المراوحة ضمن دائرة الصراعات الضيقة أنور عقل ضو استعادت الأجواء العامة في لبنان بعض هدوئها، وإن ظلت مجللة بالحذر وسط مناخ سياسي متقلب، أعقب ثلاثة أسابيع من اجتماعات اللجنة الوزارية، التي سلك بيانها طريقه الي المناقشة والاقرار في جلسة عقدها مجلس الوزراء عصرا في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، وهي الجلسة الثانية بعد تشكيل الحكومة. وثمة من يتوقع أن لا تستغرق مناقشة البيان الوزاري أكثر من جلسة نيابية واحدة، وأن لا يصار إلي تعديل مسودة البيان، مع احتمال أن تشهد الجلسة سجالات كتلك التي شهدتها جلسات اللجنة الوزارية لصوغ البيان الوزاري، لا سيما وأن الوزير نسيب لحود الذي كانت له اليوم زيارة لافتة لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، كان أعاد التأكيد علي أنه سيبدي التحفظ نفسه الذي أبداه خلال إعداد البيان، ما لم تلحظ الفقرة المتعلقة بالمقاومة عبارة "تحت كنف الدولة". في ظل هذه الاجواء، تابع رئيس الجمهورية تحضيرات الجلسة وعكف علي مراجعة البيان الوزاري وعلي ضبط الايقاع داخل الجلسة، وهو سيعمل علي تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر، بحيث يكون له الدور الاساس في طي صفحة التمايزات الموجودة والخلافات حيال موضوع المقاومة. وفور إقرار البيان ستتسلم دوائر المجلس النيابي نسخا منه وستوزع علي 127 نائبا، علي أن يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري النواب إلي جلسة مناقشة البيان بعد صلاة ظهر يوم الجمعة المقبل، علي أن تستأنف الجلسة قبل ظهر السبت وتستكمل الاثنين المقبل، علما أن رئيس المجلس يقيم ظهر غد علي شرف رئيس البرلمان الاوروبي الذي يزور بيروت في حضور نيابي كثيف للموالاة والمعارضة. وسيفتح اقرار البيان الوزاري طريق بيروت - دمشق، وفي هذا المجال، من المتوقع ان يبادر الرئيس سليمان الي الاتصال بالرئيس السوري بشار الاسد والاتفاق معه علي موعد الزيارة الرسمية الي سوريا، خصوصاً وأن الرئيس اللبناني سيحمل معه إلي دمشق كل ما يمكن أن يرد في ذهن اللبنانيين، بحيث سيكون جدول أعمال القمة اللبنانية - السورية المرتقبة حافلا من الجهة اللبنانية، بدءاً من قامة التبادل الدبلوماسي إلي تحسين العلاقات الثنائية مروراً بترسيم الحدود وضبط المعابر غير الشرعية ومنع التهريب والتسلل والرسوم الجمركية وصولاً إلي إعادة النظر في الاتفاقات المعقودة بين البلدين، فضلاً عن موضوع الامانة العامة للمجلس الاعلي اللبناني - السوري وموضوع المفقودين والمحتجزين في السجون السورية. لن تكون مهمة الرئيس سليمان سهلة في ظل عدم التوافق الداخلي، خصوصاً وأن العلاقات مع سوريا ينظر اليها كل فريق من زاوية خاصة، ما يعني أن الأمور قد تنحو صوب تأجيج الصراع حيال القضايا الخلافية الكبري، من سلاح المقاومة إلي صوغ رؤي واضحة متصلة بموضوع العلاقات الثناية بين لبنان وسوريا، فضلاً عن استمرار الوضع السياسي متأزماً دون تراشق إعلامي، مع وجود اتفاق ضمني علي إعطاء الحكومة بطاقة مرور، ذلك أن مهمتها تكاد تنحصر في التحضير للانتخابات النيابية 2009، وإنجاز أعمال روتينية متصلة بأمور حياتية دون مقاربة المسائل المرتبطة بمستقبل لبنان بانتظار أن تتبلور معطيات جديدة يوظفها كل فريق في مصلحته. وسط هذه المعطيات، يبدو حتي الآن أن القوي السياسية الموالية والمعارضة أجمعت ضمناً علي "تقطيع" الوقت، بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة التي ستكون أكثر من انتخابات برلمانية، ذلك أن كل فريق يسعي لتظهير حجم حضوره قبل اتخاذ خياراته النهائية، ما يعني أن الوضع في لبنان سيظل مضبوطاً علي ايقاع يحدده فريقا الصراع، وسيبقي عنوانه: المراوحة ضمن دائرة الصراعات الضيقة. عن صحيفة الراية القطرية 5/8/2008