رئيس هيئة المحطات النووية يهدي لوزير الكهرباء هدية رمزية من العملات التذكارية    أحمد موسى: محدش يقدر يعتدي على أمننا.. ومصر لن تفرط في أي منطقة    ارتفاع سعر الذهب اليوم بالسودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 9 مايو 2024    رسميًا.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الخميس 9 مايو 2024 بعد الانخفاض في البنوك    خبير اقتصادي: صندوق النقد الدولي يشجع الدعم المادي وليس العيني    مئات المستوطنين يقتحمون بلدة "كفل حارس" في الضفة الغربية | شاهد    «الرئاسة الفلسطينية»: نرفض الوجود الأمريكي في الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ولي العهد السعودي يبحث مع الرئيس الأوكراني مستجدات الأزمة الأوكرانية الروسية والجهود الرامية لحلها    أنشيلوتي: هذا هو أفضل فريق دربته في مسيرتي    في بيان رسمي.. الزمالك يشكر وزارتي الطيران المدني والشباب والرياضة    فينيسيوس: الجماهير لا يمكنهم تحمل المزيد من تلك السيناريوهات.. ولم يكن لدينا شك بالفوز    «جريشة» يعلق على اختيارات «الكاف» لحكام نهائي الكونفدرالية    مع قرب بداية شهر ذو القعدة.. موعد عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    موعد إجازة عيد الأضحى 2024 في السعودية: تخطيط لاستمتاع بأوقات العطلة    ارتفاع ضحايا حادث «صحراوي المنيا».. مصرع شخص وإصابة 13 آخرين    العظمى بالقاهرة 36 درجة مئوية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 9 مايو 2024    "الفجر" تنشر التقرير الطبي للطالبة "كارولين" ضحية تشويه جسدها داخل مدرسة في فيصل    سواق وعنده 4 أطفال.. شقيق أحمد ضحية حادث عصام صاصا يكشف التفاصيل    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 9 مايو: مارس التمارين الرياضية    من يرفضنا عايز يعيش في الظلام، يوسف زيدان يعلق على أزمة مؤسسة "تكوين" والأزهر    محمود قاسم ل«البوابة نيوز»: السرب حدث فني تاريخي تناول قضية هامة    ليس مرض مزمن.. سبب وفاة والدة كريم عبد العزيز    القضاء هيجيب حق أخويا.. شقيق ضحية حادث عصام صاصا يوجه رسالة مؤثرة    وزير الصحة التونسي يثمن الجهود الإفريقية لمكافحة الأمراض المعدية    محافظ الإسكندرية يكرم فريق سلة الاتحاد لفوزهم بكأس مصر    هل يعود إلى الأهلي؟... مصدر يوضح موقف محمد النني الحالي مع آرسنال    أيمن يونس: واثق في لاعبي الزمالك للتتويج بالكونفدرالية.. وزيزو "قائد الأحلام"    تعرف على موعد إرسال قائمة المنتخب الأوليمبي    رئيس جامعة القناة يشهد المؤتمر السنوي للبحوث الطلابية لكلية طب «الإسماعيلية الجديدة الأهلية»    محافظ الإسكندرية يشيد بدور الصحافة القومية في التصدي للشائعات المغرضة    وكيل الخطة والموازنة بمجلس النواب: طالبنا الحكومة بعدم فرض أي ضرائب جديدة    تحالف الأحزاب المصرية يجدد دعمه لمواقف القيادة السياسة بشأن القضية الفلسطينية    وزير الخارجية العراقي: العراق حريص على حماية وتطوير العلاقات مع الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة    ماجد عبدالفتاح: 4 دول من أمريكا الجنوبية اعترفت خلال الأسبوع الأخير بفلسطين    أخبار الحوادث اليوم: حجز السودانية بطلة فيديو تعذيب طفل بالتجمع.. والسجن 5 سنوات لنائب رئيس جهاز القاهرة الجديدة    طالب صيدلة يدهس شابا أعلى المحور في الشيخ زايد    رئيس لجنة الثقافة: الموقف المصرى من غزة متسق تماما مع الرؤية الشعبية    حسام الخولي ل«الحياة اليوم»: نتنياهو يدافع عن مصالحه الشخصية    بالصور.. «تضامن الدقهلية» تُطلق المرحلة الثانية من مبادرة «وطن بلا إعاقة»    متحدث الوزراء: المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال مستمرة حتى 20 يوليو    التحالف الوطنى يقدم خدمات بأكثر من 16 مليار جنيه خلال عامين    «زووم إفريقيا» في حلقة خاصة من قلب جامبيا على قناة CBC.. اليوم    عبد المجيد عبد الله يبدأ أولى حفلاته الثلاثة في الكويت.. الليلة    مستشهدا بواقعة على صفحة الأهلي.. إبراهيم عيسى: لم نتخلص من التسلف والتخلف الفكري    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    دعاء الليلة الأولى من ذي القعدة الآن لمن أصابه كرب.. ب5 كلمات تنتهي معاناتك    سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء في ختام الأسبوع الخميس 9 مايو 2024    استشاري مناعة يقدم نصيحة للوقاية من الأعراض الجانبية للقاح أسترازينكا|فيديو    متحدث الصحة يعلق على سحب لقاحات أسترازينيكا من جميع أنحاء العالم.. فيديو    الكشف على 1209 أشخاص في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أول أيام شهر ذي القعدة غدا.. و«الإفتاء» تحسم جدل صيامه    أيهما أفضل حج الفريضة أم رعاية الأم المريضة؟.. «الإفتاء» توضح    رئيس«كفر الشيخ» يستقبل لجنة تعيين أعضاء تدريس الإيطالية بكلية الألسن    موعد وعدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024    بالفيديو.. هل تدريج الشعر حرام؟ أمين الفتوى يكشف مفاجأة    حزب العدل: مستمرون في تجميد عضويتنا بالحركة المدنية.. ولم نحضر اجتماع اليوم    «اسمع واتكلم» لشباب الجامعات يناقش «الهوية في عصر الذكاء الاصطناعي»    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يتفقد مستشفى الصدر والحميات بالزقازيق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فنجان قهوتي
نشر في محيط يوم 21 - 05 - 2008


