تفاقمت أمس من جديد في الجزائر أزمة الشاعر أدونيس بسبب تصريحاته الأخيرة خلال زيارته للجزائر عن تخلف أحوال العرب والمسلمين، وما تبع الأزمة حيث أقالت وزيرة الثقافة خليدة تومي بقرار سيادي الروائي أمين الزاوي مدير المكتبة الوطنية وأبرز أدباء الجزائر حاليا نظرا لأنه من استضاف وأحضر ادونيس للجزائر لإلقاء محاضراته التي اشعلت جذوة النار في الشارع الجزائري، ووصلت تداعياتها السلبية للبرلمان. فقد تحرك عدد كبير من السياسيين والكتاب والمثقفين والصحفيين في الجزائر أمس وتقدموا بعريضة موقعة من العشرات من هؤلاء للرئيس بوتفليقة بالتدخل لوقف أصوات ما أسموه "الإرهاب الفكري" في إشارة للعناصر الإسلامية في الجزائر والتي راوا أنها بحسب تعبيرهم "تسعى لقطع الألسنة والعودة إلى الأحادية في الممارسة السياسية والفكرية والثقافية"، حسبما كتب أشرف العشري لصحيفة "الأهرام" المصرية. جاء في مقدمة الموقعين على وثيقة الدعوى للرئيس بوتفليقة للتدخل والتمسك بعودة الزاوي إلى منصبه جميلة بوحريد زعيمة المقاومة الشعبية أيام الإحتلال الفرنسي والتي مازالت تحظى بشعبية كبيرة في الجزائر رغم حالة الإعتكاف والإقامة الجبرية التي تفرضها على نفسها، طالبت بتوفليقة بضرورة التحقق من مدى نزاهة رافعي التقارير إليه بشأن أدونيس والزاوي. وكانت البداية حين رفعت وزيرة الثقافة في الجزائر خليدة تومي تقريرا إلى الرئيس بوتفليقة تتبرأ فيه من مسئولية "الانزلاق الفكري الذي حدث أثناء محاضرة الشاعر السوري أدونيس"، في الوقت الذي يستعد نائب في البرلمان لمساءلة الوزيرة تومي عن خلفيات دعوة أدونيس ليحاضر عن الإسلام في الجزائر ووصفه بالملحد. وسبق أن انتقد أدونيس دور الدين في المجتمعات العربية، لكنه، في الجزائر، ركز نوعا ما على وضع المرأة، واستبق ذلك بحوار لصحيفة "الشروق" اليومي قال فيه إنه "لا وجود لنص في القرآن الكريم يحقق وجود المرأة كذات مستقلة عن التوابع"، وأضاف "ليس هناك نص واحد واضح يحدد حرية المرأة وذاتها المستقلة وإنما هناك تأويلات أو قراءات الفقهاء". واعتبر أدونيس في المحاضرة التي ألقاها بمكتبة "الحامة" بأن هناك مشكلة كبرى في المجتمعات الإسلامية تتعلق ب"إخضاع الوحي للتأويلات السياسية والمذهبية بدوافع قبلية، ومذهبية، وأيديولوجية، وسياسية بدافع البحث عن السلطة". ووفق فضائية "العربية" دافع مدير المكتبة الوطنية الدكتور أمين الزاوي المعروف بتوجهاته اليسارية، عن نفسه وقال إن أدونيس ليس ممنوعا من زيارة الجزائر حتى يمنعه هو من المحاضرة والتعبير عن أفكاره بمكتبة الحامة. وقال الزاوي في تصريح صحفي قبل إقالته أنه "غير مسئول عما قاله أدونيس، خصوصا وأن الجميع يعرف أفكار هذا الشاعر وليست المرة الأولى التي يردد مثل هذه الأفكار". وعارضت جمعية العلماء المسلمين استضافة الشاعر أدونيس بالجزائر، ووصف الشيخ عبد الرحمن شيبان، وهو وزير سابق للشئون الدينية، تصريحات أدونيس بأنها "أراجيف وقحة من شاعر ملحد وإباحي يدعى بغير اسم ولقب ويكتب شعرا بلا روح ولا نغم"، معتبرا كلامه في الندوة الصحفية بالحامة "تطاولا على الإسلام وعلماء المسلمين فى أرض الجهاد والاجتهاد، أرض المليون ونصف المليون شهيد وفى رحاب المكتبة الوطنية ذاكرة الأمة".