في أدبيات السياسة اللبنانية مصطلح " لا غالب ولا مغلوب " والذي أستخدم كثيرا في الفترة السابقة بين فريقي الرابع عشر والثامن من آذار، بحيث لا يكون هناك هيمنة من فريق على الآخر في التشكيل الحكومي.
ويبدو أن هذا المصطلح قد انتقل إلى المشهد المصري الراهن فجاءت نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية في الأيام الفائتة بنتيجة 77.2% مؤيدون لهذه التعديلات التي جاءت على دستور 1971 وتمثل هذه النسبة ما يقارب 14 مليون مواطن مصري قالوا " نعم " و4 ملايين قالوا "لا " هم نسبة 22.2 %.
وبعد إعلان هذه النتيجة في وسائل الإعلام تبارت الأقلام ووسائل الإعلام للقول بان ثمة اختلاف بين كلا التيارين وربما على الأخص بين جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الدينية التي أيدت التعديلات الدستورية من جهة، وبين الأحزاب والقوى السياسية والحركات الشبابية التي شاركت في ثورة 25 يناير من جهة .
والمؤكد أن كلا الفريقين سعدا بهذا الإقبال غير المسبوق من المصريين وما تسمى بالكتلة الصامتة الذين تحركت أخيرا بسبب الثورة وذهبوا بحب وشغف كي يقولوا رأيهم في هذه التعديلات.
ولوحظ وجود طرح إعلامي من جانب بعض التيارات العلمانية والليبرالية يتخوف من سيطرة التيار الديني وخاصة الأخوان المسلمين على المشهد السياسي المصري ولكن هذا غير صحيح لعدة أسباب .
أولها أن الإخوان المسلمين يدركون جيدا انه وعلي الرغم من تنظيمهم الجيد وانتشار كوادرهم الشبابية في قطاعات كثيرة من المجتمع لا يمكن ان يحصدوا شعبية او مقاعد في البرلمان القادم إلا عبر التحالف مع تيارات سياسية أخرى لأنهم بمفردهم غير قادرين على إدارة هذا المشهد السياسي المصري المعقد والمتنوع.
وثاني هذه الأسباب أن الإخوان يدركون بحكم خبرتهم الطويلة في البيئة المصرية أن ثمة مخاوف تجاههم من قبل الأقباط وهذا راجع لعدة أسباب .
منها على سبيل المثال رأي الإخوان في تولي القبطي منصب رئاسة الجمهورية كذلك تخوف التيارات الليبرالية واليسارية والقومية من سيطرة فصيل يتحدث باسم الدين على سدة الحكم، وهذا خلاف فكري وسياسي ممتد علي مدي عقود طويلة.
دعوني أقول إن حالة الفوبيا من الإخوان لن تكون في صالح المجتمع المصري ولابد من وجود حوار بينهم وبين كافة القوى الوطنية المصرية على أرضية المواطنة وحب هذا الوطن؛ الذي أثبت في التصويت على التعديلات الدستورية أنه تواق للحرية.
وانه لايتخلف عن التعبير عن رأيه إذا ما أتيح له هذا كذلك شعب أنهك كثيرا واستنزف سياسيا وفكريا واقتصاديا، وبات أبناء هذا الوطن يدركون أنهم شركاء حقيقيين فيه يصنعون التجربة الديمقراطية على أيديهم ويختارون من يريدون كخادم للوطن بغض النظر عن انتماءاته السياسية أو الدينية.
علينا ان نفتح صفحة جديدة ترتكز على التواصل والتوافق على ما يصب في مصلحة الوطن، وان نحاسب من يسئ لهذا التوافق مهما كان انتمائهز
فلا الإخوان كائنات فضائية غريبة علينا كمصريين ولا القوى السياسية الاخرى ينفذون أجندات خارجية فالكل مصري معتز بحضارته وثقافته المتنوعة ذات الخصوصية المتفردة والمنفتحة على الآخرين.