فنجان قهوتي

* الطاهر عبدالعزيز

نسمات الهوى منعشة عذبة تطرق بأحاسيسها أبواب الخجل ،في تلك اللحظة كنت اجلس في ذلك المقهى الذي يعمه الزجاج من ناحيته الأمامية ،فقد اعتدت الجلوس بهذا المكان و لوقت قصير لتناول قهوتي الصباحية في كل رحلاتي إلي القاهرة ، انه بالتحديد مقهى "جوفريز" بشارع جامعة الدول بالمهندسين ،أتناول قهوتي في هذا المقهى الذي وجدت فيه أحاسيس تنمو في هذا المكان الذي كانت فيه تلك الإنسانة التي تضع جسدها الممشوق على كرسي بجانب طاولة زجاجية ليست ببعيدة عني ، بيني وبين موضع جسدها الممشوق مسافة تسع لطاولة أخرى لتفصلنا ولينطلق كل منا في زورق الحياة كل باتجاه السير المعاكس ....

كان بجانبي صحيفة "Newsweek" أتصفح صفحاتها الأخيرة ،وارتشف من فنجان قهوتي واقرأ صفحات تلك الصحيفة بتمعن ،مللت الجلوس في الأماكن الأخرى فوجدت هذا المكان يفتح علي أبواب الحياة التي لم نتعلم منها إلا القليل ،فوجدت هذا المكان يرويني بشي من الانسجام والارتياح الذي اشعر به ، بعد حين طويت صفحات تلك الصحيفة وأخذت انظر من الزجاج وأتأمل في ملكوت الله وعظمته وهذه المناظر الجذابة وأولئك المارة كل منهم في حال سبيله ، لكني لا اذكر كم كاس من الماء قد ارتشفت في كل جلسة أجلسها بهذا المكان لتروي ظمأى ،وفي لمحة خاطفة لجسدها الممشوق مرت بجانب ذاكرتي لمحة باني قد شاهدت هذا الجسد من قبل أو كأني رايته في منامي ، نظرت ألي وكأنها تبحث عن هذه اللمحة الخاطفة منذ زمن بعيد ، فالأيام الجميلة دائما تكون شاردة من سنين العمر لتزول بسرعة وكأنها قد اقترفت ذنباً في حق العمر ، نهضت من على طاولتي ،وقبل النهوض من على الطاولة وانصرف لا خطي خطاي بجانب كل من كان حولي ،تصطف بابتسامات من بها على الرصيف القصير ،ألقيت عليها نظرة لأجدها تبرق لي نفس نظراتها الأولى ،ولكنها رحلت على الفور بوجهها الأبيض وقامتها الممشوقة وعيونها السوداء إلي عقلي لترسم في مخيلتي شخصية كأني اعرفها منذ زمن بعيد .....

استقليت سيارتي ولا تزال صورتها عالقة في ذهني وأمام زجاج سيارتي وكأنها رسمت أو نقشت في ذلك الزجاج ، كان لخوف ينتابني من الاصطدام بإحدى السيارات التي كانت أمامي ،لأني أرى الطريق غير واضحة المعالم بسبب أفكاري المشوشة وقلبي الشارد ، لم اعرف النوم في تلك الليلة وقد حاولت استدراج ذاكرتي لكي تخبرني أين شاهدت هذه الصورة من قبل ، ولكن يا أسفاه ...

