الرباط: لم تكن المسافة التي تربط بين مدينتي القنيطرة واسفي المغربيتين بعيدة تسترعي اهتمام الحسين او تحبط مخططه الاجرامي من اجل الحصول على عقود تركة اخيه المتوفى حديثا تاركا لزوجته "فطومة" كل شيء وهي اليوم بعد رحيله تصول وتجول بين نساء الحي مفتخرة بما تركه لها زوجها من متاع رغم انها لم تنجب له ولدا. لقد كان الحسين يسهر الليل الى الفجر يخطط لفعله الاجرامي للحصول على وثائق ملكية فدادين اخيه المتوفى لاخفائها او تزويرها لكن فطومة كانت حاجزا مانعا بينه وبين مراده فقد كانت تحسب لمخططات "الحسين" الف حساب خصوصا بعد علمها ان هذا الاخير يقسم بغليظ الايمان في مجالسه الخاصة انه حاصل على وثائق ارث اخيه مهما كلفه ذلك من ثمن . لذلك كانت فطومة شديدة الاحتياط حين عودتها الى بيتها من الحقول في المساء او خروجها في الصباح الباكر لقد كانت المرأة تحرص على احكام باب بيتها بالمزلاج الحديدي خصوصا بعد اكتشافها في احد الايام ان مجهولا سطا على بيتها للعبث بأثاثه وحرق بعضا من اشيائه وسيكتشف رجال الدرك ان الجاني الذي سطا على البيت كان يبحث عن شيء آخر غير المتاع ولم تكن له نية السرقة فرجال الدرك اكتشفوا ان الفاعل غادر سكن فطومة تاركا وراءه اشياء ثمينة لم يسرقها وذلك استنتاج اوحى لرجال البحث ان الجاني كان همه شيئا آخر غير فعل السرقة . كعادة سكان المنطقة المغربية التي تقطنها فطومة يسافرون الى السوق الاسبوعي الذي تنصب خيامه في الهواء الطلق مرة كل اسبوع وذلك لاقتناء المؤن والسلع وما يحتاجونه من زاد لكن السعدية صديقة فطومة لاحظت غياب جارتها عن الحضور والتخلف عن الذهاب الى السوق الاسبوعي معناه ان الغائب لديه مانع قوي غالبا ما يكون بدافع السفر او المرض وهذا مستبعد بالنسبة لفطومة، تتساءل السعدية؟ ولهذا وقبل ان تحل السعدية بدارها القريبة من دار جارتها الغائبة ورغم ثقل سلتها المملوءة بالمشتريات عرجت على بيت فطومة تطرق بابها للاطمئنان عن احوالها زادت طرقات السعدية على باب فطومة وزادت مع الطرقات حدة المناداة باسمها لكن لا احد يجيب . وبحسب صحيفة "عكاظ" السعودية مع مرور الوقت لاحظت الجارة الوفية ومن خلال النظر عبر شق فارق الباب ان المزلاج الحديدي غير مكتمل الايصاد ولفهم ذلك هرعت المستفسرة الى بيت الجارة عائشة لتصاحبها لاستطلاع الامر وبينما السيدتان تحاولان فك مزلاج سكن جارتها التحق بهما الحسين يسأل عن زوجة اخيه العربي التي سبق أن أخبرته بسفرها الى المستشفى الاقليمي لمدينة آسفي لإجراء عملية خفيفة في عينها لكن السعدية ورفيقتها لم تعيرا الحسين اهتماما واستمرتا يخلخلان الباب بشدة الى ان انفتح فدلف الجميع الى صحن الدار وما هي الا هنيهة حتى استمر الصراخ. بعد اختراقهما البيت برفقة الحسين واكتشافهما فطومة جثة هامدة على ارضية المطبخ استمرتا في الصراخ والعويل وفي غفلة منهما انسحب الحسين في هدوء الى الهاتف العمومي المجاور للحي يطلب النجدة وما هي الا دقائق حتى حضر رجال الوقاية المدنية ومعهم رجال الدرك لمعاينة مسرح الجريمة. في لحظة معاينة الجثة بادر الحسين بتقديم نفسه وبطاقة هويته للضابط محمود باعتبار الحسين من عائلة الضحية ثم صعد الى جانب جثتها بسيارة الاغاثة بينما ارسلت سيارة الغوث صوت منبه قوي اخترق الجموع في اتجاه مشرحة المستشفى الاقليمي بمدينة اسفي . بينما كان الحسين في قاعة الانتظار بالمشرحة ينتظر برفقة السعدية وعائشة نتائج التشريح الطبي الذي افاد به الطبيب ان الضحية غادرت الحياة بفعل عملية الخنق بحبل سميك كان الضابط يطلب من حسين مرافقته الى المصلحة ومن جوابه الاول عن سؤال الضابط صاحب الخبرة الطويلة ظهر ان القاتل لم يكن سوى الحسين . وبمسرح الجريمة وصف الجاني كيف قام بالدخول الى بيت فطومة ليلا في غفلة منها وكيف ولج عليها غرفة نومها المظلمة ليحبس انفاسها بكف يده القوية واحاط جيدها بحبل سميك لم يمهلها فرصة المقاومة لترتخي صريعة بين يدي المجرم لقد كاد الناس يرجمون الجاني بمسرح الجريمة لولا تدخل رجال الدرك لحمايته ومع ذلك بدا نادما في وقت لم يعد ينفع فيه الندم فقتل النفس بدون حق .