبدو أن الفرصة ضاعت‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
3/2/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.