يبدأ كتاب "الأساطير الهندية" الصادر عن دار المشارق بالقاهرة إعداد وترجمة محمد شاهين باستعراض موسع للهندوسية التي خرجت منها بقية الديانات الأخرى مثل البوذية والجينية. وكلمة هندوس مشتقة من اسم نهر سيندهو او اندوس "السند". وتتركز حالياً في الهند والبلاد المجاورة. ووفقا للكتاب يبلغ عدد الهندوس في العالم حوالي 900 مليون يعيش عشرون مليون منهم خارج الهند وبذلك تحتل الهندوسية المركز الثالث بين أديان العالم الكبرى بعد المسيحية والإسلام. وتعترف الهندوسية بأن هناك كثير من الطرق التي يستطيع بها البشر البحث عن الفهم الديني وإدراكه وكذلك التوجه الديني, وتؤكد أيضاً أن كل فرد لديه القدرة الكافية على الوصول لحالة ومرحلة التنور. ويعرض الكتاب للطقوس الهندوسية التي يمكن للفرد الهندوسي أن يمارسها بمفرده أو مع أفراد عائلته أو قريته أو منطقته سواء في المنزل أو في المعبد. ويمكنه أيضاً أن يمارسها بكثرة أو بقلة ، ويمارس الهندوسي تلك الأنشطة من خلال ثلاثة أنواع من الطقوس هي: إشعال نار القربان, تقديم قرابين الوفاء - التي عادة ما تكون أزهاراً - والتأمل. ومن أشهر هذه الطقوس - وفق ما كتب موفق محادين بصحيفة "العرب اليوم" الأردنية -: "البيندي" أو النقطة الحمراء التي تضعها المرأة الهندوسية على جبينها فهي علامة لليمن والبركة ورمز للحظ الجيد. وتوضع تلك النقطة على "تشاكرا" أي نقطة الطاقة على الجبين بين الحاجبين بما يساعد المرأة على التركيز اثناء التأمل. ومن بين الطقوس الدينية في مراسيم الزواج عقدة تربط بين ثياب العروس والعريس يدوران بعدها سبع مرات حول نار يرونها مقدسة حيث تقوم تلك النار "المقدسة" بدور الشاهد على النذور التي يقطعها العروسان على نفسيهما بالوفاء والاخلاص والتعاون مع بعضهما بعضا. اما طقوس الموت فهي تسمى الترميد "حرق جسد المتوفى حتى يصير رماداً" وبعد انتهاء تلك الطقوس يجمع رماد جسد المتوفى ويوضع على ضفة أحد الأنهار أو يلقى فيه وتظل أسرة المتوفى تقدم لروحه طعاماً خاصاً يتمثل في أرز مطبوخ على صورة كرات لمدة عشرة أيام. وإن لم يحدث ذلك - أثناء انتظار المتوفى للميلاد الجديد - فانه في التصور الهندوسي يعاني الموقف الاكثر سوءاً حيث تظل روح المتوفى هائمة في عالم الاشباح. العناصر الأساسية للهندوسية وفقا للكتاب: عقيدة الدهارما وهي تصور بالغ الأهمية بالنسبة للهندوس, ويعني العقيدة والنظام الأخلاقي, ويشير أيضاً إلى طريق المعرفة والسلوك القويم. وتعد أيضا الخبرة المباشرة من العناصر الأساسية للهندوسية التي دائما ما تقوم بتجريب الأفكار الجديدة واستيعابها، أيضا عنصر "البراهمان: الحقيقة المطلقة" حيث أن الهدف الأسمى للوجود هو إدراك هوية الذات الداخلية العميقة لدى الإنسان أو التوحد معها من خلال الحقيقة المطلقة. وتعد اليوجا هي العنصر الرابع من عناصر الهندوسية التي تعتبر أن شخصية الباحث عن البراهمان هي نقطة البدء المهمة, وتقسم الشخصيات الإنسانية إلى أنماط تحددها التركيبة البدنية, ومستوى النشاط, والحالة الانفعالية أو العقلية. والتركيبة العامة لشخصياتنا تجعلنا مستعدين بالفطرة لأحد انواع اليوجا. والعنصر الخامس والأخير هو "اتمان: الذات الداخلية" حيث ترى الهندوسية أننا نحن أيضاً كبشر جزء من ذلك الكون المتغير وأننا بتحقيقنا الوعي بتلك الذات الداخلية وتوحيدها مع البراهمان لا نحصل على السعادة فحسب بل نحصل أيضاً على ال "موكشا" أو التحرر من سلسلة الحياة المتتابعة. فالحياة التي نحياها حالياً ليست أكثر من حلقة من سلسلة من الحياة الضاربة في أطناب الماضي والممتدة الى آفاق المستقبل ويسمى القانون الذي يحكم السامسارا "قانون الكارما" وينص مذهب الكارما على أن حالنا الحاضر في الحياة هو نتيجة لما قمنا به من أفعال في حياتنا السابقة. كما يعرض الكتاب - وفقا لنفس المصدر - للبوذية التي نشأت في شمال شرقي الهند على أساس تعاليم سيدهارتا جوتاما والمعروف بلقب بوذا اي المتنور. الذي ترجح ولادته 563 قبل الميلاد. رفض بوذا جوانب مهمة في الفلسفة الهندوسية وشكك أيضا في سلطة الكهنوت وأنكر صلاحية نصوص الفيدا ورفض العبادات القائمة عليها والتي تتضمن تقديم الأضاحي. إضافة لكل ذلك فقد فتح أبواب حركته لأفراد من الطبقات الاجتماعية كافة ورفض ما تؤكد عليه الهندوسية من أن الاهمية الروحية للفرد تحددها طبقته الاجتماعية. الحقائق الأربع السامية في البوذية هي: الحياة معاناة، كل المعاناة الإنسانية نتيجة للجهل بطبيعة الحقيقة المطلقة، يمكن التحرر من تلك المعاناة من خلال التغلب على الجهل والتحرر من الرغبات الجارفة، وطريق التحرر من المعاناة هو "الطريق الثماني السامي" ويتكون من: الآراء الصحيحة, النية الحسنة الحديث اللائق, السلوك القويم, الحياة المستقيمة, الجهد المخلص, العقلية السليمة, والتأمل والتفكير العميق. والوصول لهذا الهدف يعني الوصول لحالة النيرفانا, وهي حالة متنورة تنطفئ فيها نار الطمع والكراهية والجهل. ويؤكد البوذيون على اختلاف هذه الحالة عن حالة العدم الكامل حيث أن النيرفان هي حالة للوعي تتجاوز الكلمات وتسمو على التعبير عنها.