مقترحات لسداد فاتورة العلاوة الجديدة في مصر محيط شيرين حرب ومنى سيد اختلفت الرؤى والتكهنات لدى الخبراء الاقتصاديين حول مسألة تدبير الموارد المالية اللازمة لتوفير الزيادة الأخيرة المقررة في أجور العاملين، التي أعلنها الرئيس محمد حسني مبارك والمقررة بنحو 30%. فمن جانبه يرى الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير في الشئون الإستراتيجية والاقتصادية أن هناك مصادر تمويل كثيرة متاحة، إلا أنه رجح أن الحكومة سوف تلجأ إلى زيادة الأعباء الضريبية على كاهل المواطنين. وأضاف أن الحل الآخر الذي قد تلجأ إليه الحكومة هو الاستعانة بالاحتياطيات الموضوعة في الموازنة تحت بند الاعتماد الإجمالي، خاصة أن كل بند من بنود الموازنة له احتياطي يمكن اللجوء إليه وقت الأزمات. أما الدكتور فاروق العشري الخبير الاقتصادي فقد توقع أن تلجأ الحكومة إلى التوسع في طباعة البنكنوت رغم كافة المحاذير التي تنطوي على هذا الإجراء، والذي من شأنه أن يزيد من حدة التضخم الذي نعاني منه، والذي سوف يؤدي إلى مزيد من المعاناة لدى الفقراء ومحدودي الدخل. وعزا الدكتور العشري ذلك لأن الحكومة لا تتوافر معها مصادر تمويل حقيقية لصرف قيمة هذه العلاوة. وحول مقترح أن يتم تمويل هذه العلاوة من خلال احتياطي النقد الأجنبي والذي كان قد شهد قفزة بصورة كبيرة خلال شهر فبراير الماضي قال الدكتور العشري إن احتياطي النقد الأجنبي والذي يمثل صافي الاحتياطات الدولية بلغ في يناير من العام الحالي نحو 32.206 مليار دولار، وهو ليس أموال سائلة ويتم استثماره في سندات الخزانة الأمريكية، أي أن هذه الاحتياطيات تمول الاستثمارات الأمريكية رغم الانخفاضات المتوالية لقيمة الدولار مما أدى إلى جعل قيمة الاحتياطيات في نهاية يناير تغطي فقط واردات سلعية لمدة 8.6 شهراً، في حين أن هذه الاحتياطات حين كانت تبلغ 13.809 مليار في يونيو 2003 كانت تغطي واردات سلعية لمصر بمقدار 12 شهراً. وأوضح أن ذلك يرجع إلى الانخفاضات المتتالية لسعر صرف الدولار والغلاء السلعي الفاحش على مدار الأعوام الأخيرة . وأكد أن هذه الزيادة لا تمثل 50% من الزيادات الفعلية وموجة الغلاء الجامح على مدار الثلاث سنوات وأصحاب المعاشات الذين انخفضت دخولهم بنسبة 70%، متسائلاً أين حقوق أصحاب المعاشات والأرامل الذين يتجاوزا 25% من شعب مصر. وأضاف لا يخفى على أحد أبدا أن أموال التأمينات الاجتماعية هي أموال خاصة تتعلق بحقوق العاملين الحاليين الموجودين سواء بخدمة الدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص والقطاع الاستثماري، وكذلك بحقوق أرباب المعاشات ممن أحيلوا إلى التقاعد، ولذويهم من الأرامل والأبناء والآباء والأمهات والمطلقات والعجزة ممن يستحقون صرف المعاش بعد وفاة العائل، وأنه لا يجوز أن تختلط هذه الأموال الخاصة وتفقد صفتها بدخولها ضمن المال العام الذي يؤول إلى خزانة الدولة في إطار حقوق السيادة، وباعتبار أن هذه الأموال هي جزء مستقطع من أجر العامل طوال مدة خدمته إلى جانب