اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك أمام الجنيه اليوم السبت 11-5-2024    البيت الأبيض يستبعد وصول مستوى العمليات العسكرية في رفح لمرحلة الهجوم البري    ريال مدريد يتأهب للاحتفال بلقب الليجا أمام غرناطة    «الأرصاد»: طقس السبت حار نهارا.. والعظمى بالقاهرة 30 درجة    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    إيجابية نتيجة تحليل المخدرات لمطرب المهرجانات عصام صاصا وقرار جديد ضده    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    عمرو أديب: "لعنة مصر" هي الموظفون    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    ابن امه، أصغر أنجال ترامب يرفض المشاركة كمندوب للحزب الجمهوري بعد تدخل ميلانيا    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    إصابة 10 أشخاص في تصادم ميكروباص مع سيارة نقل بالطريق الدائري (صور)    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    الحماية المدنية تسيطر على حريق جراج بأبو النمرس    بوكانان يوقع على هدفه الأول مع إنتر ميلان في شباك فروسينوني    780 جنيها انخفاضًا ب «حديد عز».. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    بكام سعر الفراخ البيضاء؟.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية السبت 11 مايو 2024    حركة القطارات | 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 11 مايو    قوات الاحتلال تقتحم بلدة عصيرة وقرية قوصين في محافظة نابلس    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    في أقل من 24 ساعة.. «حزب الله» ينفذ 7 عمليات ضد إسرائيل    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    " من دون تأخير".. فرنسا تدعو إسرائيل إلى وقف عمليتها العسكرية في رفح    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    اليوم.. نظر محاكمة 35 متهما بقضية "خلية الاتجار بالعملة"    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    تناول أدوية دون إشراف طبي النسبة الأعلى، إحصائية صادمة عن حالات استقبلها قسم سموم بنها خلال أبريل    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    لأول مرة.. المغرب يعوض سيدة ماليا بعد تضررها من لقاح فيروس كورونا    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطوائف المتناحرة وصمة عار على جبين لبنان / مسعود ضاهر
نشر في محيط يوم 10 - 07 - 2008


الطوائف المتناحرة وصمة عار على جبين لبنان
مسعود ضاهر
عندما أعلن الجنرال »غورو« ولادة دولة لبنان الكبير في الأول من أيلول ،1920أطلق عبارة ذات دلالة : »لقد وجدنا في لبنان طوائف متناحرة وسنساعدها على بناء دولة موحدة«. ومع أن فرنسا المنتدبة لم تدخر وسيلة من وسائل التفرقة الطائفية إلا واستخدمتها لضمان بقائها في لبنان،إلا أنها نجحت في تهدئة الطائفية والارتقاء بالفكر الطائفي إلى الصراع السياسي بين الكتلتين الدستورية والوطنية.
فلم يتورع زعيم الكتلة الوطنية إميل إده، وهو المتهم بالتعصب الشديد لمارونيته ولبنانيته،من دعم رئيس مجلس النواب الشيخ محمد الجسر إلى رئاسة الجمهورية في عام .1932
فسارع المفوض السامي، الجنرال بونسو، إلى تعطيل الدستور بعد استشارة البطريرك الماروني أنطون عريضة. وقبل أن تضطر فرنسا إلى الاعتراف باستقلال لبنان وسيادته عام ،1943 أوكلت رئاسة الدولة إلى الرئيس إميل إده.فلم يجد من يتعاون معه ضد قادة الوطنيين من قادة الاستقلال الذين أودعوا في سجن راشيا.
آنذاك، بدت النزعة الطائفية في أدنى مستوياتها. فتوهم اللبنانيون أن أبطال الاستقلال سيحققون حلم الدولة الوطنية. وسمعوا التصريحات اليومية التي تؤكد على نبذ الخلافات الطائفية، والمذهبية، والانعزال، ورفض الاصطفاف وراء المحاور الإقليمية.
تضمن البيان الوزاري الأول إشارة صريحة تؤكد على أن »الطائفية وصمة عار على جبين لبنان واللبنانيين«، وان زوالها سيكون ساعة مباركة على طريق بناء دولة عصرية في لبنان تتضمن العيش المشترك والمواطنة التامة.
