مستقبل السوق العربية المشتركة إلى أين ؟ عند الحديث عن السوق العربية المشتركة تثار العديد من التساؤلات التي تبحث عن إجابات شافية لعل أبرزها تساؤل مفاده لماذا فشل العرب في إقامة سوقهم العربية المشتركة بينما نجح الأوروبيون في ذلك ؟ وللإجابة عن هذا السؤال احتضنت نقابة الصحفيين في مصر ندوة حول مستقبل السوق العربية المشتركة حضرها الأمين العام لمنظمة الوحدة الاقتصادية الدكتور أحمد جويلي . محيط - شيرين حرب: قال الدكتور جويلي خلال الندوة إنه مع تواتر الحديث عن سوق عربية مشتركة بات الموضوع سطحياً، وأصبح الناس يستهترون به ظناً من البعض أن قيام سوق عربية مشتركة مسألة في غاية السهولة واليسر وكأن السوق العربية هي سوق عادية كسوق العبور للخضر والفاكهة على سبيل المثال.
وأكد الدكتور جويلي أن مجلس الوحدة العربية يسير في خطته نحو انشاء سوق عربية مشتركة على خطى السوق الأوروبية، قائلاً إن تجربة السوق الأوروبية نجحت لأنها بدأت بمنطقة تجارة حرة وهذا ما حققته الدول العربية حيث نجحنا على المستوى العربي في أن إقناع 17 دولة عربية بإلغاء الجمارك فيما بينها في عام 2005، بينما منحت دول أخرى فرصة أخيرة. د. أحمد جويلي وثمن جويلي على الشوط الذي قطعه العرب ونجاحهم في المرحلة الأولى من منطقة التجارة الحرة وهو أهم إنجاز في تاريخ الأمة العربية البالغ عدد سكانها زهاء ال 300 مليون نسمه. وحول المعوقات التي تقف في سبيل تحقيق سوق عربية مشتركة أشار جويلي إلى أن هناك معوقات فنية هي التي تقف أمام فتح الطريق للتجارة العربية من بينها حركة النقل في ظل عدم وجود طرق ملائمة بين بعض الدول . أول شهادة منشأ عربية أول يونيه وقد أعلن جويلي عن اجتماع مرتقب للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لإصدار أول شهادة منشأ عربية تفصيلية في المنطقة وذلك أول يونيه القادم ، مشيراً إلى أن شهادة المنشأ هذه تعد من خطوة هامة في عملية تحرير التجارة، ثم يتبعها خطوات أخرى تتمثل في إزالة المعوقات الفنية للتجارة وتوفير الخطوط الملاحية بين الدول وهي لاشك مسألة مكلفة جداً. من ناحية أخرى لفت جويلي إلى أن العلاقات التجارية بين مصر والسودان على سبيل المثال سوف تكون أفضل لو كان هناك طريق يربط بين أسوان ووادي حلفا من منطلق أن شبكات الطرق تعد من الأشياء المُحددة للتجارة . وفي هذا الصدد رفض الدكتور جويلي الحديث عن الأنباء التي تواترت مؤخراًً حول رفض مصر إقامة جسر يربط بينها وبين السعودية. وأعلن جويلي أن جامعة الدول العربية تعمل على إنجاز اتفاقية عربية لتجارة الخدمات، لافتاً إلى أن ما يسهل ذلك هو أن هناك 12 دولة عربية انضمت إلى منظمة التجارة العالمية. وأضاف : وبما أن ال 12 دولة عليها التزامت للغير بالتالي فإن إمكانية تجارة الخدمات ممكنة . وقال الدكتور جويلي أنه من المقرر تأسيس أول اتحاد جمركي في عام 2009 ولكن قبل إنشاء هذا الاتحاد لابد من إنشاء قانون جمركي موحد مع وجود هيكل يدير هذا الاتحاد الجمركي. بنك مركزي واحد وقال جويلي إنه حينما نصل إلى سياسة نقدية وسياسة مالية عام 2020 يمكن بسهولة أن يكون هناك بنك مركزي واحد، ولكن لتحقيق ذلك فإن السوق العربية المشتركة تحتاج لعمل مضني من الشعوب والحكومات معاً. وأوضح أن الاتحاد الأوروبي قد ساهم على سبيل المثال في تنمية بعض الدول الأوروبية التي كانت تحتاج للمساعدة والتي انضمت بعد ذلك للاتحاد، كما لايزال الاتحاد الأوروبي يعمل بجهد دؤوب في أوروبا الشرقية حتى تصل إلى مستوى معين ليضمها أيضاً إليه . وأكد جويلي أن السودان فيه ثروات هائلة ولا تعوزه الموارد ولكن لابد أن تتحول هذه الطاقة الكامنة إلى طاقة فاعلة، ومن هنا فلا نستطيع زيادة التجارة إلا من خلال الاستثمارات الضخمة لتدفع بالإنتاج . أين أموال العرب؟ البعض يتساءل أين أموال العرب وأين أموال الطفرة النفطية الأولى وأين ذهبت عوائد الطفرات البترولية الأخيرة التي دفعت بالأسعار حتى وصل سعر البرميل إلى 70 دولاراً للبرميل في حين أن صادرات العرب من البترول حوالي 23 مليون برميل حتى إن عام 2005 وصلت فيه صادرات البترول ل 350 مليار دولار . ولفت جويلي إلى أن أحد المشاكل الرئيسية التي تؤرق العالم العربي هو اعتماد العديد من دوله على النفط حتى إن 70% من صادرات العرب هي من البترول . وكشف الدكتور جويلي أن الناتج المحلي للدول العربية ارتفع إلى تريليون دولار منذ عام 2005 وحتى الآن بسبب الارتفاع الكبير في أسعار البترول. وقال جويلي إن الدول العربية تعتمد على استيراد 90% من احتياجاتها من الخارج، وأن الواردات لكل دولة عربية تكاد تكون متماثلة، حيث تستورد الغذاء والمنتجات الصناعية والمعدات. وأضاف أن حركة النقل بكافة أشكالها مازالت في حاجة إلى تطوير وأنها تشكل عائقاً يمنع عبور البضائع ويزيد من كلفة الإنتاج بالدول العربية. وطالب جويلي بتحويل السوق العربية المشتركة إلى واقع، مشيراً إلى أن حجم التجارة البينية العربية وصل خلال العام الماضي إلى 85 مليار دولار، في حين زادت صادرات البترول التي تمثل 70 % من حجم الصادرات إلى 360 مليار دولار. وأشار إلى أن القمة العربية الأخيرة بالرياض دعت إلى عقد قمة اقتصادية لدعم حركة تجارة الخدمات وإزالة الحواجز الجمركية والمعابر، مؤكداً ضرورة استغلال الفوائض المالية المتوفرة لدى الدول العربية حالياً في دعم مشروعات البنية التحتية خاصة الطرق والموانئ التي تسهل حركة التجارة بين الدول العربية. توجيه خاطئ وانتقد جويلي مسألة التوجيه الخاطئ لعوائد النفط حيث ذهبت هذه العوائد نحو الإعمار والمضاربة في البورصات في حين انعدمت الأموال الموجهة لحل المشاكل الهيكلية التي يعاني منها العالم العربي كالبطالة التي تشكل ما بين 15 إلى 20 % من حجم القوى العاملة . وعزا جويلي ذلك بأن الدول العربية النفطية للأسف لم تقم بعمل مشروعات تستوعب طوابير البطالة لديها كما ضاعف من حجم المشكلة هو التوسع في العمالة الآسيوية مطالب بإعادة توجيه عائدات النفط ثمة خلل هيكلي آخر تعاني منه البلدان العربية حسبما يرى جويلي وهو عدم استخدامها العلم ولا التكنولوجيا واعتمادها على الاستيراد حتى إنها لم تفكر حثيثاً في الاكتفاء الذاتي من الناحية التكنولوجية، لافتاً إلى أنه إذا ما نظرنا إلى هيكل الواردات سنجد أن رقم واحد في الواردات هي السلع الرأسمالية من الآلات وأجهزة ومعدات، أما الثاني فهو كل ما يسير بمحرك ابتداءا من التوك توك وصولاً إلى أحسن سيارة، حتى غذاء العرب حيث وصلت الفجوة الغذائية إلى 147 مليار دولار فرق بين الصادرات والواردات. وأردف جويلي قائلاً كان هناك مشروع عربي ضخم في الثمانينات لانجاز برنامج أمن غذائي عربي موحد ، ولكن رغم الطفرة إلا أن الإصلاح الهيكلي لم يتم في المنطقة العربية ولم يجني المشروع ثماره. محيط - لماذا الأوروبيون وصلوا والعرب لا؟ قال جويلي لا تجوز المقارنة بين أوروبا والعرب حيث بدأ العرب مسألة السوق المشتركة وهم دول نامية خارجة من تحت سيطرة الاحتلال ولديهم إسرائيل تعوقهم في حين أن الأوروبيين تم مساعدتهم من قبل البنك الدولي للأعمار الذي خصص لإعمار أوروبا. ولم يسرف جويلي في التشاؤم حيث أكد أن الدول العربية ظروفها الآن باتت أحسن لاستكمال مسيرة التكامل خاصة بعد أن أصبحت تعتمد على اقتصاديات السوق إلى جانب انضمام عدد منها لمنظمة التجارة العالمية. كما باتت الدول العربية لها شراكة مع أوروبا، فضلاً عن أن هناك شعور لدى الدول العربية جميعها نحو ضرورة التكتل لمواجهة الكيانات الكبرى. وأكد جويلي أن ثمة اختلاف بين تعامل الأوربيين مع مسألة السوق العربية المشتركة وبين تعامل العرب ففي حين لم يتوحد الأوربيون سياسياً إلا أنهم أدركوا تماماً أن الاقتصاد اقتصاد، بينما الحال مختلف لدى العرب والذين يتجهون دائماً إلى تسييس الاقتصاد. محيط - هل الاتفاقيات مع الكيانات الغربية تعوق التجارة البينية العربية؟ الاتفاقيات مع الكيانات الغربية تعوق التجارة البينية العربية لأن أوروبا تحاول توحيد العرب تحت مظلة الاتحاد الأوروبي ونجد أتفاق أغادير خير مثال على ذلك وهو الاتفاق الذي تم توقيعه بين كل من الأردن والمغرب ومصر وتونس وسمحوا لهم بما يسمى المنشأ التراكمي. وأوضح جويلي أن الأوروبيين دأبوا على "تفصيل" أو رسم منطقة تجارة عربية حرة حسب رغباتهم ووفقاً لمزاجهم والحال ينطبق على الأمريكيين أيضاً . محيط - وحول التكامل الاقتصادي بين الدول العربية ؟ وقال جويلي إن التكامل الحادث لم يتم إلا في نقطة واحدة وهو التكامل في تجارة السلع بينما لابد أن يشمل نواحي أخرى خاصة بالنواحي التنموية. وحول شبهة الإزدواجية بين المجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس الوحدة الاقتصادية؟ قال جويلي بالنسبة لدور كل منهما في رسم السياسة العامة للتعاون الاقتصادي والاجتماعي العربي فلا يوجد ازدواج ولا تعارض بين المجلسين لأن مجلس الوحدة الاقتصادية هو الابن الشرعي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي انشأ بهدف تنفيذ اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية وهذا هو الهدف الأساسي الذي من اجله أنشأت الدول العربية المجلس الاقتصادي والاجتماعي. أي أن مهمته محددة وواضحة وقاطعة تحددها اتفاقية الوحدة الاقتصادية فهنا لا توجد ازدواجية اذ أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي هو مجلس سياسات وليس مجلس تنفيذ سياسات حيث إن التنفيذ يضطلع به مجلس الوحدة الاقتصادية بدليل أننا انشئنا لتنفيذ اتفاقيات الوحدة الاقتصادية محيط - ماهي التسهيلات المتخذة من أجل استخدام وممارسة النشاط الاقتصادي؟ نحن الآن نحاول استخراج بطاقة المستثمر لكي نيسر للمستثمر الانتقال السهل بين الدول العربية وأيضا استثمار أمواله بحرية داخل البلاد العربية. وأشار جويلي إلى أن البعض لا يتوق إلى الوحدة الاقتصادية ربما لأن أسمه مرتبط بالوحدة قائلاً إنه ربما سيكون الوضع آخر لو تم تغيير أسمه حيث إن الوحدة مرتبطة لدى البعض بالقومية العربية وعبد الناصر