حصة رب العمل في التأمينات الاجتماعية كجزء مكمل للأجر المدفوع، فهي بمثابة أجور مستحقة للعامل قام بادخارها لدى هيئة التأمينات ليصرفها مستقبلا على أجزاء دورية كمعاش مع إضافة عائد استثمار حصيلة التأمينات بما يمكن من زيادة معدلات المعاشات دوريا مع تراكم الحصيلة وتحقيق مزايا وخدمات للمستحقين. حسنى مبارك في عيد العمال ويرى محسن الخضيري، الخبير الاقتصادي، إن فاتورة العلاوة الجديدة في الجهاز الحكومي وقطاع الأعمال ستكون بين 4 و5 مليارات جنيه، مؤكدا أنه في حالة عدم كفاية بند الاحتياطيات في الموازنة لتغطية الزيادة الجديدة فإن الأمر قد يؤدي لزيادة العجز والدين الحكومي. وأضاف: الموازنة العامة للدولة ليس دورها تغطية مثل هذه الأمور، فهناك وعاء لإيرادات الدولة ويتم توزيعها علي الإنفاق وقد يتم إعادة ترتيب بنود الإنفاق العام لتغطية الزيادة بسبب العلاوة، لافتا إلي أن بند الاحتياطيات في الميزانية في الغالب يخصص لمثل هذه الأمور مثل العلاوة الخاصة أو الاجتماعية وغيرهما. وأوضح أن القواعد التنفيذية لصرف العلاوة مسألة روتينية تحدد إجراءات الصرف ونسبة العلاوة حسب الدرجات الوظيفة والمسميات، اعتمادا علي تاريخ التعيين والعمالة المؤقتة والدائمة. وأضاف: الزيادة في العلاوة هذا العام إجراء ممتاز، لأن العالم كله يتحدث عن أزمة غذاء وارتفاعات في الأسعار، بما فيها المنظمات الدولية ذات الصلة، لافتا إلي أن الزيادة في العلاوة تناسب ارتفاعات الأسعار. ولفت إلى أن هناك قواعد منظمة لدي المجلس القومي للأجور ويمكن تطبيقها، لافتا إلي أن العمال سواء حكوميين أو في شركات خاصة، يمكنهم أيضا اللجوء لمجلس الأجور في حالة عدم صرف العلاوة لهم، خاصة أن القانون الحاكم يلزم بصرف علاوة بحد أدني 7% إلا أنه قال إذا كان القطاع الخاص ممثلا في شركة أو عدد من الشركات لا يستطيع، يمكن إعفاؤه بعد التحقق من عدم قدرته فعليا علي الصرف حتى لو كان الحد الأدنى لها. كما شدد الدكتور عبد الحميد الغزالي على ضرورة تدبير الأموال اللازمة للعلاوة من خلال موارد حقيقة أولها تقليص دعم الطاقة بالنسبة للصناعات كثيفة استخدام الطاقة مثل مصانع الحديد والأسمدة خاصة وأن دعم الطاقة يحتاج إلي 35 مليار جنيه سنوياً، بينما لا تحتاج العلاوة الجديدة إلي مثل هذا المبلغ . ويضيف الدكتور الغزالي : أن تحصيل الضرائب من كبار الممولين والمتهربين من أداء الضريبة قد يساهم بشكل كبير في تدبير بعض من الموارد المالية اللازمة لتغطية الزيادات في الأجور . وعن اتجاه الحكومة لإصدار بنكنوت للحصول على الأموال للازمة للعلاوة يؤكد الدكتور عبد الحميد الغزالي أن إصدار البنكنوت ليس مورد حقيقي يمكن الاعتماد عليه وإنما ما هو إلا أحد الإجراءات التضخمية التي يتبعها زيادة في الأسعار، مشيراً إلي أن أسرع الطرق وآمنها للتدبير موارد العلاوة هي تقليص دعم الطاقة . وأشار إلى أن هذه العلاوة لن يكون لها أي أثر إيجابي في رفع الدخول إذا ما لم يتم إجراء رقابة مشددة على الأسعار والعمل على عدم ارتفاعها.