لقد امتنعت ذاكرتي ورفضت رفضاً شديداً لهذا الطلب ، في صبيحة اليوم التالي ذهبت كعادتي إلي نفس المكان ،في هذا الصباح كانت معدتي متلهفة جداً للإفطار فتركتها لكي تجوع أكثر حتى تشبع في ذلك المكان ،لأني قد عزمت أمري بان افطر في هذا المقهى الذي يحمل وجهها ونظراتها ،جلست على تلك الطاولة الزجاجية ونظراتي لم تفارق تلك الطاولة التي كانت تجلس عليها بالأمس ولم تفارق مدخل ذلك المقهى،لا تزال تلك الطاولة التي كانت تجلس عليها خاوية من جسدها الممشوق وكأنها بلدة قد رحل سكانها عنها ،طلبت الإفطار الصباحي ،الوقت يمر ببط في انتظار موعد رؤيتي لها ، تناولت إفطاري وعينأي لم تفارق نظراتها بين تلك الطاولة وبين لقمتي ،

أسندت ظهري على ظهر ذلك الكرسي وشكرت الله على هذه النعمة ، بعد برهة قصيرة طلبت فنجان من القهوة الساخنة كعادتي ،لم تمل نظراتي من النظر إلي تلك الطاولة الخاوية من جالسها ،كنت بكل ما احمل من صدق مشاعري انتظر قدومها على أحر من الجمر ، طال الانتظار حينها لم يكن هناك رصيداً كافيا في هاتفي المحمول لإجراء مكالمة هاتفية، فقلت في نفسي دعني اذهب إلي المحل المجاور لهذا المقهى واشتري منه كرت شحن رصيد،دفعت فاتورة حساب ذلك الإفطار قبل خروجي ،ونزلت من على درج ذلك المقهى وعينأي لا تزال متشبثتان بالنظر لتلك الطاولة ،ذهبت إلي ذلك المحل المجاور ولكن للأسف وجدته مقفل ، فذهبت إلي مكان ليس ببعيد عن هذا المكن وبالفعل اشتريت المطلوب وأخذت عائداً أدراج خطواتي نحو ذلك المقهى ،رجعت إلي نفس المكان ،فوجدتها جالسة ... شي من السعادة والفرح دخل قلبي أو كأن السعادة زرعت به في تلك اللحظة وهي تنظر إلي طاولتي الخاوية من جالسها ،مررت بجانبها مرتبكاً وكأني لم أراها ،سحبت ذلك الكرسي ووضعته باتجاهها ورميت جسدي عليها ،نظراتي ترتطم بنظراتها ،فكانت هي أيضاً تتناول قهوتها الصباحية وعلى وجهها إشراقة سكون ،طلبت فنجان أخر من القهوة على غير عادتي مع كاس من الماء ،

ظليت ارتشف من ذلك الكأس بدلاً من ارتشف من ذلك الفنجان ،إن هذا الصباح يحمل معطيات جديدة في تصرفاتي على غير عادتي ... كانت نظراتها لم تفارق نظراتي ،استصغرت نفسي كثيراً لعدم قدرتي على فعل أي شي تجاهها ، هي تنظر ألي وكأنها تنتظرني منذ زمن بعيد وأنا الخوف والرهبة يُشلان حركتي ،في وجهها لمحة جمال تجذبني إليها وهي لا تزال تنظر ألي ،في تلك اللحظة هبطت علي الجرأة من السماء فقدمت لها ابتسامة رقيقة ،ولكنها للأسف لم تبتسم لي ...حينها اقشعر بدني ولمحة إصرار من عينأي في البكاء وقلب يصر على التوقف من شدة الموقف ،أدرت وجهي وتركتها تنظر ألي ،قبعت وجهي في سطح تلك الطاولة الزجاجية التي اجلس عليها ،لم أستطيع منع نفسي بين الحين والأخر من النظر إليها ،وهي لا تزال متشبثة النظر بشخصي ،،،،لم تبتسم أبداً ...

لم تشير لي بأي إشارة تدل على الارتياح .... لم يكن هناك ما يشجعني على تصفح موقع أحلامي في هذا الصباح . على حين غرة يأتي رجل قد بلغ من الكبر عتيا إلي ذلك المقهى واقترب منها ، تأملته جيداً ،،،أسنانه قد غلب عليها الدمار الشامل ، شعر رأسه يعمه البياض وكأنه مر بسنين عجاف ، كان احمر الوجه ، لم يكن هناك في وجهه الأحمر مكان إلا وقد مدت التجاعيد فيه أغصانها ،ظهره مقوس وكأنه يحمل عب الزمن على كاهنه ،وقف بجانبها ومد يده العريضة لها بعدما همس لها بكلمات لم يتسنى لي أن اسمعها ،أشار إلي النادل ودفع فاتورة الحساب ، امسك بيدها برفق ونهضت معه ، مدت يدها الناعمة تتحسس طاولتها حتى لا تصدم بها ، امسك ذلك العجوز بيدها ليقودها ، استدارت وعلقت نظراتها نحو مكان بعيد لا ترى فيه شي إلا العتمة ...كمدى نظراتها لشخصي . وطيب الله خاطركم .

** ليبيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.