كانت الظروف الداخلية والإقليمية والدولية ملائمة لاستكمال معركة ناجحة ضد قوى التشنج الطائفي الذي يستدرج تدخلا خارجيا. وقد دعمت بعض الدول العربية قادة الحركة السياسية الناشطة في لبنان لتجاوز الانقسامات الطائفية،وإقامة جبهة سياسية موحدة تحقق أماني اللبنانيين بالاستقلال التام والجلاء. وبرز تبدل ملحوظ في مواقف التيارين الموالي لفرنسا والعروبي الوحدوي المتشدد في آن واحد. والتف الجميع حول شعار الوحدة الوطنية والدولة اللبنانية المستقلة عن الشرق والغرب.
لكن أبطال الاستقلال سرعان ما تبنوا صيغة طائفية بامتياز. فبرز تحالف معلن بين قيادات طائفية على حساب قادة من طوائف أخرى. وقادت الممارسة العملية إلى نظام رئاسي كان للقطب الأول فيه دور الحاكم والحكم بسبب الصلاحيات الواسعة التي منحه إياها الدستور.
فارتفع شعار »المشاركة« من مواقع طائفية لتقليص صلاحيات الرئيس ومنح صلاحيات أوسع لزعماء الطوائف الأخرى. وشهد لبنان سلسلة من الأزمات الداخلية والإقليمية خلال سنوات ،1952 و،1958 وحربا مدمرة ما بين 1975 .1989
فتوقفت بموجب اتفاق الطائف دون أن يصار إلى معالجة أسبابها العميقة لمنع تجددها. وحين استعادت الدولة اللبنانية بعض مظاهر التوحيد، وجدت نفسها دفعة واحدة أسيرة حكم ميليشيات طائفية ومذهبية، وانتداب سوري.
وكانت إسرائيل تسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي منذ عام ،1978 ثم توسعت عام ،1982 ورفضت على الدوام تنفيذ القرارات الدولية التي تلزمها على الخروج من الأراضي اللبنانية دون قيد أو شرط.
تمخض اتفاق الطائف عن صيغة دستورية طوائفية جديدة كانت أسوا بما لا يقاس عن صيغة الميثاق الوطني لعام .1943 فتحولت الطوائف إلى مذاهب. وتحول زعماء الميليشيات إلى حكام لبنان الفعليين. وباتت لديهم القدرة على منع قيام الدولة المركزية، وشل جميع مؤسساتها المركزية.
فعم الفساد والإفساد دون أية رقابة فعلية، وارتفع الدين العام بشكل عمودي حتى تجاوز طاقات اللبنانيين. وانهارت الطبقة الوسطى فلم تعد تشكل 25 بالمئة عما كانت عليه قبل الحرب الأهلية. وفتح باب الهجرة على مصراعيه.
حققت الميليشيات الطائفية الكثير من أهدافها. فهمشت الدولة المركزية وجميع مؤسسات القطاع العام. ومنعت توحيد اللبنانيين على أسس وطنية لا طائفية.
وانصرفت كل طائفة إلى تثقيف رعاياها بهواجسها المرضية التي تبثها وسائل إعلامها الخاصة مستخدمة كل أشكال التحريض الطائفي والمذهبي. وبات ينظر إلى الآخر الطائفي كعدو محتمل يمكن أن يشهر سلاحه في أي لحظة ضد اللبناني من الطائفة الأخرى.
واشتد الصراع على جميع مراكز السلطة، المدنية منها والعسكرية. وبات نظام المحاصصة الطائفية هاجس جميع زعماء الطوائف، بدءا برأس السلطة حتى أدنى مستوياتها مرورا بعضوية الوزارة، أو البرلمان، أو القضاء وغيرها.
هكذا تضخم دور زعماء الطوائف على حساب الدولة فصغر حجمهم على مستوى الوطن، وذلك لأسباب عدة منها:
1 أصبح زعماء السياسة في لبنان يصنفون كممثلين لطوائفهم فقط، في إطار دولة مفككة إلى الحد الأقصى. ولا يشعر الزعيم الطائفي فيها بأنه مقبول خارج قسم من جماهير طائفته فقط، وينازعه الزعامة داخل الطائفة منافسون كثر.
2 تراجع دور الزعيم السياسي في لبنان اليوم عما كان عليه في عهد الانتداب الفرنسي، وفي مرحلة الاستقلال ما بين 1943.1975 فقد كان لزعماء تلك المرحلة قواعد حقيقية وثابتة تجاوزت حدود طوائفهم لتطول جميع المناطق اللبنانية.
