يعتبر ارتفاع أسعار المواد الغذائية من بواعث القلق المتنامية التى دقت أجراس الخطر في منطقة الشرق الأوسط والتي كانت من بين أهم الأسباب التي أشعلت الاحتجاجات في المنطقة وخاصة مصر وتونس والتى نتج عنها إطاحة رئيسيهما وهو ما أثار بدوره على التوترات التى تجري في ليبيا وهي عضو في منظمة "أوبك" وتنتج 1.6 مليون برميل نفط يومياً، والتى تلعب دوراً أساسياً في ارتفاع أسعار النفط بصورة "هستيرية" بعدما خلقت هذه الأحداث هلعاً في السوق النفطية، في ضوء ذلك حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" من أن الارتفاعات المفاجئة في أسعار النفط بفعل التوترات في الشرق الأوسط ستؤثر على أسواق الحبوب. وأشارت المنظمة في تقرير إلى أن الأسعار الدولية للمواد الغذائية في شهر فبراير/شباط الماضي سجَّلت ارتفاعاً للشهر الثامن على التوالي، إذ واصلت أسعار جميع مجموعات السلع التي أخضِعت للرَصد حركةَ صعودها فيما عدا سلعة "السكّر". وتتوقّع المنظمة "فاو" تأزُّماً في الإمدادات العالمية من الحبوب، وفي ميزان العرض والطلب من نفس السلعة خلال الفترة 2010/ 2011. وفي ظل حالة الطلب المُتزايد على الحبوب وهبوط الإنتاج العالمي عام 2010، يُتَوقَّع أن تهبَط الأرصدة الدولية للحبوب بشدّة بسبب تراجُع مخزونات القمح والحبوب الخشنة. وفي تلك الأثناء سجَّلت الأسعار الدولية للحبوب ارتفاعاً حاداً مع تَصاعُد أسعار تصدير الحبوب الرئيسية منذ فبراير/شباط في العام الماضي بما يتجاوز 70% على الأقل. وقال الخبير ديفيد هالام، مدير شُعبة التجارة والأسواق، لدى المنظمة "فاو" : إن الزيادات الحادة غير المتوقَّعة في سعر النفط يمكن أن تُفاقِم الوضعية غير المستقرِّة أكثر فأكثر في أسواق الغذاء. وحذَّر من أن "ذلك يُضيف مزيداً من عدم اليقين إلى حدٍ كبير فيما يتعلّق بتوقُّعات الأسعار بينما توشِك أعمال الزَرع الموسمية للمحاصيل في بعض مناطق الإنتاج الكبرى على أن تبدأ". مؤشر أسعار السلع سجل مؤشر المنظمة "فاو" لأسعار المواد الغذئية في المتوسط 236 نقطة خلال فبراير/شباط، فيما أرسىَ أعلى نسبةً بمقدار 2.2%، مقارنةً إلى شهر يناير/كانون الثاني الماضي مُسجِّلاً بذلك أعلى معدل بالأرقام الحقيقية والإسمية منذ أن باشرت المنظمة برصد الأسعار في عام 1990. وارتفع مؤشر سعر الحبوب، الذي يتضمَّن أسعار أغذيةٍ رئيسيّة مثل القمح والأرز والذرة الصفراء، بنسبة 3.7% في فبراير/شباط 254 نقطة، وهو الحدّ الأعلى منذ وقتٍ يعود إلى يوليو/تموز 2008. وسجّل مؤشر أسعار منتجات الألبان 230 نقطة في فبراير/شباط، بارتفاعٍ نسبته 4%، مقارنةً إلى يناير/كانون الثاني، وإن جاء أوطأ بكثير من ذروته في نوفمبر/تشرين الثاني 2007. تحرّك مؤشر أسعار الزيوت والدهون ليسجل 279 نقطة في فبراير/شباط، أي فيما يقل بفارقٍ ضئيل عن مستوى الذروة السِعرية التي سجِّلت في يونيو/حزيران 2008. وإذ بلغ مؤشر المنظمة "فاو" لأسعار اللحوم 169 نقطة في فبراير/شباط، بارتفاعٍ نسبته 2% من يناير/كانون الثاني تحرَّك مؤشر سعر السكّر هبوطاً ليسجل 418 نقطة في فبراير/شباط أي فيما يقل يقلّ بفارقٍ بسيط عن الشهر السابق وإن كان لا يزال أعلى من نسبته في فبراير/شباط 2010 بمقدار 16%. حالة العرض والطلب تُرجِّح المنظمة "فاو" إنتاجاً مواتياً على وجه العموم من المحاصيل الشتويّة في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وتتوقّع إنتاجاً عالمياً من القمح سيزداد بنحو 3% في غضون عام 2011. ويَفترِض ذلك تحسُّناً في إنتاج القمح لدى البُلدان المنتِجة الكبرى التابعة لكومنولث الدول المستقلة. وحتى الآن، تبدو أوضاع المحاصيل الشتويّة في تلك البُلدان مُلاءمةً بوجهٍ عام. ويشير أحدث تقديرٍ لإنتاج الحبوب العالمي في عام 2010 إلى زيادةٍ بمقدار 8 ملايين طنّ أعلى من التوقُّعات الواردة في ديسمبر/كانون الأوّل لكن ذلك ما زال دون مستوى عام 2009، بفارقٍ طفيف. ويعكِس هذا التقييم المعدَّل صعوداً في غضون الشهر الجاري تقديراتِ أعلى للإنتاج على الأكثر في الأرجنتين والصين وإثيوبيا. كذلك عُدِّل تقديرُ الاستخدام العالمي للحبوب خلال2010/2011 ليرتفع بحدود 18 مليون طنّ منذ ديسمبر/كانون الأوّل. ويَعكِس معظم هذا التنقيح التغيُّرات في الاستخدامات الغذائية والصناعية للحبوب الخشنة. وبالتحديد يُعزىَ التغيير إلى تزايُد استخدام الذرة الصفراء لإنتاج وقود الأيثانول في الولايات المتّحدة، والتعديلات الإحصائية في ميزان العرض والطلب التاريخي للصين بالنسبة لمحصول الذرة منذ الفترة 2006 /2007.