بينما انا جالس مع مجموعة من أصدقائي في رفح المصرية كانت تظلنا سماء صافية رأينا من خلالها النجوم تزين تلك السجادة الزرقاء التي تسمي السماء ونظر لنا القمر متأملا حديثنا وكان حينها بدرا مكتملا
مددنا اجسادنا المتعبة من برنامج اليوم فقد زرنا اكثر من مكان واندهشنا عندما رأينا مصانع الزيتون ذلك النبات المذكور في القرآن الكريم والذي فيه من أسرار الفوائد ما يطول شرحه
بدأت اتنهد واقول : " كأنني اسبح في الفضاء والمس بيدي هذه النجوم يا اصدقائي لقد فعلنا شيئا جميلا فبعدما اغلقنا جميع هواتفنا النقالة شعرنا بهدوء رائع بعيدا عن العمل وصخب المدينة انه فعلا لمعسكر رائع
رد صديقي الاول : " اجل لقد تحسنت صحتي بتناول الطعام المنتظم في المعسكر والفسح اليومية ،لكن خطيبتي اشعر بالحنين لها أريد ان أهاتفها لكنني مللت من ارتفاع الأسعار الخاصة بتجهيزات الشقة واتمني ان اترك مصر واتجه الي السعودية او دبي او حتي الي اليونان !!
انتبه ثالثنا لتلك الجملة فتحدث بصوت هادئ يشبه صوت محمد عبد الوهاب :" يا عزيزي مصر هي هبة النيل ونحن هنا متنعمين بهذه الهبة الجميلة " فاضطحعت ونظرت له باسما مشيرا برأسي بالموافقة واستطرد حديثه " ان جوها رائع جدا واهلها طيبون وانا اعشقها ... واعشق كلمات شرين .. فقاطعته مترنما : " مشربتش من نيلها ..طب فكرت تغنيلها "
انفجرنا نحن الثلاثة من الضحك مستغربين لماذا نضحك ؟؟ ولا نعلم لماذا؟؟!!
بدء الحوار يأخذ مجري جديدا فالاول يريد ان يثبت ان مصر بها بطالة وغلاء اسعار وتدني رواتب وعشوائية عمرانية وتدني مستوي الذوق ا لعام والواسطة والمحسوبية والديكتاتورية والازدحام ..الخ الخ
اما الثاني فرد علي كل هذه السلبيات بكلمتين : " هانسيبها لمين ؟"
هنا مرت القشعريرة من بين كتفي فجلست متربعا وقلت : " واجبنا كأفراد يختلف كواجبنا كأصحاب سلطات ففي الحالة الاولي نسعي لارضاء جميع متطلبات المعيشة الكريمة اما في الحالة الثانية فنحن من نييسر لشعبنا المعيشة الكريمة"
واكمل حديثي المتفاءل الآخر :" اجل انها فلسفتك إذا لكنني اشعر بالمسئولية بسلطة او بغير سلطة " فقابلته بجملة جعلته مندهشا : " اذا أنت صانع قرار لكن هل لك من طريق تتدرج فيه لصناعة القرار؟!!"
فاصفر وجهه : " يا اخي أنت عارف ان ا لحزب الوطني مليان سلبيات وكله كوسة يعني عشان ابقي من صناع القرار لازم يكون والدي حرامي أي رجل أعمال كبير .
أو اكون من أصحاب الملايين المنهوبة من اموال الشعب الداعمين لسياسات الحزب وكمان مقدرش أرشح نفسي في الانتخابات التشريعية الا لما اكون مظبط القرية او المدينة بالتبرعات للوحدات ا لحزبية "
فقال الآخر : " ما انا قولت انها ليلة مش فايتة علي خير .. ياخونا السفر احسن حياة سياسية ايه اللي في مصر ده وجع قلب مش بناخد من الحزب ده الا الفسح والسفريات المدعمة اللي احنا فيها دلوقتي لكني تقولي المشاركة في صناعة قرار والكلام ده ... ما انتوا عارفين انها متظبطة .
لقد قام الحزب بتعديل الدستور لكي يكون علي مقاس مرشح الحزب ومناسبا لتوريث الحكم للسيد جمال مبارك ...وانتم عارفين الإخوان المسلمين عملوا ليهم مسلسل ظبط صورتهم والكل بقي يحفظ تاريخ ا لإخوان من المسلسل ...
اما الوفد فهو زي الحزب يعني كان عمل إيه زمان وباقي الأحزاب الاخري شكلية ..وفيه شوية بتوع أمريكا والعالم الغربي مدعمين عشان السياسة الدولية ..يعني إحنا كمواطنين شباب لا نملك إلا ا لبحث عن لقمة العيش "
فأجبتهم بصوت يشع الحزن منه : " لا غبار علي ما تقوله انه الواقع والانتخابات كل سنة يتم تزويرها بنسبة كبيرة بحيث يكون ثلثي المجلس حزب وطني ..إضافة إلي جهل المصريين بحقوقهم والتواطؤ الكبير من قبل الفنانين فهم يصفقون للحكومة في كل فترة .
والشباب انقسم مابين مدمن كرة قدم ومدمن أغاني وخلاعة وآخرون مدمنون الجري وراء لقمة العيش وهناك فريق آخر لجأ للانتحار ليرتاح من البطالة و العنوسة وباقي إنجازات الحزب الحاكم ..هبة ..هبة النيل ... يا اخونا ضيعتوا المنظر الجميل والهدوء الذي نستمتع به هنا "
وفي تلك اللحظة اتفقنا أن نعود إلي الاسترخاء وقام احدهم بتشغيل شريط أغنية أخري علي اللاب توب لتتغني : " بلدنا أمانة في أيدينا نعليها ما دام عايشين .."
وهنا سلمنا آذاننا للأغنية نستمتع بما فيها من خيال ومحسنات بديعية بعيدة تماما عن واقعنا الحالي وتخيلت أن القمر ينظر إلينا باكيا ومتأسفا لما وصلت إليه إحوال مصروشعبها .
وأراد القمر أن يمد لنا العون لكنه للأسف لايملك "توك توك " للوصول إلينا كما اننا لا نمتلك مركبة فضاء للصعود إليه ولاعزاء للساكتين علي هذا الحال .