3 ان زعماء لبنان اليوم همشوا أنفسهم داخل طوائفهم أولا بسبب الشعارات الطائفية التي رفعوها والتي تشدد على حقوق الطائفة، والمشاركة الطائفية، والتوازن الطائفي في السلطة وغيرها. وهي شعارات نفعية تحيل رجل السياسة إلى زعيم طائفي من الدرجة الدنيا بعد أن تجاهل المصالح الأساسية لجميع اللبنانيين، من جميع الطوائف والمناطق. ولن يكون لهذا الزعيم الطائفي موقع متقدم عند كتابة تاريخ لبنان السياسي لهذه المرحلة البالغة السوء والتي تشهد انحدار الفكر السياسي في لبنان من مستوى الزعامة الوطنية إلى الزعامة المذهبية.
4 إن صيغة تقاسم المغانم بين زعماء الطوائف والمذاهب تقزم صورة الزعيم السياسي، داخل لبنان وفي الخارج. ويقدم اتفاق الدوحة الأخير نموذجا بالغ الدلالة في هذا المجال. فقد أدرك جميع من قام بالوساطة لحل الأزمة اللبنانية أن مصدر العلة فيها يكمن في حرص زعماء الطوائف على موقعهم المميز فوق الدولة. فهم يرفضون الانضواء تحت سلطة قواها المركزية، ويمنعون الوصول إلى قانون انتخاب عادل، وقيام قضاء لبناني مستقل، وحكم صالح، وفرض الرقابة على مداخيلهم وتطبيق »قانون من أين لك هذا؟« و...
5 لقد نجح زعماء الطوائف في مسارهم الارتدادي بلبنان من الدولة المركزية التي بنيت على قاعدة الإصلاحات الشهابية إلى الدولة المذهبية التي يجري الإعداد لها وفق توجهات »اتفاق الدوحة«. فتم التراجع عن شعار »الطائفية وصمة عار على جبين لبنان واللبنانيين« لتصبح المذهبية صيغة شرعية يتم تبنيها بوقاحة تامة تحت شعار »تجديد ركائز الدولة استنادا إلى اتفاق الدوحة«. وهذا الشعار بالذات يقدم الدليل على هزال الفكر السياسي اللبناني في المرحلة الراهنة، وتراجع دور القيادة الوطنية الجامعة التي تحظى باحترام جميع اللبنانيين وتشكل خشبة الخلاص لهم.
ختاما، لقد لعب الجيش اللبناني دورا وطنيا بالغ الأهمية في الحفاظ على وحدة لبنان. لكن مسؤولية بناء دولة ديموقراطية عصرية على أسس وطنية جامعة تتجاوز حدود الطوائف والمذاهب تقع خارج صلاحياته وقدراته.
وأحرى بزعماء السياسية في لبنان دراسة وتبني المبادئ التي بني عليها هذا الجيش حتى بات موضع ثقة اللبنانيين لأنه حمى الوطن من الانهيار تحت وطأة التناقضات الطائفية والمذهبية والإقليمية التي كان لزعماء السياسية في لبنان حصة كبيرة فيها بسبب تفضيلهم مصالحهم الخاصة على مصلحة الوطن العليا.
وما لم يتم تجاوز تلك الانقسامات بالسرعة المناسبة فإن الجيش الموحد قد يتعرض لتجارب قاسية تهدد وحدته الوطنية، وتشل من قدراته على قمع الاشتباكات الدموية المتكررة والمتنقلة.
وهي اشتباكات مفتعلة بالتأكيد، ولها أهداف واضحة أبرزها منع قيام الدولة المركزية، وعودة الاستقرار والأمن إلى ربوع لبنان. فشعار »الحل اللبناني « خادع لأن القوى الطائفية في لبنان ما زالت بعيدة عن التوافق الداخلي إلا في حال برز توافق إقليمي ودولي على حل عقلاني للأزمة اللبنانية.
وما زال زعماء لبنان يبحثون عن ضمان مصالحهم فقط، وذلك رغم الأزمات الحادة التي تعصف بالوطن..إنه زمن زعماء الطوائف والميليشيات المتناحرة التي تشكل فعلا وصمة عار على جبين لبنان واللبنانيين.
عن صحيفة السفير اللبنانية
10/7/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.