حقوق الفلسطينيين داخل إسرائيل حمادة فراعنة منطق قوي مشاكس يتمسك به المحاور الإسرائيلي في مواجهة منطق ضعيف مهزوز يعلنه المحاور الفلسطيني، حينما يقول الأول إن فلسطين للفلسطينيين واسرائيل للاسرائيليين. منطق الإسرائيليين يعني أن اسرائيل يجب أن تكون خالية من العرب الفلسطينيين الذين بقوا في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، وعليهم أن يرحلوا الى مناطق الاحتلال الثابتة عام 1967، مثلما سيرحل المستوطنون ومستوطناتهم من مناطق الاحتلال الثانية عام 1967 الى مناطق الاحتلال الأولى عام 1948، كما حصل في قطاع غزة حيث تمت ازالة المستوطنات وترحيل المستوطنين، على قاعدة التسوية ان فلسطين ستبقى وطناً للفلسطينيين وستكون اسرائيل وطناً للاسرائيليين. المنطق الاسرائيلي في هذا المجال وفي هذا الاتجاه قوي يحمل الكثير من الوجاهة والوضوح والهجومية، بينما المنطق الفلسطيني وخاصة لدى بعض أعضاء الكنيست العرب دفاعي ضعيف مهزوز، فكيف يمكن تغيير الصورة والمنطق والاجتهاد بدون امتلاك الحجة لأن العداء والخصومة السياسية والوطنية والقومية بين الفلسطينيين والاسرائيليين ونتائجها تقوم وستقوم على الوقائع والأرقام وليس على أساس العواطف والأوهام. ثمة حقيقة قائمة في اسرائيل تتمثل بوجود مليون وثلاثمائة ألف عربي فلسطيني يقيمون على أرضهم ووطنهم وممتلكاتهم في الجليل والمثلث والنقب إضافة الى بعض المدن المختلطة مثل عكا وحيفا ويافا، وهم يشكلون خمس السكان الاسرائيليين وبات عمرهم في اسرائيل حوالي ستين عاماً وبالتالي فهم يتمتعون بالمواطنة الاسرائيلية وإن كانوا يواجهون ويعانون من التمييز الوطني والديني والقومي والاجتماعي والاقتصادي في اسرائيل. غلاة اليمين الاسرائيلي بمن فيهم وزيرة الخارجية الاسرائيلية يقولون إن فلسطين هي وطن الفلسطينيين وطالما أن هؤلاء يتمسكون بعروبتهم وبفلسطينيتهم فعليهم أن يتخلوا عن مواطنتهم الاسرائيلية ويتحلوا بالمواطنة الفلسطينية، وبالتالي عليهم أن يرحلوا عن اسرائيل الى فلسطين!! فما هو رد الفلسطينيين سواء من قادة الوسط العربي الفلسطيني في اسرائيل من نواب الكنيست أو قادة الأحزاب ورجال الفكر والثقافة؟؟ كيف يكون ردهم على الطرح الاسرائيلي العنصري في مضمونه والمنطقي في شكله!! أولاً: يجب عدم اخفاء أو تمييع هوية العرب الفلسطينيين في اسرائيل على أنهم جزء من الشعب العربي الفلسطيني وينطبق عليهم حق تقرير المصير في أن يكونوا مواطنين اسرائيليين في دولة اسرائيل وأن مواطنتهم الاسرائيلية لا تلغي هويتهم الفلسطينية وقوميتهم العربية ودياناتهم الاسلامية والمسيحية والدرزية. وثانياً: إذا اختار هؤلاء المواطنة الفلسطينية، أو اذا رغبت اسرائيل أن لا يكونوا مواطنين في دولة اسرائيل، فعليهم أن يرحلوا هم وأرضهم وممتلكاتهم ليكونوا هم وأرضهم وممتلكاتهم جزءاً من الدولة الفلسطينية، أي أن يكون المثلث والنقب والجليل جزءاً من الدولة الفلسطينية المنشودة. ثالثاً: لقد ساهم الفلسطينيون العرب في اسرائيل في بناء الدولة الاسرائيلية ونموها وتطورها من خلال مواطنتهم فيها منذ عام 1948 حتى نهاية عام 2007، ولذلك فهم شركاء في اقتصادها وانتاجها القومي، ولم يكونوا شركاء في حروبها وحملاتها العدوانية ضد العرب، وبالتالي فقد تحملوا نتاج العدوانية الاسرائيلية من جيوبهم وعرق جبينهم وبعضهم قتل مثله في ذلك مثل باقي الاسرائيليين في الحروب والمعارك ولا ذنب له في أي من هذه المعارك كما حصل في عدوان تموز 2006 على لبنان حيث تعرضت المدن والقرى العربية لصواريح حزب الله وسقط ضحايا منهم أسوة بباقي الاسرائيليين في حيفا والناصرة وغيرهما من المدن والقرى العربية في اسرائيل. الفلسطينيون العرب في اسرائيل شركاء في قوة اسرائيل الاقتصادية وشركاء في حصيلة ثرائها، فالأرض أرضهم وخيراتها من عرق سواعدهم ولهذا فهم يملكون خمس قوة العمل والانتاج الاقتصادية لاسرائيل ولذلك لهم الحق في الانتقال من المواطنة الاسرائيلية الى المواطنة الفلسطينية مع رأسمالهم حاملين معهم ثمرة تعبهم وشراكتهم بما يوازي 20% من رصيد اسرائيل النقدي والمالي والاقتصادي. الفلسطينيون في اسرائيل ليسوا طارئين وليسوا مهاجرين، بل هم كانوا في مناطق الاحتلال الأولى عام 1948 قبل قرار التقسيم 181 عام 1947 وقبل قيام اسرائيل في 15 أيار 1948 وهم هناك قبل مؤتمر بازل 1897 وقبل فكرة هرتسل وقبل وعد بلفور في 2/11/1917 في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، هم هناك منذ الأبد وحتى يومنا، ولهذا لا يحق لأحد التحدث عنهم باعتبار إقامتهم مؤقتة في وطنهم. صحيح أنهم لم يختاروا المواطنة الاسرائيلية بل هي التي فرضت عليهم ولذلك إذا اختاروا البقاء فلن يرحلوا عن أرضهم ووطنهم وممتلكاتهم سواء كان عنوان الدولة فلسطين أو اسرائيل، وسواء كانت مواطنتهم فلسطينية أو اسرائيلية، سيبقون كما هم عربا فلسطينيين كما هي أرواحهم وقلوبهم وايمانهم وليست كما هي الهوية التي يحملونها في جيوبهم. عن صحيفة الايام الفلسطينية 16/12/2007