الدار البيضاء : بمناسبة تقديم إصداره الجديد "جون جونيه: الكذاب الرفيع" نظم المركز الثقافي الفرنسي بالتعاون مع سلك مهن الكتاب الذي أداره قاسم باصفا ، لقاء بين الكاتب المغربي الكبير الطاهر بن جلون، مع طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية "عين الشق" بالدارالبيضاء، وتلك هي المرة الثالثة. وذكرت الزميلة حليمة الإسماعيلي في "وكالة أنباء الشعر" أن بن جلون فضل في مستهل حديثه التعريف بالكاتب جون جونيه، الذي يتمحور حوله إصداره الأخير، حيث ذكر أنه يعد من بين أكبر الكتاب باللغة الفرنسية في القرن العشرين، وأن له العديد من المسرحيات التي يتم تشخيصها في العالم بأسره، كما أن أشعاره، ما زالت تحافظ على قوتها رغم مماته. كما أشار إلى انحراف جونيه، نتيجة كونه ترعرع بعيدا عن والديه، بل إنه لم يلتق بهما قط، واحترف السرقة، وألقي القبض عليه عدة مرات، حيث أمضى سبع سنوات وراء القضبان، في فترات متباعدة. غير أن ما سيحرره من السجن، هو ممارسته للكتابة، كتابة كلاسيكية قوية، أثارت إعجاب أدباء بارزين، من قبيل جون بول سارتر وكوكتو، وهو ما جعلهما يتدخلان لأجل إطلاق سراحه. ومن ميزات جون جونيه، أنه كان يكتب بغزارة وبسرعة. وانتقل بن جلون، بعد ذلك للحديث عن الظروف التي جعلته يتعرف على جونيه وتتمتن العلاقة بينهما،أنه قرأ روايته "مذكرات لص" بالنظر لكونها تتضمن فصولا عن مدينة طنجة، فاكتشف أنه كتاب عنيف ومذهل. غير أنه سيفاجأ بعد ذلك بأن جونيه، كتب مقالا عن أدبه ونشره في جريدة لوموند، رغم أن بن جلون كان آنذاك في بداية مساره الإبداعي. وفي أول لقاء بينه وبين جونيه، وجده في حالة نفسية صعبة، بسبب ردود الفعل المضادة التي أثارها أحد مقالاته، فكتب بن جلون مقالا تضامنيا معه، ونشره في الجريدة الأكثر مقروئية بفرنسا. واستحضر بن جلون كذلك، مبادرة قام بها جونيه، والتي تحسب له، وهي المتمثلة في قراره الالتحاق ببيروت على إثر مجزرة صبرا وشاتيلا، حيث كان في عين المكان في اليوم الموالي للمجزرة، إلى حد أن الجثث كان لا تزال متناثرة على الأرض، وخرج من هذا الاستطلاع، بنص قوي، يتمثل في "أربع ساعات في شاتيلا"، الذي ضمنه شهادته على المجزرة. وبحسب "وكالة الشعر" ختم جون جونيه تجربته الأدبية، أواسط الثمانينات، بكتاب عظيم - على حد قول بن جلون- وهذا الكتاب هو الأسير العاشق، وقد اعتبر بن جلون، أنه ليس عن فلسطين، وإن كان يطرح قضايا وإشكالات ذات ارتباط وطيد بفلسطين، غير أنه في الجوهر، حديث حول المؤلف نفسه، وحول بحثه عن والدته بالخصوص، حيث ظل يحمل عذاب افتقاده لحنان الأم. مذكرا بأنه قاوم لإتمام هذا الكتاب، وهو في آخر أيام حياته.