محيط – زينب مكي : تضاربت أراء الخبراء حول جدوى تحركات مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي لاحتواء أزمة الرهن العقاري والتي كان أخرها قراره بخفض سعر الفائدة 75 نقطة أساس إلى 2.25% الذي جاء ضمن سلسلة إجراءات بدأها المصرف المركزي في سبتمبر الماضي، لدفع شبح الركود الاقتصادي وحماية قطاع المال من الانهيار. أكد الاقتصادي الكبير جوزيف ستيجليتز أن هذه الخطوات لن تؤدي إلى نتائج ملموسة موضحا أن الأزمة المالية الراهنة في العالم هي الأسوأ منذ أزمة الكساد الكبير التي اجتاحت العالم في بداية ثلاثينيات القرن العشرين. وقال ستيجليتز في تصريحات لإذاعة نيوزيلندا إن قرارات مجلس الاحتياط الاتحادي لن تؤدي إلا إلى انتعاش طفيف وقصير الأجل ولكنه لن يعالج المشكلات الأساسية التي تهدد بانهيار النظام المالي. وكان ستيجليتز الحاصل على جائز نوبل في الاقتصاد عام 2001 قد تولى منصب كبير خبراء الاقتصاد في البنك الدولي ورئيس المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. وأضاف إن المشكلة الرئيسية تكمن في وجود حوالي مليوني أسرة أمريكية ستفقد منازلها بسبب عدم قدرتها على سداد القروض التي تجاوزت قيمتها قيمة تلك المنازل نتيجة التراجع الحاد في أسعار العقارات، مشيرا إلى أنه مع فقدان الناس لمنازلهم سوف يعلنون إفلاسهم الأمر الذي يهدد القطاع المالي كله. واتهم ستيجليتز إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بمساعدة البنوك والمؤسسات المالية لمواجهة الأزمة الراهنة لكنها لا تحاول مساعدة الفقراء لكي يحتفظوا بمنازلهم بما يعزز سوق العقارات الأمريكية. وعلى الجانب الأخر رأى خبراء مصرفيون أن قرار الاحتياطي الفيدرالي ساهم في تحقيق مؤشرات الأسهم مكاسب فورية محترمة وتقليص الورقة الخضراء خسائرها في مقابل اليورو والجنيه الإسترليني. ونقلت صحيفة الحياة اللندنية عن محللون أن هذه الخطوة الجريئة، عزّزت فعلاً آمال المتعاملين في أسواق السلع بأن المجلس، بخفض سعر الفائدة ثلاث نقاط مئوية منذ ظهور مؤشرات كارثة الرهن العقاري في سبتمبر الماضي، ودعم السيولة في قطاع المال بضخ مئات بلايين الدولارات، ومباركة محفظة الإنعاش الاقتصادي التي تبناها الكونجرس أخيراً، سينجح في درء أخطار الركود وبالتالي تقليل احتمال انخفاض الطلب على الطاقة والمواد الأولية والغذائية، ما فسر الارتفاع المفاجئ في أسعار غالبية هذه السلع، لا سيما النفط والقمح والذرة في بورصة شيكاغو، مع إعلان خفض الفائدة، بعد تراجعها بحدة في اليوم السابق. وعزا محللون الأداء القوي لمؤشر المال الفرعي، بعد شهور من الضعف، إلى أن خفض الفائدة يحفز نشاط الإقراض بين المصارف ويخفف أعباءه، إضافة إلى تراجع المخاوف من أن تدفع خسائر الرهن العقاري، عملاقي صناعة الاستثمار المصرفي والوساطة "جولدمان ساكس" و "ليمان برازرز" في طريق الانهيار الذي سبقهما إليه رفيقهما "بير ستيرنز". وفي أسواق الصرف حقق الدولار مكاسب فورية طفيفة أمام العملة الأوروبية الموحدة والجنيه الإسترليني، عزاها محللون إلى عمليات تعديل في المراكز، استوجبتها خيبة آمال المتعاملين الذين توقعوا من المجلس 100 نقطة أساس، لكن خبراء الصرف نبهوا إلى أن هبوط الفائدة الأميركية إلى مستوى 2.25% أخذ من الدولار أحد أهم عوامل القوة المتبقية له إذ رفع فوارق عائده الاستثماري إلى 1.75 في المئة أمام اليورو و3% في مقابل الجنية الإسترليني وخمسة وستة في المئة أمام العملتين الأسترالية والنيوزيلندية على التوالي. وتوقع خبير الصرف في "مورجان ستانلي" ستيفن جين، أن يتابع الدولار مساره الهابط إلى أن تتخذ السلطات النقدية في الدول الصناعية الكبرى ومعها الصين والسعودية، قراراً بالتدخل في أسواق الصرف لدعمه.